العلاج المعرفي السلوكي لوسواس المرض من التقييم للمؤالفة
من المهم بداية أن يتم الاتفاق على أهداف واقعية للعملية العلاجية فليس الهدف إثبات إمّا وجهة نظر صحيحة أَو خاطئة: وإنما فقط اسْتِكْشاف إمكانياتٍ مختلفةٍ ومعرفة الأفضل لَلعميل، كذلك يفضل تخفيض مستوى القلق بدلا من تأكيد غياب أي مرض، ومن المؤكد أنك تحتاجُ للاعتِراف بأنك والعميل لَكما وجهتا نظر مختلفتين في البدايةِ، وعلى العالج أن يقبل بذلك وأن يحاول دائما أن يكُونَ منفتحا متعاونا ومحايدا أيضًا، كذلك عليه الانتباه وتنبيه المريض إلى ضرورة تخفيض أو إنهاء عوامل الإدامة مثل التَدقيق والتحقق، طلب الطمأنة... الخ، كما يجب أن يبدأ المعالج بالعمل على القناعاتِ المعينة التي تُؤدي بعميل معين إلى القلق المستمر.
أولا اسْتِكْشاف الصلاتِ بين الأعراضِ والعوامل النفسية
يتم الوصول إلى ذلك باستخدام الاكتشاف الموجه أثناء مراجعة سجلات الأفكار أو المفكرات اليومية للأعراضِ مع المريض، فمثلا يصف المريض كيف أنه عندما سمع معلومة جديدة عن فيروس سي الكبدي شعر بانقباض في صدره وبعدم كفاية الهواء وبدأ في التنفس بسرعة وبعمق فشعر بالدوار مما زاد قناعته بأنه فعلا مصاب بالمرض وهكذا...
وهناك عدد من التجارب السلوكية يمكن جمعها تحت مسمى تجارب حث الأعراض أو اختبار التوقعات حيث تختبر توقعات المريض بأن عرضا معينا يعني كارثة موشكة، وهذه التجارب يتعلمها المريض أو المناسب لحالته منها ويجربها أثناء الجلسة بحيث تتشكل لديه القناعة بأن سببا حميدا يُمْكِنُ أَنْ يُؤدّي إلى مدى واسع من الأعراضِ، وحبذا لو أمكن إنتاج إحساس أو عرض مشابه لما يخاف منه المريض لأن ذلك يساعد مباشرة على دحض القناعة الخاطئة (Salkovskis, 1989; 1996) ويفضل القيام بهذا أثناء الجلسة مع المعالج ومن الأفضل إن أمكن أن تماثل طريقة إحداث الأعراض أيا من سلوكيات التأمين التي يفعلها المريض أصلا ومن أمثلة تلك التجارب:
1- تجربة استفزازِ زيادةِ التنفّس Hyperventilation Provocation Test : وفيه يطلب من المريض أن يأخذ شهيقا عميقا وبسرعة من أنفه وفمه ثم يخرج زفيرا عميقا مفرغا كل ما في رئتيه من هواء وأن يكرر ذلك لمدة دقيقتين على الأقل، ولابد من إعلام المريض بوضوح أنه يستطيع التوقف متى ما رأى ذلك ضروريا، وكذلك يجب عدم إبلاغ المريض بما يمكن أن يحدث من أعراض قبل الاختبار لمنع تأثير التوقع، وعادة ما يحدث فرط التهوية أعراضا منها الدوخة وتغيرات الرؤية والخفقان والسخونة وصعوبة التنفس، ثم بعد انتهاء التجربة يطلب من المريض وصف ما يشعر به من أعراض مع بيان نقاط التشابه والاختلاف بين تلك الأعراض وما يشعر به من أعراض وأخيرا يتم الوصول إلى اتفاق بين المريض والمعالج على دور فرط التهوية في إحداث بعض أعراض.
2- تجربة بذل المجهود: يتم تشجيع المرضى على الانخراط في الفعاليات والأنشطة التي يخشونها ويتحاشونها مثل الجري في المكان وصعود وهبوط السلم بسرعة من أجل التأكيد على أن أعراضا كزيادة ضربات القلب أو التعرق هي أعراض آمنة.
3- تجربة ألم الصدر: يطلب من المريض أن يملأ رئتيه تماما بالهواء في الشهيق ثم لا يخرجه كله أثناء الزفير، ومع تكرار ذلك يحدث ألم في عضلات القفص الصدري، وبهذه الطريقة يتعلم المريض أن ما يشعر به في صدره أثناء نوبات القلق وعند التعرض لمفجراته يرجع إلى العضلات وليس القلب.
