ع.س.م لوسواس المرض فنيات العلاج2
نظرا لشيوع خبرة أو تجربة الأعراض الجسدية فإن مرضى وسواس المرض بأشكاله المختلفة غالبا ما يكونون عرضة للانتكاسات المتكررة، فأي عرض أو أعراض جديدة أو أمراض تافهة هي مثيرات محتملة لمزيد من هجمات القلق المستمرة عبر حلقات الإدامة، ومن غير الواضح حتى الآن بالضبط من من المرضى أكثر عرضة للانتكاس. وربما أولئك الذين يخافون مرض واحدا أقل عرضة للانتكاس من أولئك الذين تتعدد مخاوفهم بشكل طولاني المرض تلو الآخر، وأيا كانت الاحتمالات فمن المرجح أن تصحيح الافتراضات المختلة والتحريفات المعرفية سيجعل الانتكاس أقل احتمالا، ولكن هناك حاجة إلى مزيد من التقييم لهذه القضية (Salkovskis et al., 2003).
ومن الأفضل أن تناقش فكرة الصعوبة -أو الصعوبات التي قد تسبب الانتكاس- بدلا من فكرة الانتكاس خاصة وأن الإكمال الصحيح للبرنامج العلاجي المعرفي السلوكي يعني أنه مهما حدث فإن الشخص يكون لديه ما تعلمه بما يعطيه صلابة ومونة حقيقية في التعامل مع المشكلة حتى بعد الانتكاس، ومن المهم التأكيد على الجوانب الإيجابية للانتكاسات إذا حدثت باعتبارها تعلما وتدريبا إضافيا، مع السعي إلى التدرب على مواجهة جميع الصعوبات الممكنة في مسار العلاج وتوقع المشاكل الخاصة بالعميل (أي المناطق الحمراء على الخريطة طبقا للصياغة الخاصة بالحالة)، وصولا إلى إعداد مخطط مسبق لمنع الانتكاس (خطة عمل).
في الجلسات الختامية يجب أن يراجع المريض مع المعالج الرد على الأسئلة التالية (Salkovskis et al., 2003): ما الذي تعلمته في هذه الجلسات؟ كيف أستطيع تطبيقه وتفعيله في حياتي اليومية؟ وما هي الصعوبات التي قد تقابلني في ذلك؟ وكيف أستطيع التغلب على تلك الصعوبات؟ ثم ما الذي يمكن أن يشكل نكسة لي؟ وكيف أستطيع مجابهة ذلك؟ أي فهم الاستراتيجيات اللازمة للتعامل مع النكسات، كما يجب أن يكون المرضى فكرة واضحة أيضا عما يتعين عليهم القيام به للحفاظ على مكاسب العلاج ووضع أهداف للأعوام المقبلة. وفي حين يهدف العلاج إلى جعل المريض مستقلا عن المعالج، إلا أنه في بعض الأحيان على الأقل تكون بعض الجلسات "المعززة" مفيدة لهذه المجموعة من المرضى.
مثال على وسواس المرض: حالة عبد الرحمن
الخلفية المعرفية:
الأبّ كان موسوسا بالمرض بشكل أو بآخر وكانت وفاته بسكتة دماغية، والطفولة مع أمّ مفرطة الخوف والحمائية في أغلب الأحيان خاصة ما يتعلق بصحة أولادها.
القناعات والافتراضات
مثلا "أيّ عرض يُمْكِنُ أَنْ يَعْني شيئا خطيرًا، لابد أُدقّقَ كي لا أضيع شيئا جدّيِا خطيرا، و"الأطباءُ دائما تفوتهم أشياءَ مهمةً أو في أغلب الأحيان"
الأحداث الحرجة أو المحفزات:
كان المحفز الأول لحالة عبد الرحمن هي: عبارة تحفيز غير مناسبة ولا صحيحة علميا من قبل أحد الجراحين، ثم تعددت وتكررت المحفزات مثل السماع عن زيادة أعداد من يموتون بسبب السكتة الدماغية، أو مشاهدة برامج على التلفزيونِ عن السكتة الدماغية... وأفكار تلقائية سلبية "هذا يعني أني سأصاب بالجلطة“ تأويلا لأعراض جسدية عادية.
