فلسطينيون يُشاركون في صيانة وترميم مقبرة "الكزخانة" بيافا
شـكلت المقدسـات الإسـلاميـة والمسـيحيـة الجذور العربيـة لفلسـطين، وهو ما وضعها في دائرة أطماع المؤسـسـة الإسـرائيليـة الصهيونيـة التي شـرعت فور النكبـة عام 1948 في منع صيانتها وترميمها سـعياً لطمسـها..!! لكن ما تبقى من مقدسـات، يواجـه اليوم تحديات المصادرة والتهويد والاسـتيطان.
وتسـابقت الحكومات الإسـرائيليـة المتعاقبـة في الكيان الصهيوني على وضع يدها على المقدسـات وخاصـة في المدن السـاحليـة، وهوَّدت الكثير منها وحوَّلت إلى كُنُـس ومدارس تلموديـة، بينما صودرت الأراضي الوقفيـة لإقامـة مشـاريع فندقيـة وسـياحيـة وتجاريـة، ومازالت المسـاجد في دائرة الاسـتهداف والأطماع لتحويلها إلى مراقصٍ وملاهٍ ليليـة وحانات ومطاعم، ومنها ما تعرض للتدنيـس وبات أوكاراً للدعارة والمخدرات..!!
محمد أبو رياش: كل ما هو إسلامي أو مسيحي مستهدف في يافا
وادي حنين: يقف الناشط في الحركة الإسلامية محمد أبو رياش على أطلال بعض منازل يافا القديمة ومقدساتها، مستذكراً ما كان يتناقله أجداده عن حيّهم القديم في منطقة "وادي حنين" التي هُجّروا منها إبان النكبة لتُقام على أنقاضها مستعمرة "نيس تسيونا".
يقول أبو رياش إن كل ما هو عربي -إسلامياً كان أم مسيحياً- مستهدف في يافا، ولم يبقَ من هذه المدينة التي يقطنها 28 ألف فلسطيني اليوم سوى بعض المقدسات الإسلامية كالمقابر والمساجد، وبعض الكنائس المسيحية ومعالم حضارات قديمة تُعد شاهداً على عُروبتها.
وأضاف للجزيرة نت "نسعى لإثبات حقنا التاريخي والتصدي لمخططات التطهير العرقي وسياسة التهجير من خلال عملية النفير إلى المقدسات والأراضي الوقفية، فنحن في معركة تحدٍ وصمودٍ والمدينة أشبه بقنبلة موقوتة، فلولا صمود المساجد والكنائس لفقدت فلسطين هويتها العربية والإسلامية، ومشاريع الصيانة تُعزز صمودنا في وجه مؤامرة مصادرة البيوت وإخلائها من سكانها".
الحراك الجماهيري
واستعرض أبو رياش المحاولات الإسرائيلية لوضع اليد على جميع المساجد وإغلاقها، مشيراً إلى أن الحراك الجماهيري ومعسكرات التواصل ألزمتها على تحرير غالبية المساجد وإعادة إعمارها ورفع القيود عن المقابر وصيانتها. ويُضيف: "لكن السـلطات الإسـرائيليـة رغم ذلك مازالت تتحفظ على مسـجد الطابيـة وتُغلقـه بأمر عسـكري، بذريعـة أن صوت الأذان يُزعج اليهود الذين قدموا للسـكن والإسـتيطان في منازل اللاجئين الفلسـطينيين".
وأشار إلى المشاريع السياحية والتجارية التي تُقيمها السلطات الإسرائيلية على أراضٍ وقفية في تخوم جميع المساجد بيافا، وذلك بهدف طمسها وحجبها تمهيداً لمصادرتها حين تفرض مشاريع سياحية كأمر واقع، ومن ضمنها المشاريع السياحية التي تُحرك في تخوم المسجد الكبير الذي اختفى عن الأنظار، وساحة مسجد حسن بيك التي يُخطط ليُبنى فوقها مشاريع فندقية.
أما الحاج عزات الخطيب (74 عاماً) فقال للجزيرة نت "إن الواجب الوطني والديني يُحتم علينا المشـاركـة في صيانـة المقدسـات وترميمها ومنعها من الإندثار؛ فمقبرة "الكزخانـة" لا تضم آلاف القبور فقط، بل هي حضارة وثقافـة وثَّقت حقبـة تاريخيـة، وضمت رُفات الشـهداء والمقاومين من مختلف الأقطار العربيـة الذين تنَادوا للدفاع عن فلسـطين ومواجهـة الاسـتعمار البريطاني والعصابات اليهوديـة الصهيونيـة".
ويرى الخطيب أن مشاريع الصيانة والترميم للمقدسات في الداخل لها "معانٍ ودلالاتٍ كثيرة، أهمها تعويد النشء الجديد على ثقافة التطوع والعطاء وتعريفهم بحقيقة الصراع التي طالما سعت (إسرائيل) لطمسها بغسيل دماغ الأجيال الفلسطينية الناشئة".
زكي أغبارية: الآلاف يُشاركون في فعَّاليات التواصل مع التراث
نقطة تحول
ويُنبه رئيس "مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" زكي أغبارية إلى أن نقطة التحول في التعامل مع قضية المقدسات الإسلامية والمسيحية بدأت من منتصف ثمانينيات القرن الماضي. وأضاف: "فحتى تلك الفترة لم تحظِ المقدسات بالاهتمام المطلوب، خاصة أن المؤسسة الإسرائيلية شنّت منذ النكبة حملة شرسة على المقدسات والأراضي ووضعت اليد عليها تحت مسميات مختلفة وقوانين لمصادرة أراضي وعقارات اللاجئين".
وقال أغبارية للجزيرة نت إن الفعَّاليات الإسلامية والوطنية تنبهت إلى ملف المقدسات، فشرعت الحركة الإسلامية من خلال مؤسسة الأقصى في مشاريع خاصة لرصد وتوثيق المقدسات الإسلامية والمسيحية، إلى جانب جرد شامل وواسع للأراضي الوقفية والمقامات والمقابر والمساجد، و"مازلنا نواصل عملنا".
كما اعتبر أن "معسكر التواصل مع المقدسات الذي تحوّل إلى حدث تقليدي يُشارك به الآلاف من أبناء شعبنا، جاء لنُرسخ من خلاله روح التطوع والعطاء وتعزيز الإنتماء الوطني والقومي عبر تمسكناً ودفاعناً عن مقدساتنا التي هي تاريخ وحضارة ورمز لمعالمنا الثقافية والتربوية، وصيانتها تعني الحفاظ على الهوية الإسلامية والعربية للأرض".
اقرأ أيضاً :
نماذج مسلمة/ رسائل من الجنة(6)/ عرس للشهادة في كل بيت