لا أحد ينكر نهضة الشعوب العربية ضد الطغاة، ولا يمكن التخمين بنتائج هذه الانتفاضات الآن. من أحد الطرائف التي يشير إليها البعض هو جواب رئيس جمهورية الصين الشعبية أثناء زيارته لأمريكا في الألفية الماضية، لسؤال عن رأيه في الثورة الفرنسية. كانت إجابته أيامها بأن لا أحد يعرف نتائج هذه الثورة إلى الآن!!!. ما حدث أيامها هو أن مترجمة السؤال ارتبكت وتصور الرئيس الصيني أن السؤال يتعلق باضطرابات وتظاهرات في باريس في العام السابق لزيارته. رغم ذلك فالجواب الظريف لا يخلو من الصحة، وربما نتائج الربيع العربي لا تزال غير واضحة إلى الآن.
تدخل الجيش المصري للقضاء على الرئيس مرسي وتم توجيه التهمة بعد الأخرى له ومنها تعاونه أو تآمره مع منظمة حماس، وهي مسألة تثير العجب بعد أن تم وضع هذه المنظمة في إطار المثالية من قبل الأنظمة العربية الديكتاتورية من ملكية وجمهورية وشبه ديمقراطية. بعدها وجه رجل مصر القوي الآن ندائه إلى الشعب للتظاهر من أجل تفويضه للقضاء أو الحرب على الإرهاب. خرجت الجماهير ولا أحد يعرف العدد هل هو إضعاف الألف أو أضعاف المليون. لكن المأساة أن يذهب ضحية هذا النداء أكثر من 100 مواطن مصري. أصبحت الديمقراطية مسؤولية العسكر ويحملها عبد الفتاح على أكتافه.
هذا ما يحدث في شمال أفريقيا وهناك حدث آخر لا يختلف كثيراً في إطاره في جنوب القارة. لا يزال الصنديد العسكري من زمبابوي يحمل على أكتافه ديمقراطية شعبه. متى ما هبت الرياح عكس ما يحب ينادي العسكر من أنصاره ومن حزب الزانو للثورة والبلطجة على المعارضة. نجح روبرت موغابي بتدمير اقتصاد بلده بجدارة ولكن أفريقيا السوداء لم تسمح للغرب في التدخل بشؤونها اعتزازاً بكرامتها رغم كراهية الزعماء الأفارقة لروبرت وأعوانه. هذا عكس نداء المجاهدين من سوريا والعراق وليبيا فتسولهم عند الغرب لا يثير إلا الاشمئزاز وعلى رأسهم رئيس الجامعة العربية.
تتهيأ زمبابوي للانتخابات يوم 31 تموز ولا أحد يتصور بأن هزيمة روبرت ستكون ساحقة. تتهيأ مصر لانتخابات جديدة العام المقبل تحت عيون عبد الفتاح الذي توعد بحمل الديمقراطية على أكتافه. ما على الجميع إلا الانتظار.
كان زعماء الجيش المصري يتحكمون في سياسة البلاد من خلف الكواليس على عكس قائده الحالي. لا يزال هذا الجيش المتكون من 450000 رجل يحظى باحترام الأغلبية من الشعب المصري لسبب أو لآخر. فقد الإخوان شعبيتهم ولكن رغم ذلك فإن الأرقام الصادرة من مصر حالياً تشير إلى 25% فقط من الشعب يساندهم وهذا ما يقارب 20 مليون مصري. كان خطاب عبد الفتاح يوم 24 تموز ودعوته لتفويض من الشعب يوم 26 تموز بعيداً عن الممارسات المدنية والديمقراطية، وبصراحة لا يختلف تماماً عن الحصول على إجازة للقتل.
لا يريد الشعب المصري سوى الأمن والسلام وعسى أن يطلب عبد الفتاح من الآخرين حمل أثقال الديمقراطية لخير شعبه ونهضته. هذا سيضمن عدم وضعه في صفحات تاريخية تحمل أسماء روبرت وعبد الفتاح.
واقرأ أيضاً:
صفقة بين مرسي والرعية... إغريقية أم صينية؟ / جمهورية مصر الإسلامية / سلطان هذا الزمان بين مرسي وسيرة عثمان / من سينقذ مصر؟ / البحث عن قائد للشعب