سجل افتراضات وأفكار عبد الرحمن
كان أهم الافتراضات المعيقة لدى عبد الرحمن هو "ضروري أن أكون متيقظاً جدا للمرض وإلا سيغيب عني شيء هام جدا" وكانت نسبة اعتقاده في هذا الافتراض (0-100) = 100% .... ثم بدأ العمل بأسلوب الدليل مع مقابل الدليل ضد صحة هذا الافتراض:
1- ما هو دليل صحة هذا الافتراض؟
- ما حدث مع والدي حيث قال الأطباء لو اكتشفت الأمراض مبكرا لما حصلت الجلطة.
- الوقاية خير من العلاج والأبحاث تدعم هذا الافتراض.
2- ما هو الدليل ضد صحة الافتراض؟
- نماذج لحالات لا يفيد الاكتشاف المبكر للمرض في منع تطوره، ونماذج لحالات تكتشف متأخرة ويتم تحسنها أو شفاؤها.
3- ماذا أقول لصديق يعتنق هذا الافتراض؟
مخطئ إذا كان يعتقد ذلك، فكلما أكثرت وكررت التدقيق والتحقق كلما ستجد أشياءً تسبب لك القلق بسبب تحيزك الانتباهي ثم تدخل في حلقات مفرغة من طلب الطمأنة ثم فقدانها...إلخ، وهو ما يعني اتخاذ الأمر محور حياة فهل هذا مفيد؟.... ليس هناك دليل إلا على أن الحياة ستصبح شاقة ومؤلمة لا أكثر أمنا ولا راحة.
4- مِنْ أين جاء هذا الافتراض؟
من أمي التي ربما علمتني ذلك منذ الطفولة وأثر في -ربما لأني الأكبر- أكثر من أخي، وربما مِنْ أبي الذي كان يعتقدُ هذا أيضا وإن كنت لا أذكر أحداثا مباشرة.
5- في ماذا تجد هذا الافتراض غير مفيد؟
يجْعلُني أركّز على الأشياءِ الطبيعيةِ ويَجْعلَها تبْدو لي غير طبيعية!
6- ما حسنات وسيئات الاعتِقاد في صحة الافتراض: "مِنْ الضروري أَنْ أكُونَ مُتَيَقْظَا جداً للمرضِ"
الحسنات أو الفوائد:
- في بعض الأمراض عندما أكون مُتَيَقْظا جداً، يُمْكِنُ أَنْ أَشعر بالمرض في المرحلةِ الأولى وفيها يكون من السّهلِ علاجه
- لِكي تكُونَ مسيطرا بالتأكيد على جسدكَ، لا أن تنتظر حتى يفاجئك.
- أكون أكثر انتباها لما سَيَحْدثُ للذين أَحبُّ كأبنائي وزوجتي (هم لَيسوا دقيقين مِثْلي، لذا يُمْكِنُني أَنْ أَنتبهَ لهم).
- دائماً أحدِّث معلوماتِي حول المرضِ
السيئات أو العيوب:
- أَبْني قلقا على قلق دون قاعدة، كناطحة سحاب بدون أيّ طابق أرضي.
- لَستُ حرَّا: أَحسُّ كما لو أنَّ سيفا فوق رأسي دائماً.
- يَجْعلُني أَحسُّ كما لو أنَّ عِنْدي مرضُ.
- حزن حول المشاعرِ الحاليةِ والماضي يَفْقدُني أيامَ حياتِي في القلقِ. بل هو يفسد طعم حياتي.
- لَستُ قادرا على التَمَتُّع بأسرتِي100 %.
- القلق ومراقبتي المستمرة لجسدي لا يَتْركَ لي أي وقتَ لنفسي.
- هو يَجعلُني مسئولا عن عائلتِي لَكنِّي لا أَستطيعُ التَمَتُّع بهم.
- يَحْكمُ حياتَي بكاملها.