4- تجربة شد العضلاتِ لفترة مناسبة لتَوضيح الألمِ/ والتَوَتّرِ الناتجين، ويمكن أن تستخدم فيها أي مجموعة من العضلات الإرادية حسب أعراض المريض.
5- تجربة الأزواج المقترنة يقدم للمريض أزواج من الكلمات المقلقة (مثل ضيق التنفس- اختناق، والدوخة- الإغماء، الألم في الصدر- النوبات القلبية، السكتة الدماغية- الخدر الخ) ويطلب منه التركيز عليها أثناء قراءتها بصوت عال والتفكير في معانيها... وبعد قراءة الأزواج، يطلب منه أن يقدم الملاحظات.
الهدف من ذلك هو مساعدة المرضى على إدراك أن التفكير في الكوارث المادية يمكن أن يسبب أو يزيد من الأحاسيس الجسدية و/أو القلق.
6- تجربة بؤرة التركيز الجسدية أو الانتباه الانتقائي: وفيها يطلب من المريض تغيير بؤرة انتباهه، لبيان أثر ذلك على استشعار الأحاسيس الطبيعية، فيتم تشجيع المرضى على تركيز الانتباه على الأحاسيس في أجزاء معينة من الجسد، في الأطراف خاصة مثل الأصابع والقدمين إلخ، ويتم اختيار منطقة / أعراض غير التي عليها تركيزه الحالي وبعد بضع دقائق من مهمة التركيز على البؤرة الجسدية يسأل المعالج المريض حول ما لاحظه من أحاسيس:
- هل كنت على علم بهذه الأحاسيس قبل أن تركز على جسدك؟
- ماذا حدث لتلك الأحاسيس عند ركزت؟
- هل هناك أي مقارنة بين ما حدث الآن وما تشعر به من أعراض؟ إن لم يكن ما هو الفرق؟ إذا كان الجواب نعم، كيف يمكنك تفسير ذلك؟
- إذا كانت هذه المهمة تزيد الوعي بأحاسيس الجسد، كيف تظن أن هذا يمكن أن تسهم في إدامة الأعراض؟
- يكتشف معظم المرضى أحاسيس لم يكونوا على علم بها قبل هذه التجربة، على سبيل المثال، ضيق في الحنجرة، وخز في الأصابع.
- هذا التمرين مفيد كدليل على آثار التركيز والتحقق على الأعراض الجسدية.
العمل المعرفي لتصحيح عوامل الإدامة
1- سلوكيات التدقيق والتحقق: يميّزُ المعالج سلوكيات التَدقيق والتحقق التي يلجأ لها المريض عادة ويطلب منه تكرّرْاها لبيان أن التَدقيق والتحقق Self Checking المتكرر غالبا يؤدي إلى زيادة الأعراض أو حتى إحداث أعراض جديد أكثر إحداثا للقلق فمثلا نجد أن الابتِلاع المتكرّر يَجْعلُ البلع يَبْدو أكثر صعوبةً، وتحسس الكتلِ Feeling for lumps يؤدي إلى العثور عليها وربما يتسبب في حدوثها مثلما أن التنفس العميق المتكرر يُؤدّي إلى الإجهادِ العضلي وألم الصدر إضافة إلى تأثيرات وأعراض فرط التنفّس أو فرط التهوية.... ومن المهم بعد ذلك متابعة محاولات المريض للكف عن هذه النوعية من السلوكيات كما سنبين عند الحديث عن إهمال سلوكيات التأمين.
2- التَحاشي Avoidance : تختلف درجة التحاشي من مريض لآخر حسب متغيرات كثيرة منها سمات الشخصية وشدة الحالة والتشخيص المعين فضلا عن إمكانية التحاشي الكامل من عدم إمكانية ذلك لكننا نجد صورا كثيرة من التحاشي مثل تحاشي المستشفيات وعيادت الأطباء ومثل تحاشي الأفكار أو الصو العقلية حول الصحةِ/المرض، وتحاشي رؤية البرامج التلفزيونية، المقالات، إلخ.. حول الصحةِ / المرض، وأيضًا تحاشي زيارة أو معرفة أخبار الأصدقاءِ/ أو أعضاء العائلة من المرضى، ولابد لنجاح العلاج من تدريب المريض على التعرض التدريجي لكل ما يتحاشاه أثناء وبين الجلسات.
