لا شك بأن أحد مظاهر شهر رمضان الكريم هو العطاء الفني العربي من خلال الشاشة الفضية أو جهاز التلفاز. يتم إنتاج وعرض معظم الإنتاجات الفنية في هذه الفترة الزمنية ويتم تكرارها هنا وهناك طوال أشهر السنة بعد ذلك.
في هذا العام هناك العديد من هذه الأعمال والذي يلفت النظر فيها بأنها غامقة اللون والأحداث ومقرفة أيضاً. ربما هناك بعض الإسراف في هذا الرأي الشخصي إن تم تعميمه على جميع الأعمال الفنية ولكنه معتدل جداً بخصوص مسلسل الشك الذي يتم عرضه عبر قناة دبي الفضائية.
موضوع هذا المسلسل كثير التكرار. مع المال والثروة هناك الحقد والقتل والغدر. الشك هو في كل نوايا الإنسان وحتى نسبه، والمؤامرات تكاد تكون في كل لحظة ودقيقة. لو كان هذا العمل الفني فلماً سينمائياً لغادر المشاهدون صالة العرض قبل نهاية الفلم.
لكن رداءة هذا العمل الفني تتوازى مع رداءة الأوضاع السياسية والاجتماعية في العالم العربي والشكوك التي تحوم حول كل ما يجري في الأقطار العربية ونوايا ما يسمى بالعالم الحر وغير الحر في مستقبل هذه المنطقة التي لم تشهد الراحة لأكثر من قرن من الزمان.
شهدت مصر تحرك الجيش وإسقاط محمد مرسي وصاحب ذلك سفك دماء بريئة واعتصام لم ينتهي في رابعة العدوية. هناك تحرك سياسي لاحتواء الأزمة ونفي محمد مرسي إلى السعودية ليكون بجوار الرئيس التونسي المخلوع زين العابدين بن علي. يتم تبادل الاتهامات بين أنصار حركة تمرد والإخوان المسلمين حول إشعال نار الفتنة والإعلام الغربي يلتزم الحياد بعض الشيء توازياً مع الحكومات الغربية.
رفضت الإدارة الأمريكية تصنيف الحركة انقلاباً عسكرياً لضمان استمرار المساعدات العسكرية للجيش المصري رغم أن فعاليته العسكرية تدهورت مؤخراً مقارنة بقوته الاقتصادية. يتحدث الإعلام الغربي والعربي عن التأييد المطلق للجيش من قبل السعودية وتأييد قطر وقناتها للإخوان. الجميع في انتظار قائد مصر الجديد ومن العسكر أيضاً مرتدياً نظارة سوداء. لا عجب أن تسمع عن شكوك العالم في ما جرى ويجري وسيجري في مصر حتى حين انتخاب رئيس جديد.
انتشر الهلع في جميع أنحاء العالم بعد أن أعلنت الإدارة الأمريكية عن قرب هجوم جديد لإرهاب القاعدة. صاحب ذلك فرار أعداد لا يستهان بها من المجرمين المرتبطين بهذا التنظيم من العراق وأفغانستان وباكستان وتفننهم في قتل الأبرياء في كل مكان من جميع الأجناس والأديان. تثار الشكوك حول تمويل وتسهيل أعمال الإرهاب في العالم العربي، فهذا الإجرام حاله حال أي إجرام منظم في العالم من كولومبيا إلى جنوب شرق آسيا يحتاج إلى تمويل هائل ومنتظم.
البعض يوجه أصابع الاتهام نحو الخليج العربي الذي أصبح يشار إليه بأنه نصير الإسلام السني مقابل إيران نصير الإسلام الشيعي1. هذا المصطلح الجديد أصبح كثير الاستعمال في الصنداي تايمس والتايمس وبقية الإعلام الفضائي وغير الفضائي. يتجاوز البعض إلى توجيه التهم نحو الإدارة الأمريكية وإسرائيل.
الإرهاب والفوضى في تونس وليبيا واليمن وتونس وبدأ سلاح الجو التونسي بالتحرك مؤخراً. أما العراق فقد أصبح الإرهاب فيه مرضاً مستوطناً. أما السلاح فلا نهاية لتصديره إلى بلاد الشام وتحول الصراع في سوريا إلى حرب دينية بين الإسلام السني والإسلام الشيعي بعد دخول حزب الله المعركة إلى جانب الجيش النظامي السوري. هذا الصراع الديني بدأ الآن ينتشر باتجاه لبنان وبدأت القرى السنية اللبنانية تتهيأ لدخول الحرب2.
ولكن هناك جانباً آخر لمشاكل العالم العربي. جلست منظمة التحرير الفلسطينية تتفاوض مع إسرائيل في واشنطن تحت رعاية رسول السلام جون كيري. هذا التجمع ليس بالجديد وخاصة في مرحلة الرئاسة الأمريكية الثانية. ابتهج العرب قبل عدة أشهر بالانتصار المزيف لصمود حركة حماس لهجمات جيش الدفاع الإسرائيلي. دخل محمد مرسي أيامها أول تجارب السياسة الخارجية وزار أمير قطر غزة وقررت حماس طلاق إيران والأسد. ولكن لا يبالي أحد بغزة اليوم وتم إغلاق المعابر ثانية وأثبتت حماس وقادتها غبائهم فكرياً وسياسياً.
ربما من كتب قصة وسيناريو هذا المسلسل الرديء والغامق اللون كان الشك في ذهنه حول ما يجري في مصر والعالم العربي.
المصادر
1- الصنداي تايمس 4 اب 2013
2- صحيفة التايمس 5 اب 2013
واقرأ أيضاً: