ظهر في منطقة طولكرم/فلسطين رجل دين كان يصفه الناس بالتقي والورع الذي يحفظ ميثاق الله سبحانه وتعالى وعهود الناس ويرعى شؤونهم. عُرف عن ذلك الرجل أنه كان يواظب على صلاة الفجر جماعة في المسجد، وكان يحتفظ بلحية طويلة منسقة جيداً، ويحمل سبحة طويلة ويستمر في الأدعية ولا يكل من قول "الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله"! وعُرف عنه أنه كان يستفسر عن أحوال المواطنين، وكان يُقدم للمحتاجين الدعم المالي والغذائي "إحتساباً ومحبةً". وكان يُمارس أعماله الخيرية باستمرار وتحت جُنح الظلام "ليبقى بعيداً عن أعين الصهاينة اليهود". وقد عُرف أنه مسلم وطني، ويسهر الليالي الطوال وهو يُخطط مع الشباب الخطوات التي يجب اتباعها في قتال جيش (إسرائيل).
تبين فيما بعد أن هذا الرجل كان جاسـوسـاً يعمل مع المخابرات الإسـرائيليـة..!!؟؟ علّمتـه مخابرات (إسـرائيل) كيف يُمثل دور المسـلم الورع والتقي الذي يمد يد المسـاعدة للناس ويكسـب ثقتهم، وذلك لكي يعرف أخبارهم وأسـرارهم ويوصلها لمخابرات (إسـرائيل)! كان لدى المخابرات الإسـرائيلية الاسـتعداد لتوظيف بعض الأموال لهذا الجاسـوس لكي يكون صاحب اليد الطولى فيطمئن لـه شـباب المنطقـة ويبوحون لـه بأسـرارهم الوطنيـة والجهاديـة وخططهم المسـتقبليـة. كان هذا الشـيخ المزيف مصيدة ممتازة للشـباب وقدّم خدمات كبيرة للمخابرات الإسـرائيليـة. ولم يُكشـف أمره إلا بعد أن دفع شـباب فلسـطين ثمناً باهظاً..!!
أما في قطاع غزة، فقد حاول بعض الشباب المتدينين الذين كانت لديهم الرغبة والإرادة للقيام بعمليات استشهادية ضد الجيش الإسرائيلي، ولجأوا لترجمة نواياهم إلى رجل دين عُرف "بورعه ومواقفه المعادية جداً (لإسرائيل)". لكن لاحظ بعض هؤلاء الشباب أن العبوات الناسفة التي حملها استشهاديون قد انفجرت في مواقع غير تلك المواقع المحددة، وأن الخسائر كانت تقتصر على قتل الاستشهادي فقط؛ أي أن هذه العبوات كانت مبرمجة بطريقة معينة وتتحكم (إسرائيل) بتفجيرها، وكانت تنفجر في أماكن خالية من الجنود الإسرائيليين ومن المدنيين اليهود. انكشف أمر مولانا الشيخ بعد ذلك وتبين أنه عميل (لإسرائيل).
براعة أجهزة المخابرات في التجنيد
أجهزة المخابرات بارعة بصناعة شخصيات تتقمص أدواراً متعددة لتحقيق أهدافها، وهذا شأن عالمي وليس منحصراً فقط في المنطقة العربية الإسلامية. لكن بسبب خصوصية المنطقة، تُركز أجهزة المخابرات على صناعة متدينين وتُدربهم على كيفية التصرف تِبعاً لمختلف المواقف. وفي الغالب يتمرن هؤلاء على الدين التعصبي الغبي الذي لا يرى أبعد من أنفه حتى لا يتركون مجالاً للمتعقلين بتهدئة الأمور أو التسامح أو التفكير المنطقي. وبسـبب المدّ الإسـلامي الذي تشـهده المنطقـة، ركزت أجهزة المخابرات العربيـة -وعلى رأسـها الأردن ومصر والسـعودية، وأجهزة مخابرات (إسـرائيل) وأمريكا- على إنشـاء أقسـام مخابراتيـة خاصـة لاسـتقطاب الجواسـيـس والعملاء وتدريبهم على اسـتقطاب وقيادة أشـخاص وجماعات متدينـة ترغب في الشـهادة من أجل تحقيق الفوز العظيم في الآخرة.
هناك دوائر مخابراتية في الأردن ومصر والسعودية و(إسرائيل) ومصر تقوم بتعليم الدين بأبشع صورة لكي تستخدم المهووسين للقيام بأعمال إجرامية وفتنوية تؤدي في النهاية إلى تحقيق الفوائد الجمة لهذه الدوائر والأنظمة السياسية المشرفة عليها. ترتكز هذه الصورة الدينية البشعة على عنصرين وهما: الضلال الغيبي والجهاد التخريبي. تُركز هذه الأجهزة على تحويل الدين الإسـلامي إلى دين أسـاطير غيبيـة حول عذابات القبور وحركات الأرواح وتصرفات الملائكـة وأسـاليب أهل الجن في بث الهدى والضلال، وحول أهوال جهنم ونِعم الجنـة بخاصـة الحور العين. هي تُسـهب كثيراً في وصف الحياة الآخرة، وليـس فقط يوم القيامـة وإنما الحياة التي تبدأ بعد الموت مباشـرة، وتغرس في الدارسـين هوس اسـتعجال الموت لحيازة الامتيازات والنِعم التي لا تُحصى. أي أن هذه الدوائر تُحول تلاميذها إلى سـكارى يهيمون في عالم غيبي يظنون أنـه الحقيقـة المطلقـة التي يعجز الإنسـان العادي عن التوصل إليها..!!