3- القلق والتوجس والاجترار: يعتبر القلق والاجترار الفكري من أهم عوامل الإدامة حيث يُؤدّي القلق إلى الوعي والشعور بالأعراضِ المستقليةِ Autonomic Symptoms والتي يؤدي الانتباه لها دائما إلى زيادة المشكلة مثلما ينعكس مرارا في حلقات الإدامة وللعمل على ذلك يطلب من المرضى أثناء الجلسة التعرف على صورهم العقلية والأفكار الاجترارية ووصفها بصوت عالٍ مع إغماض العينين والحكي، ثم يتم تقييم تأثير ذلك على الحالة المزاجية والوعي بالأعراض، والاقتناع بالمرض، وأخيرا يسأل المريض "ما رأيك في ذلك؟" وما مزايا وما عيوب المراجعة والاجترار؟ هل تجعلك أكثر اطمئنانا؟ وتستخدم تقنيات علاج القلق المتعمم مثل بيان القناعات الخاطئة مثل فقدان السيطرة على القلق وخطورة عواقبه، ثم تعديل استرتيجيات المجابهة المعيقة التي يلجأ لها المريض محاولا تخفيض أو إزالة القلق فتكون النتيجة زيادته ومن أمثلتها محاولة السيطرة على الأفكار أو تحاشيها أو طلب الطمأنة.
4- احتياطات التأمين أو الأمانِ: هناك أمثلة عديدة على احتياطات الأمان في مرضى وسواس المرض تختلف حسب الحالة والمرض المخشي فهناك من يؤمن نفسه بمجرد تناول مستحضرات الفيتامينات المتعددة بلا داعٍ طبي، وهناك من يتَجَنب الأنشطة المجهدةِ أو يغرق في الراحة المفرطة والتي تجعله بعد ذلك يتعب من أقل مجهود! وهناك من يحاول السَيْطَرَة على الاستجابات الجسديةِ، وأخيرا هناك من يتخذ من طلب الطمأنة Reassurance Seeking المتكرر احتياط تأمين فهو مثلا يفحص دمه أسبوعيا للاطمئنان أو يسأل أحد أفراد الأسرة صباحا ومساءً إلخ.
ومن أجل إيقاف هذه السلوكيات ينصح المريض أولا باختبار آثار هذه السلوكيات بنفسه مستخدما تقنية التجارب العلاجية المتناوبة، وذلك بعد تدربه على التقييم الذاتي للقلق، والأحاسيس، وقوة الاعتقاد، وبعد ذلك تتم زيادة السلوك المستهدف لفترة ما مثلا تفحص الجسد، أو البحث عن المعلومات على الإنترنت ثم في الفترة التالية على المريض أن يمتنع تماما عن السلوك المستهدف بينما لا يزال يرصد القلق والأعراض، وقوة الاعتقاد وأخيرا تراجع البيانات الناتجة وتمثل في رسوم بيانية، وكثيرا ما يندهش المرضى من كونهم أسوأ في اليوم الذي تتم فيه زيادة السلوك المستهدف، ويمكن استخدام هذه التجربة لمساعدتهم على اتخاذ قرار بإسقاط السلوك المستهدف تماما.
5- طلب الطمأنة كعامل إدامة: لعل طلب الطمأنة على الصحة واحدا من السلوكيات التلقائية التي هي من حق كل شاعر بالمرض، والطمأنة الناجحة للمريض هي الهدف المشترك لكل اللقاءات بين مريض وكطبيب، إلا أنها تفيد على المدى القصير بينما تكرارها خاصة دون معلومات جديدة يزيد القلق على المدى البعيد (Salkovskis & Warwick, 1986)، والأهم من ذلك هو أن مشكلة مرضى وسواس المرض هي فشل الطمأنة في إيقاف الأعراض ويجب أن يكون ذلك واضحا في ذهن المعالج منذ البداية، وربما يبدأ العمل التلقائي على طلب للطمأنة منذ الاتفاق على صياغة الحالة وكذلك خلال التعاون مع المريض في استنباط حلقات الإدامة المفرغة؛
ومن المهم الإجابة على سؤال لماذا لا يثق المريض في الطمأنة؟ إذ يحاول المعالج من خلال سماعه لتاريخ الحالة فهم كيف وصل الشخص إلى اعتقاد ما يعتقده الآن عن أعراضه أو مرضه، كذلك مهم أن يتعرف على الافتراضات حول الطمأنة والاستشارة الطبية، وينصح بعدم مناقشة مشكلة طلب الطمأنة قبل الجلسة الثالثة أو في وقت لاحق لأن فتح هذا الملف في وقت مبكر قد يحبط المريض قبل أن يتم إدماجه في العلاج.