7- إذن ماذا يَكُونُ التصرف الأكثر واقعية/ كبديل مفيد للحياة؟
- أَنْ لا أعيرَ انتباها كثيرًا إلى التغيرات الجسمانية العارضة/ أو الأعراض وأن أضع الأفكارَ في ميزانِ المنطق.
8- ماذا يمكنك عمله لوَضْع وتفعيل هذه الصياغةِ في الممارسةِ والمعيشة اليوميةِ؟
- أوقفْ مراقبتي وأستمرّْ بحياتِي، وأهملُ الاختلافات في الأحاسيس الجسدية، أمتنع عن تحاشي زيارة المرضى ... إلخ.
9- ما هي التجارب السلوكية، التي تعمل ضدّ قناعاتك القديمة، هَلْ يُمْكِنُك أن تنفّذها؟
- قاوم الاندفاعَ إلى المراقبة الذاتية.
- توقّف عن أَخْذ الفيتامينات.
- تجاسر لمُشاهدة البرامج الطبيةَ والصحية. و...و إلخ.
10- ماذا تعلّمُت ووَجدته مفيداً في هذه الجلساتِ؟
- يجب علي تفادي الدخول في حلقة مفرغة.
- ألا أطلب الطمأنة مِنْ الآخرين.
- ألا أبقي على مراقبتي لذاتي.
- ألا أقْفزْ دائماً إلى أسوأ خاتمةِ، علي أن أدركُ بأنّ هناك العديد مِنْ التفسيراتِ الأخرى.
- ألا أتجنّبْ البَرامج أو المقالات عن المرضِ.
- أتذكّرْ أنني يُمْكِنُ أَنْ أُغيّرَ الصور العقلية، والصور لَيستْ منبأة عن شيء.
- لا أستمرّْ في زيارة الطبيب بسبب أي عرض أو علامة.
- أتذكّرْ أهمية تَحدّي الأفكارِ السلبيةِ بواقعية.
- أستمرّْ في الأَكْل والحركة والعمل بصورة عادية.
11- كَيْفَ أَفعلُ هذا في الحياة العاديةِ؟
- أكُونُ إيجابيا.
- أستمرّْ بتَحدّي الأفكارِ والفرضياتِ القديمةِ.
- أستمرّْ بوَضْع كُلّ ما تعلمته موضع التطبيق.
- أبقِي مُلاحظاتَي المفيدةَ قريبة.
12- ما هي الصعوبات التي قد تقابلني وماذا يُمْكِنُ أَنْ أفْعلَ عندئذ؟
يمكن أن تنشأ الصعوبة عن أي عرض أو علامة تغير جسدي، أو الرجوع إلى العادات القديمة، كطلب الطمأنة المتكرر، ولكي أتغلّب على هذه الصعوبةِ عليّ أن:
- أتذكّرْ كُلّ الأشياء التي فعلنَاها معا أنا والمعالج.
- علي استخدام طريقة لوحات الفطائر Pie Charts
- يمكن أحيانا أن أذهب إلى الطبيب لكن يجب أن أحاول أَنْ لا أكُونَ مُتَلَهِّفا أكثر من اللازم.
- أتذكّرْ أَنْ لا أسْألَ طلبا للطمأنة.
13- ماذا يُمْكِنُ أَنْ يُسبّبَ نكسة لَي؟ وكَيْفَ أجابه النكسةَ؟
يمكن أن أتعرض لخطر الانتكاس عند حدوث أي علامة أَو مرض حقيقي لي شخصيا أو لقريب ضمن العائلةِ أو الجيران والأصدقاء، وفي هذه الحالة عليَّ أن:
- أقرأْ كُلّ شيءَ ثانيةً. - لا أسْألَ طلبا للطمأنة.
- أحاولُ أن أفحص الأمر وأفنده بنفسي مع جعل الاتصالِ بالمعالج خيارا أخيرا!
المراجع:
Salkovskis P.M, Warwick H. M. C. and Deale A (2003): Cognitive-Behavioral Treatment for Severe and Persistent Health Anxiety (Hypochondriasis). Brief Treatment and Crisis Intervention 3:353–367 (2003)
واقرأ أيضاً
طيف الوسواس OCDSD اضطراب قلق المرض : وسواس المرض Hypochondriasis