الكذب على لسان نبي الله
المشـكلـة الأكبر في هذا التدريـس تتمثل في الكذب على لسـان نبي الله عليه الصلاة والسـلام، والاسـتناد إلى أقوال موصوفـة بأنها آحاديث نبويـة؛ فهم لا يسـتطيعون اسـتخدام القرآن للكذب، لكنهم يُحاولون التلاعب بالتفاسـير، لكنهم يعتمدون على كل الأكاذيب التي تناقلتها أجيال على أنها من أقوال وأعمال النبي عليه الصلاة والسـلام! لقد فتح العديد من السابقين أبواب الكذب على النبي بهدف الفتنة بين المسلمين أو بهدف تثبيت الحاكم الظالم، وهذه الأحاديث الكاذبة والتي تركز على القتل والذبح والإقصاء والإجرام تُستخدم بكثافة الآن. بهذه الطريقة يُضللون الشباب المسلم ويدفعونهم إلى الإجرام ظناً منهم أن طوابير الملائكة والحوريات بانتظارهم على أبواب الجنة!
يُساعد التدريس الديني التقليدي الذي يتعلمه المسلم في رياض الأطفال والمدارس والجامعات على تحقيق النتيجة المبتغاة وهي إحداث الفتنة وسفك الدماء خدمة لاستمرار هيمنة الحكام والاحتلال. التدريس الديني يُعطي أولوية للغيبيات والشعائر، وقلما يُعلم الناس حول تحمل المسؤولية والإلتزام وخدمة الصالح العام وظلم الحاكم وحُسن توزيع الثروة والثورة على الاستغلال وتحقيق العدالة بين الناس. إنه تدريس أبله يُعلم الناس الخنوع والهروب من المواجهة في الحياة الدنيا، ويحصرهم في مجرد البحث عن أقصر الطرق الكهنوتية لجمع الحسنات.
والحكام سعداء بمثل هذا لأنهم يريدون شعوباً مغيبة الوعي وهاربة من مواجهة همومها. وبما أن أغلب الحكام العرب منصبين من قبل الاستعمار الغربي أصلاً، واستمرار حكمهم مرتبط بمحافظتهم على (إسرائيل) وخدمة المصالح الأمريكية فإنهم يبقون أدوات عربية وإسلامية بأيدي المخابرات الإسرائيلية والأمريكية. الحكام، ومن والاهم، يُشكلون الحاضنة السياسية للشباب الواهم الذين يعيشون في تيه وضياع، وهم يُشكلون غطاءً لهم من أجل الاستمرار في أعمالهم المدمرة للأمة.
إنها جدليـة مترابطـة وواضحـة الأركان: بقاء الحاكم العربي مرتبط بالهيمنـة الغربيـة، (إسـرائيل) صنيعـة أهل الغرب، فالحاكم العربي خادم لهذه الصنيعـة. التدريـس الديني متخلف، والكذب على لسـان النبي محمد عليه الصلاة والسـلام يملأ الكتب، وشـعوب غير واعيـة، ونظرها إلى الجنـة عبر الإبتهالات وليـس عبر العبادات العمليـة. المال الغربي وفير وعصا (إسـرائيل) غليظـة، والحاكم رخيص صنع نظاماً سـياسـياً يسـترخص الناس. الرخص يزرع الغباء، والغباء يزرع الانقياد الأعمى، والانقياد الأعمى يزرع القنابل في مسـاجد الشـيعـة كما يزرعها في مسـاجد السُـنـة. يظن الغبي أن الجنـة بانتظاره، والحاكم يجلـس على عرشـه يُقهقـه فرحاً بتياسـة الأغبياء..!!
هؤلاء الأغبياء لا يخدمون فقط الحُكام وسـادتهم الصهاينـة والأمريكيين، وإنما يهدمون الإسـلام أيضاً لأنهم يصنعون رأياً عاماً واسـعاً ضد الإسـلام في بلاد المسـلمين وغير بلاد المسـلمين؛ هناك مسـلمون كُثر باتوا يكرهون إسـلامهم بفعل ما يرون من جرائم باسـم الإسـلام، وهناك نقمـة تتسـع في البلدان غير الإسـلاميـة على المسـلمين لأنهم باتوا يرون أن الإسـلام دين إجرام وسـفك ودماء!