كثيرا ما يطلب المريض الطمأنة من المعالج النفساني وربما يتسبب ذلك في إحداث قلق حقيقي للمعالج، وبحكم التجربة يفضل عندما يكون المريض شديد التوتر بسبب الأعراض، أن يتخيله المعالج مريضا جاء يستشير بخصوص نفس الأعراض لكنه ليس قلقا منها، وواقعيا يستطيع المعالج إعطاء قدر كبير من الطمأنة لكن فقط ليوم واحد!، ومن المفيد أن يسأل المعالج مريضه عن التأثير المباشر لتلقيه الطمأنة بشأن عرضه أو أعراضه فإذا كانت تتحسن يسأله المعالج عن معنى ذلك؟ وهل من المتوقع من مرض خطير أن تخفت أعراضه بمجرد الطمأنة؟
وهناك عدة أساليب للتعامل مع مشكلة طلب الطمأنة:
أولا: بيان عيوب طلب الطمأنة :
- تبقي انتباه المريض مركزا على الأعراض الجسدية، وهو ما يغذي العديد من حلقات الإدامة.
- يحاول المريض من خلال طلب الطمأنة الوصول إلى التأكد التام 100% وهي محاولة مستحيلة التحقق، فواقعيا الاطمئنان التام لا يكون للأحياء.
- غالبا تُؤدّي الحاجة المستمرة للطمأنة إلى محاولاتِ طلب طمأنة مستترة أو غامضة، وغالبا يساءُ فهم ردود أفعال الأطباء بسهولة مِن قِبل هذا النوع من المرضى، فمثلا: "لا أجد شيئا خطأ فيك … لكن ارْجعْ إذا استمرَّت المشكلة…" أو ”ضغط دمّكَ لَيسَ سيئا … لشخص في مثل عُمرِكَ…” ، أو "أنا لا أَستطيعُ إيجاد أيّ شيء خطأ… لكن خذُ هذه الحبوبِ وقاية أو كمقويات…”... فك هذه الردود من الأطباء تطمئن الإنسان العادي لكنها تضاعف من مخاوف مرضى وسواس المرض، وعادة لا يقتنع بسهولة مثل هذا العميل بالرأي الطبيَ لأنه يتساءك ويتشكك "هَلْ وَصفتُ أعراضَي بعناية بما فيه الكفاية؟“ "هَلْ كَانَ الطبيب يَستمعُ منصتا؟" "هَلْ وريتهُ كُلّ بُقَعي؟" وهو ما يعكسه مقياس المسئولية عن الاستشارة، كذلك يقتنع بعضهم لفترة ثم يعاوده القلق استجابة لأ مفجر جديد للأعراض مثلا "اقتنعتُ بكلام الطبيب حتى قالَ (صديقِي/ شريكي/ التلفزيون / الإنترنت) شيئا آخر“
ثانيا: العمل على حاجة العميل للاطمئنان 100%:
يعكس ذلك سمة عدم تحمل الشك أو التأكد أقل من 100% ومن المهم أن يكتشف العميل من خلال الاكتشاف الموجه واقعية أن كل الناس يعيشون عدم الاطمئنان 100% تقريبا في كل شيء فعدم التأكد التام صفة بشرية عامة، ويتم ذلك من خلال أسئلة مثل:
- ماذا يطمئنك؟ الاطمئنان الكامل الوحيد عادة يَكُونُ للجثث! (بعد الموت).
- ما هي الأشياء الأخرى في الحياةِ التي تَقْبلُها بينما هي 'محتملة' دون الحاجة لأَنْ تَكُونَ مُتَأَكِّدا 100%؟.
- ما هو تفسير المريض لعدم تحمله احتمالاتِ الخطرِ المنخفضةِ مثل الخلو من الأمراض، مقابل احتمالاتِ الخطرِ الأعلى مثل: قيادة السيارة، ركوب الطائرة، التدخين.
ثالثا : استرتيجيات أخرى لمناجزة طلب الطمأنة:
- جلسة طمأنة لا محدودة Session of Unlimited Reassurance : وتقوم الفكرة على أساس إعطاء المريض جلسة تتم فيها الإجابة على كل أسئلته مع ضمان على ألا تتكرر الجسة ولا طلب الطمأنة قبل سنة (Salkovskis & Bass, 1999)، وكثيرا ما ينبه ذلك المريض إلى عمر الاطمئنان القصير الذي يحصل عليه.
- حسابات التكلفة مقابل العائد Cost- Benefit Analysis : حيث يحث المعالج مريضعه على القيام بتحليل مفصل لتكلفة طلب الطمأنة سواء من الوقت أو الجهد أو التكلفة المعنوية مقابل العائد قصير الأمد من تلقي الطمأنة.
