لكل طاقة مصب ومنتهى، وفي منتهى الطاقة ابتداء.
ولكل ابتداء مسيرة انطلاق ذات غاية وآليات ولادة وتفاعلات كينونة أخرى.
وهكذا دواليك، تبدلات الحياة، وتعاقب المتناقضات في فلكها الدوّار.
والحرية طاقة.
والديمقراطية طاقة.
ولابد لهذه الطاقات من توظيف وتآلف وتأليف لكي تجري الحياة في مجاريها، وتتحقق المساعي وتثمر الإرادات، وتتمتع الأيام بهذا التنوع والاختلاف، وتزهو في مروج الوجود الفواح بالعبق الخلاب، الجذاب للأطيار والفراشات ونبضات البهجة والجمال والرقاء.
وعندما تنحبس الطاقات، أو تجد أمام جريانها سدودا ومعوقات، فإنها تتسبب في الكثير من الآلام والإيلام والأوجاع والأمراض، مما يؤدي إلى تداعيات متوافقة مع درجة المنع والإحباط.
وفي عالمنا المنحبس المأسور بالآهات والمعوقات، وبمفردات الجور والامتهان والأسر في صناديق الباليات، وتنامي أعراض القاسيات، وتجدد علائم الويلات، لاحتشاد الطاقات في منحدرات وبالوعات، تحاول أن تفقدها ما فيها من الصيرورات الواعدة، والمنطلقات الصاعدة، وبتراكم مفردات الإحباط والخيبات، تحولت طاقات الحرية والديمقراطية إلى مصادر للتدمير والخراب وإذكاء آليات التوحش والصراع.
فبدلا من شق السواقي وتجريف الأنهار، والتنعم بطاقات الجريان، صارت الحياة ذات اتجاهات مضادة، وتحولات صادة، واندحارات حادة.
ولهذا فإن مجتمعاتنا تحصد الأشواك، وتتذوق حنظل الحالات، التي لا يمكنها أن تدوم، لأن المياه تجري وإرادة الكون الدوار تفرض قدرتها، وتنمي قوتها ولها الانتصار الحتمي.
وهذا يعني أن ما يحصل عبارة عن عوارض طارئة ستنهار وتنتهي، وستستعيد الحياة كرامتها، والحرية إرادتها والديمقراطية منهاجها.
فقد استنفدت المصدات زمنها وما ادخرته من القدرات، وتساقطت أقنعتها وتفندت حججها، وأصبحت الشمس ساطعة، والنهار أطول من ليل البهتان والأضاليل.
ولهذا فإن مشاعل الأمل بدأت تنير دروب الأجيال الآتية.
فقافلة الأنوار تمضي، وستكتسح الدروب المظلمة المتردية في عمه النسيان.
واقرأ أيضاً:
إطلالة على ضفاف الأمل!! / العنوان الديمقراطي!! / العولمة وضيق الأفق!! / أفكار حصان!!