الفتنة السنية الشيعية
كنت واضحاً عام 1979 في كتابي المعنون سقوط ملك الملوك إذ قلتُ فيه إن الحكام العرب وأمريكا و(إسرائيل) ستتبع عدة سياسات من أجل التخلص من النظام الإيراني الجديد وعلى رأسها إحداث فتنة شيعية سُنية. أعلن النظام حينئذ عدة خطوات ضد (إسرائيل) وأمريكا، وبدا واضحاً أنه سيُحاول النهوض بدور إيران الشيعية في المنطقة وعلى الساحة الدولية. المساس بالدور الأمريكي ممنوع، وتهديد (إسرائيل) يُشكل خطراً على الأنظمة العربية بما فيها نظام منظمة التحرير الفلسطينية، وكان لا بد من محاصرة إيران وضربها عسكرياً والعمل الدؤوب على إحداث فتنة بين السنة والشيعة.
ولهذا أرى أن الذين يقومون بأعمال الفتنة بين المسلمين، وبخاصة أعمال التفجير والاعتداء على أماكن الشعائر، هم أنفسهم الذين شنوا الحرب على إيران في بداية ثمانينات القرن الماضي. شعر هؤلاء بجدية الخطر الإيراني على (إسرائيل) ومصالح الولايات المتحدة بعد عام 2000، وبحِدة أكثر بعد حرب عام 2006، فقرروا مضاعفة جهودهم الفتنوية في العراق وسوريا ولبنان، وسيذهبون إلى مصر إن أمكن.
وكمثال على الجهود الفتنوية، في فلسطين لا يوجد شيعة، وإن وجدوا فهم قلة قليلة لا تُشكل نسبة مئوية من السكان. لكن بسبب إعلام الفتنة، كنا نرى أفراداً من حركة "فتح" يتهمون "حماس" بأنها تنظيم شيعي، وأفراداً من "حماس" يتهمون "الجهاد الإسلامي" بأنه تنظيم شيعي، وبدأنا نسمع بعض خطباء المساجد الفاسقين الذين يتلقون أوامرهم من الأوقاف يشتمون أهل الشيعة ويُثيرون الفتنة. وطبعاً هذه تهمة لأن الإعلام الفلسطيني والعربي أخذ يُصور أهل الشيعة على أنهم ضالون ومسلمون مزيفون، ويفترون على الإسلام والمسلمين. وإذا كان هذا يحصل في فلسطين، فكيف هو الوضع في لبنان التي يُشكل شيعتها مكوناً أساسياً وكبيراً من شعبها!؟
وفي نهاية هذا المقال، أقول لأهلنا اللبنانيين إن الثقة بالمزايدين خطرة جداً لأن هؤلاء هم في الغالب أعمدة الخيانة والعمالة (لإسرائيل). وحيث أنني أتابع ما يجري في لبنان بدقة، فإنني أُشير فقط إلى شخصية طرابلسية خطيرة جداً على لبنان، وهي لا تتورع عن الاستمرار في رفع وتيرة الشحن الفتنوي. هذه شخصية برلمانية متشنجة يجب الحذر منها بشدة، وأشعر كلما استمعت إلى حديثها أن البنادق تفتح فوهاتها في طرابلس وكل لبنان. إنها أ. ف.
واقرأ أيضاً:
الماسونية تغزو فلسطين/ الحذاء العظيم/ إلى القيادة السورية سوريا أمام مهمة تاريخية/ بطيخ جنين والخيانة الوطنية/ الرد ولو بصاروخ/ الاستيطان والكذب على شعب فلسطين/ الثور الأمريكي والمغامرات الحربية/ الثور الأمريكي يتقلص عجلاً!
التعليق: عفواً، فتنة ما بين السنة والشيعة عامة، أعتقد إن مفيش وفاق ما بين السنة والشيعة على حسب قراءتي عن الشيعة هي غالبا محرفة وفيها شرك بالله وديانة من صناعة اليهود كمحاولة لتحريف الإسلام.
جرائم الشيعة ضد السنة أحياناً أبشع من جرائم اليهود ودي معلومات عرفتها من ملف عن الشيعة عندي علي الكمبيوتر. سب الشيعة لبعض الصحابة وزوجة من زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفرق عن سب بعض الغربيين للرسول صلى الله عليه وسلم. أسباب كتيرة تخلي أهل السنة يكرهون الشيعيين. قد يشكك البعض في المسلمين الجدد بسبب مقال زي ده. ويفتكروا بإنهم مجندين من إسرائيل!
كراهيتي للشيعة والإيرانيين لا تقل عن كراهيتي للقتلة اليهود في اسرائيل والأمريكان القتلة المحتلين للمسلمين ولبشار والسيسي وغيرهم. كلهم ناس ملعونة عند ربنا إيديهم تلطخت بدم ناس مسلمين محرم قتلهم.
المسلمين المتدينين بيبقوا معروفين سيماهم علي وجوههم، على الإنسان إنه يحاول إنه يكون قريب من ربنا علشان ما يتخدعش في أى حد. يكفي دعاء الخروج من المنزل: اللهم إني أعوذ بك أن أضل أو أضل، أو أزل أو أزل، أو أظلم أو أظلم، أو أجهل أو يجهل عليّ