- تجارب علاجية متناوبة Alternating Treatment Experiment : حيث يتم الاتفاق مع المريض على يوم يطلب فيه الطمأنة كالمعتاد ثم يوم يمتنع فيه عن طلب الطمأنة ويكرر ذلك لمدة 10 أيام مثلا مع تسجيل الأفكار ومستوى القلق، ثم مقارنة النتائج في النهاية، وعادة ما يكتشف المريض عكس ما كان يتوقع من أن الطمأنة تهدئه، بعد ذلك ينصح المريض يسأل نفسه عندما يشعر بالرغبة في طلب الطمأنة عن قصده ونيته من ذلك: هل هو تذكير نفسه بما يعرفه أصلا؟ أم هو تقليل قلقه بخصوص شيء ما؟ فإذا كانت الإجابة نعم لأيٍّ من السؤالين فإن الأفضل أن يقاوم الرغبة في الطمأنة ويحاول تحمل الضيق لفترة حتى ينتهي من تلقاء نفسه.
- عقد الطمأنة Reassurance Contract : يعد عقد الطمأنة من أفضل أساليب مناجزة طلب الطمأنة حيث يتفق المريض مع ذويه أو من يلجأ لهم عادة للطمأنة على أن يمتنعوا تماما أو إلى أقصى حد ممكن عن طمأنته، وعندما يسأل أحدهم عليه أن يقول: ”تذكر أنك طلبت الكف عن الطمأنة لمساعدتك، وهذا يعني أنني لا أستطيع الإجابة على هذا السؤال. الآن دعنا نذهب لنفعل كذا... "؛
ومن المهم أن يقابل المعالج أفراد العائلة أو الأصدقاء الذين يعطون الطمأنة ويتفق معهم، وبالطبع هذا يَحتاجُ اتفاقا وموافقة مِنْ العميل، ويَحتاجُ للتفاوض الحذر وفَهْم السبب الجوهري له من قبلِ الجميع، إضافة لفهم آليات العائلة النفسية، ولابد كذلك من تدريبهم على ما سَيَقُولونَه للمريض بدلاً مِن الطمأنة، وعلى معرفة أساليب طلب الطمأنة المستترة للتعامل معها.
- التأجيل المبرمج Programmed Postponement لطلب الطمأنة الطبية: يتم الاتفاق على تأخير الاستشارة بخصوص عرض ما جديد بحيث تمر فترة من الوقت يتفق عليها -مثلا أسبوع أو عشرة أيام- بين ملاحظة العرض وطلب الطمأنة بخصوص ذلك العرض، وبالتالي يطلب من المريض عند ملاحظة عرض ما يقل بشأنه أن يسجله في مفكرة ثم لا يعرض نفسه على الطبيب إلابعد مضي المدة المتفق عليها إذا كان العرض المقلق ما يزال موجودا ولكن عليه حتى تمر تلك المدة أن يدع القلق جانبا (Salkovskis et al., 2003) وربما يفيد أن يتذكر وربما أفضل أن يسجل كم مرة كانت استجابته الإجفالية لعرض ما تقود إلى لا شيء إذ اتضح أنه لا عرض ولا مرض؛
وهنا نقطة مهمة حيث أن المريض بوسواس المرض بقدر ما يكون قلقا ومنتبها لجسده بقدر ما يتعرض إلى الفحص والتحاليل التي تعطي نتائج سالبة رغم أـنه كان قد قيم الخطر عاليا.... وعادة ما يكون ذلك انشغالا بعرض عابر على خلفية من وسواس مرض مزمن.... ويفيد جدا أن يجيب كتابة على سؤال كم مرة شعرت بعرض أخافني وتعرضت للفحص بسببه ثم اتضح أنه لا شيء مقابل كم مرة شعرت بعرض أخافني ثم اتضح أنه فعلا علامة مرض؟ ...... أحيانا يكون الرد 100 إلى صفر وأحيانا 100 إلى مرة واحدة هي غالبا المفجرة لحالة وسواس المرض.
وبهذا يبقى لنا من الفنيات الخاصة بالع.م.س لحالات وسواس المرض عملية استجواب الافتراضات المعيقة والقناعات الراسخة لديه وفنيات التعامل مع التشوهات المعرفية في المريض، وبعض مهارات إعادة العزو، وأخيرا طريقة للتعامل مع الصور العقلية المعتادة والتي تتسبب في كثير من إعاقة العلاج ما لم تُستدعى وتُستنطق وتُنَاجز أثناء العمل على التوجس والاجترار والصور العقلية.
المراجع الأجنبية:
يتبع>.>>>: ع.س.م لوسواس المرض فنيات العلاج2