انتهت أعياد عيد الميلاد وبدأ الناس يستعدون لاستقبال عام جديد وهم يتنفسون الصعداء لنهاية عام يحتوي على الرقم13 الذي لا يزال يتبوأ مقعده في سلسلة المعتقدات الوسواسية أو بالأحرى المعتقدات الخرافية التي تناقلتها الأقوام البشرية منذ مئات الآلاف من السنين. إن كنت تعيش في العالم العربي الإسلامي فيستحسن استعمال مصطلح الوسواس توازياً مع حضارة الأقوام العربية المعاصرة وإن كنت تعيش في عالم آخر فكلمة الخرافة أفضل بكثير. احتدم النقاش حول المصطلحات الطبية النفسية منتصف العام لعدة أسابيع بين العاملين في الصحة النفسية العربية وانتهى الأمر بفوز الوسواس وتقليده الميدالية الذهبية.
ودع العالم نيلسون مانديلا الذي تبوأ مقعده في تاريخ البشرية. تسارع زعماء العالم إلى حضور حفل التأبين بعد وفاته كما تسارعوا إلى لقائه بعد توليه رئاسة إفريقيا الجنوبية. اشترك زعماء العالم أيام حياته بولعهم بالتقاط الصور الفوتوغرافية مع الرجل العظيم والاحتفاظ بها في سجل سيرتهم الذاتية. أما بعد وفاته ويوم تأبينه فقد كشف الإعلام لنا شيوع ظاهرة تصوير الإنسان لنفسه وتم تقليد زعماء أمريكا وبريطانيا والدنمرك الميدالية الذهبية لممارستهم هذا السلوك النرجسي المعروف بالسلفي Selfie لا عجب أن تفوز هذه الكلمة بالميدالية الذهبية في الكلمات الجديدة المستعملة باللغات اللاتينية.
في الوقت الذي فاز السلفي اللاتيني بميدالية ذهبية فلا شك أن التيار السلفي الإسلامي صعد بمفرده على منصة الميداليات بدون منازع ولم يحصل أي منافس على ميدالية فضية أو برونزية ولا يوجد في الأفق منافس لزعيم التخلف الحضاري والفكري والعلمي. في الوقت التي تصدر أرقى البحوث العلمية من الجامعات الإسرائيلية من أجل خدمة البشرية في شتى المجالات لا يزال التيار السلفي يبذر الأموال من أجل بحوث علمية وفكرية لاكتشاف أسرار الكون والبشرية في السيرة الدينية الإسلامية. لا يزالون يناقشون زينة المرأة وملبسها وسياقتها السيارة وتصنيف العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة. على ضوء ذلك يستحق أبو العلاء ميدالية ذهبية حين وصفهم بأنهم أمة ضحكت من جهلها الأمم.
ودع العالم العربي الإسلامي ربيعه ونضاله من أجل الديمقراطية ويستحق الميدالية الذهبية في تصدره عدد الدول الساقطة إداريا Failed States يتنازع على الشرف العراق وليبيا واليمن وفلسطين وربما تونس. أما سوريا فلا يمكن حشرها في هذه القائمة بعد تدميرها بجهود عربية وإسلامية وعالمية نجحت في ولادة حرب أهلية وملايين المهجرين. أصبحت حلبة للصراع بين الطوائف الإسلامية وغير الإسلامية وبين الطوائف الشيعية والسنية.
ودعت مصر أول رئيس جمهورية تم انتخابه ديمقراطياً في تاريخها وتم حشره في زنزانة في انتظار قرار المحكمة بحقه العام المقبل. لا أحد يعلم إن كانت أوراقه سيتم إحالتها إلى فضيلة المفتي أم إلى فضيلة عراب Godfather العالم العربي الإسلامي الذي يستحق بجدارة ميدالية ذهبية لتدميره العالم العربي الإسلامي وجهوده في القضاء على الأقليات الدينية الغير الإسلامية وهجرتها بعيداً عن عالم التخلف والتسلط.
تستحق الشعوب العربية ميدالية ذهبية أخرى حيث أثبتت بأنها تفتقر إلى الكفاءة في تقييم أفرادها ومن يقودها. انتخبت محمد مرسي الذي أثبت عدم كفاءته بكل جدارة قبل وبعد انتخابه. مجدت الشعوب العربية الخليفة السلطان رجب طيب أردوغان الذي أثبت للعالم بأن الإسلام السياسي نظام فاسد يستغل الحركة الديمقراطية ويؤمن بالغاية تبرر الوسيلة. اشتهر الزعيم التركي بمقولته عن الحركة الديمقراطية بأنها كقطار السكة الحديد تستعمله للوصول من مكان إلى آخر. مقولة هذا الرجل تستحق ميدالية ذهبية تُضاف إلى جهوده في إشعال نار الحرب الأهلية السورية. أما الآن فقد صدأ معدنه وانكشفت أوراق الفساد المالي ضمن حاشيته تماماً كما هو الحال في تاريخ الخلفاء وسلاطين الإسلام.
بعد هذا العرض الاكتئابي لابد من النظر إلى عملية الوداع في بقية أنحاء العالم. ودع الفاتيكان سماحة الباب بينيدكت واستقبلت البابا فرانسيس. حتى الذي يمقتون الكنيسة الكاثوليكية وفي مقدمتهم الإعلام البريطاني اعترفوا بأنه يستحق لقب شخصية عام 2013 لإنجازاته في إصلاح الفاتيكان ولذلك يستحق ميدالية ذهبية بجدارة.
ودعت أيرلندا التقشف الاقتصادي بعد معاناة استمرت عدة أعوام وبلا شك يستحق الشعب الأيرلندي ميدالية ذهبية لصبره وعدم لجوئه إلى العنف والتدمير في ظل إجراءات اقتصادية قاهرة.
ودعت إيران أحمدي نجاد وأثبت الشعب الإيراني تمسكه بالحركة الديمقراطية بعد فوز الإصلاحي روحاني بانتخابات نزيهة وبنسبة 51% فقط. لا تزال الدولة الإيرانية صامدة في ظل مقاطعة اقتصادية لا مثيل لها في تاريخ البشرية باعتراف الإعلام الغربي ويمكن الاستنتاج بأن الشعب الإيراني يستحق ميدالية ذهبية.
ودعت أمريكا العالم العربي وبدأت أنظارها تتجه نحو منطقة المحيط الهادئ بعد نجاح الشعب الأمريكي في اكتشاف مصادر النفط في أعماق الأرض واستنتاجه بأن لا حاجة إلى الخليج العربي ونفطه. ستترك أمريكا العرب لتدبير أمورهم في إصلاح مشاكلهم الاقتصادية والسياسية والسكانية تحت قيادة عراب لا يفهم سوى التدمير والفساد والتسلط على الناس.
وكل عام والجميع بخير.