شكَّل عام 1999 نقطة تحول بالنسبة لموارد الطاقة في (إسرائيل)، عندما اكتشفت حقلين للغاز "ماري" و"نوعه" قُبالة شاطئ عسقلان، واستخرجت منهما منذ عام 2004 نحو 450 مليار متر مكعب خُصصت لتوليد الكهرباء.
ومنذ قيام دولة (إسرائيل) وهي تتطلع إلى تعزيز الاستقلال الاقتصادي والسياسي في موارد الطاقة لتتجاوز المقاطعة المفروضة عليها من العالم العربي. وتم الحفر والتنقيب في نحو 500 حقل للغاز والنفط في اليابسة والبحر، حسب الإحصائيات الرسمية لوزارة البنى التحتية والطاقة والمياه في تل أبيب.
وحفَّز اكتشاف حقل الغاز "لفيتان" الممتد على مساحة 325 كلم2 قُبالة شاطئ حيفا، ويحوي إحتياطياً يُقدر بنحو 550 مليار متر مكعب، مواصلة الحفريات بعمق أكثر من خمسة كيلومترات.
إمطانس شحادة: التغيير الأساسي هو في تحول (إسرائيل) إلى قوة اقتصادية عظمى.
أما حقل "تمار" المتنازع عليه لوجوده في المياه الإقليمية للبنان والممتد على مساحة 150 كلم2، فتُشير التقديرات الأولية إلى أنه يحتوي على 275 مليار متر مكعب من الغاز، وقد بدأ الإنتاج فيه شهر مارس/آذار الماضي.
كما أعلنت شركة "شيمين أويل" عن اكتشاف كميات كبيرة من الغاز في حقل "يام" قُبالة شواطئ مدينة "أسدود" الساحلية، حيث تتواصل الحفريات على عمق 5800م مع احتمال وجود حقل للنفط يحتوي على 120 مليون برميل.
وتبقى حقول "مجد" للنفط الممتدة من منطقة رأس العين على طول حدود 4 يونيو/حزيران بطول 261 كلم وصولاً إلى بلدة "رنتيس" في قضاء رام الله، محّط أطماع (إسرائيل) وسلاحها الاستراتيجي في موارد الطاقة، حين ضمّت المنطقة ـــــ التابعة بمساحات واسعة منها للسلطة الفلسطينية ـــــ إلى نفوذها. ويُقدر الاحتياطي النفطي فيها بنحو 1.5 مليار برميل.
تنقيب واكتشاف
يقول الصحفي الإسرائيلي المتخصص بشؤون الطاقة (عميكم بركات) إن الاكتشافات شجعت الحكومة الإسرائيلية على التنقيب عن الغاز ومنحت التراخيص لنحو 32 شركة محلية وعالمية تواصل التنقيب في أكثر من عشرين موقعاً بالبحر، مع وضع خطة عمل لعام 2014 للتنقيب عن النفط في اليابسة بالجولان والجليل ومنطقة البحر الميت والنقب وقضاء القدس، عدا عن طبقة الصخور النفطية التي اكتُشفت بمساحات واسعة لكن استغلالها يُكلف مبالغ طائلة.
ويؤكد (عميكم بركات) أنه بحلول العام 2016 سيكون بالإمكان تغطية السوق الإسرائيلي المحلي بالغاز للصناعة والتجارة والاستهلاك المنزلي، وبحلول العام 2020 ستكون (إسرائيل) دولة مصدرة للغاز، حيث تجرى مشاورات لتصدير الغاز إلى كل من الأردن ومصر وتركيا والسلطة الفلسطينية، وتعزيز التعاون بين تل أبيب وقبرص في مجال الطاقة، ودراسة الجدوى الاقتصادية من مشاريع الغاز المُسال ليُصدر إلى العديد من الدول النامية وشرق آسيا. واستشهد بركات بإحصائيات المعهد الجيولوجي الأمريكي لعام 2010 حول إحتياطي الغاز والنفط الذي عُثر عليه في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط وتحديداً في المياه الإقليمية (لإسرائيل) وقبرص، إذ رجحت التقديرات أن الحقول تحوي 3400 مليار متر مكعب من الغاز و1.7 مليار برميل من النفط، ثلثا هذا الاحتياط يوجد تحت نفوذ (إسرائيل).
اقتصاد وسياسة
وفقاً لبحث سـيُصدره مركز مدى الكرمل العربي للدراسـات الاجتماعيـة التطبيقيـة ـــــ ومقره حيفا ـــــ بعنوان "النُخب الاقتصاديـة في المشـهد السـياسـي الإسـرائيلي" تلقت الجزيرة نت نسـخـة منـه، اعتبر اكتشـاف حقول الغاز بدايـة ثورة في مصادر الطاقـة (بإسـرائيل) سـتؤثر حتماً على جميع القطاعات الاقتصاديـة، وعلى أثرها سـتعتمد تل أبيب سـياسـات خارجيـة جديدة قد تُحولها إلى دولـة عظمى...!!!
ويعتقد الباحث في الاقتصاد السـياسـي إمطانـس شـحادة ـــــ من مركز مدى الكرمل ـــــ أن التغيير الأسـاسـي هو في تحول (إسـرائيل) إلى قوة اقتصاديـة عُظمى، ولاعب أسـاسـي في مجالات كانت تُسـيطر عليها من قِبل عدد قليل من الدول، لتكون دولـة تملك مفاتيح اقتصاديـة في العالم ومزود للطاقـة، والأهم تدعيم مكانتها السـياسـيـة والتحرر من الارتهان والتبعيـة لسـياسـات وتطلعات الدول العظمى ومصالح الإدارة الأمريكيـة في تسـويـة النزاعات واحتواء الصراعات الإقليميـة في الشـرق الأوسـط.
وفي ما يخص تأثير الغاز والنفط على الاقتصاد ومكانة (إسرائيل) السياسية، قال شحادة للجزيرة نت إن تل أبيب تتميز بتصدير السلاح والخدمات العسكرية والاستشارة الأمنية بمبالغ خيالية، وهي من أهم فروع التصدير الإسرائيلي، ومن ثَم يأتي مجال التقنيات الحديثة، ومن المتوقع أن يفوقهما تصدير الغاز، ناهيك عن تعزيز نفوذها السياسي، مما يعني إحداث تغيير شامل بموازين القوى الإقليمية والحسابات الجيوسياسية في الشرق الأوسط لتُبدي تل أبيب تشدداً بمواقفها حيال الصراع مع العالم العربي.
ورجح شحادة أن تُسهم موارد الطاقة من الغاز والنفط في التنافس على السيطرة والتحكم بمقاليد الحكم في الدولة وسياستها الخارجية، لأن عدم التقدم بعملية السلام وعدم تسوية الصراع مع العالم العربي لم يعد عائقاً أمام اندماج (إسرائيل) في الاقتصاد العالمي وجذب الاستثمارات؛ أي أنها ستتمكن من تزويد دول صغيرة نامية بمصادر الطاقة وبالسلاح والاستشارات الأمنية وبالتقنيات الحديثة، مما سيحولها إلى دولة عظمى...!!!
المصدر: الجزيرة نت
الجمعة 25/01/1435 هـ - الموافق 29/11/2013 م
واقرأ أيضاً:
مقدسات يافا تُقاوم التهويد