لأسباب -يجدر بنا رصدها وتأملها- خرج المصريون الذين كانوا رفقاء الميدان منه بلا خطة لاستكمال ما بدأوه!!
شاع وقتها كلام بدائي يبحث عن قائد أو هيكل تنظيمي لهذه الجموع المتنوعة التي تضافرت في لحظة على هدف خلع مبارك، ثم لم تسأل نفسها، ولم تتحاور بما يكفي للحفاظ على هذا الاصطفاف الرائع الهش!!
غلبت الفهلوية المصرية حين ظن كل أو أغلبية ساحقة من أهل الحشد في الميدان أن مجرد الحشد سيحسم المواجهة مع سلطة فاجرة تعرف ضعفها، وتخسر جولة فتصبر وتخطط لتغير أطراف اللعبة وقواعدها، وتنتصر في جولة تالية!
لحظة محمد محمود كانت التجلي الأوضح والأفدح لغياب الخطة والخريطة، ولا أقول التنظيم، ولا القيادة، لأن ثورة يناير طرحت نموذجا مختلفا مبدعا وغير مسبوق للتحريك، لم يعط المصريون أنفسهم فرصة لتأمله، وتطويره، وغلبهم الاستسهال الذي هو جوهر الفهلوة!!
توهم الإخوان وظنوا -وبعض الظن إثم خاطئ- أن الحل يكمن في سحب الحشد بتوافقه الهش إلى صراع انتخابي يتنافس فيه شركاء ثورة وليدة، فينتج هذا الصراع حكومة وبرلمان يكمل الثورة!!
ولا يبدو الإخوان-رغم كل ما جرى- مدركين لجوانب خلل هذا التصور، بل يطمحون إلى تكرار نفس السيناريو، ولو بتغيير في تفاصيله!!
الشباب الثوري استشعر بحدسه خطأ الإخوان، ولم يتمكن من طرح خطة أو خريطة بديلة، وما يزال حائرا بين تجاوز الإخوان/مشروع (الدولة تكمل الثورة).. ونماذج أخرى ليست متبلورة بعد!!
الشباب الثوري لم يقدم سوى لحظة كربلائية ملحمية رائعة، لكنها ليست خطة، ولا خريطة، ولا رؤية، بل هي بديل عن هذا وذاك!!
ماذا تعلمنا من محمد محمود؟؟ وماذا تعلمنا ونتعلم من ما يمر بنا؟؟
لن نتعلم شيئا نافعا طالما نعتبر الاختيارات الخاطئة فشلا، ومن ثم نندفع للتبرير أو الإنكار أو التلاوم المتبادل!!
لن نتعلم طالما نعتبر الخطأ خطيئة، وإثما، وخيانة، بينما أي حكيم يعرف أن الخطأ هو فرصة التعلم الحقيقية!!
الذين يرون أن الخطأ مقدمة للعقاب سيهربون منه، فقط سينتفع منه الذين يرونه لحظة تعلم ينبغي أن نتحاور حولها، ونتأملها، بعد أن نحتفي بها، ونرصد تفاصيلها!!
ما نزال ندور في لحظة محمد محمود، لم نغادرها!!
لا خطة، ولا خريطة، ولا حوار، ولا تعلم، فقط لحظات كربلائية نتبادل فيها الأدوار، والعزاء، والغضب، ونتلاوم، ونتحسر، فيكسبنا الخصم، ليس بسبب ألمعية ذكاء، أو أسرار مهارية، وإنما بسبب مواقف فلسفية، وإدراكات عميقة، مدمرة بداخلنا، يمكن اكتشافها، وفكها، وعلاجها!!
المجد للحسين، والسلام عليه!!
المجد للشهداء، هم قيادة هذه الثورة لمن يبحث عن قيادة!!
لكن هذا لا يعني أبدا أن كربلاء هي الحل!!
ويتبع >>>>>>>>: مسار الثورة 7 ديسمبر.... فرصة نادرة !
واقرأ أيضاً:
فيما يرى الحالم: المطففون، مسار الثورة: لفتة/ على باب الله...... عجالة/ مسار الثورة 30 أكتوبر هكذا وقعنا في الفخ......../ حالة تسمم في الشارع نتحرك ولكن ببطء