من حق من قرأ أسماء السبعين قيمة وتقسيماتها ثم لاحظ كيف بدأنا بقيمة من القيم التى انتهى عمرها الافتراضي، أن يطلب أن نبدأ بالقيم الجديدة التي نريد أن ننميها منذ الطفولة، وقد وجدت أنني نشرت في هذا الموقع الكريم عددا من القيم التي قدمتها على لسان الأطفال من بينها حقوق الإنسان "اللي بصحيح" (4 -8 -2013)، "وقبول فكر الآخر" (14-8-2013)، وغيرها.
من أهم القيم الجديدة أيضا الاحتفاظ بحق الدهشة طول العمر، إذا توقفنا عن الدهشة فنحن لا نرى ولا نسمع ولا نقرأ إلا ما سبق لنا رؤيته وسماعه وقراءته مهما تغيرت الألفاظ أو تنوع المثير.
هذا الموضوع قد شغلني من قديم جدا، حتى نشرت في الأهرام بتاريخ 24/1/1980 (منذ 34 سنة!!) تحت عنوان "فضيلة الدهشة" ما أقتطف منه ما يلي:
"إذا تلفّت حولك لأي نقاش, أو طالعت الوجوه في أي اجتماع (سياسي أو علمي أو ثقافي أو غيرذلك) في بلادنا هذه في عصرنا هذا, فلابد أن يأخذك العجب وأنت تشاهد الثقة المفرطة تغمر الوجوه, أغلب الوجوه، تتـناوب بانتظام مع ابتسامات الاستعلاء وغمزات التهوين مما يقال, يتم كل ذلك فوق أرضية متسعة من درجات مختلفة من عدم الانتباه أو اللامبالاة أو "الفرجة" على وجوه بقية الحضور.....،
وكأن لسان حال المشاركين يقول: هذا الذي أسمع إما أني أعرفه من قبل، فهو أصح الصحيح، أو أنني لا أعرفه فهو تافه لا لزوم لمعرفته، هؤلاء الناس يكادون يصنـفون الكلام على أنه: إما كلام "فارغ" (وهو الجديد الذي لا أسمح له أن يصلني فيدهشني)، أو كلام "مفروغ منه" (وهو القديم الذي لم يعد يدهشني). لعل في هذه الظاهرة المتواترة ما ينبهنا إلى ضرورة إعادة النظر فيما حدث في عقولنا حين كادت تستسلم تماما للمعلومات المصقولة من كل مصدر، حتى أصبحت مخزنا للمعلومات أكثر منها مصنعا للأفكار.
(انتهى المقتطف)
وبعد
تعالوا الآن نسمع كيف يعلمنا الأطفال أن نحتفظ بحق الدهشة وهو من أهم القيم الجديدة (المجموعة الثالثة) "فضائل وقيم آمل أن تتخلق بتشكيل الوعي الجديد" والأرجوزة تنمي كلا من "الحيرة الطازجة"، و"الدهشة" وهما قيمتان في المجموعة الثالثة قريبتان من بعضهما البعض لكنهما ليستا مترادفين. الأطفال يعلموننا فضيلة الدهشة
-1-
بتشوف الحاجة إزاي دايما زي ما هيّة؟
وأنا كل مرة بأشوفها يعني مش هيّة
هوّا إنت يا أخويا عنيك ديّ
مش همّا تمام زي عنيّه؟
-2-
أنا بأفرح باللي بأشوفه جديد
بالشكل دهُهْ: دنيايَ بتزيد
وإنت عمال بتعيد وتعيد
وأنا كل مرة بلاقي نفسي في دنيا ثانية
يعني الساعة بتبقى عندي مليون ثانية
-3-
طب جرّب مرة تتأمل حاجة شايفها
من غير ما تقول ما أنا عارفها
حاتشوف زيي ويمكن أكتر
حتلاقي الألوان تتغير
وحاجات تكبر وحاجات تصغر
وحتعرف من غير ما تفكر
ربنا موجود... الله أكبر
-4-
هوّ إنت ليه حاطط الدنيا جوّا برواز
وعنيك راكب مطرحها إزاز
دأنا بأرسم بعيوني الدنيا أوّل بأوّلْ
وكأني بأشوف كل حاجة كده من الأوّل
-5-
لو تعملها مش حاتعجّزّ عمرك أبداً
حاتخاف حبّة وتفرح حبة، والديك يذّن
وتلاقي نفسك بتطير وتعوم
من غير جناحات ولا حتى هدوم
لأْ مش قصدي
حقك عندي!
* * *
وبعد
تنمية فضيلة الدهشة هكذا تساعد أيضا في هز قيمة من القيم الآيلة للسقوط لقرب انتهاء عمرها الافتراضي (المجموعة الأولى) وهي قيمة "يحيا الثبات على المبدأ".
ما أحوجنا إلى كل هذا ونحن نعيد بناء "الوعي العام" لنساعد في إحاطة بناء دولتنا المتشكلة بما يدعمها.
نقلا عن جريدة اليوم السابع
الخميس 17-4-2014
اقرأ أيضاً:
هجاء البراءة، والثورية المثالية، وثقافة السلام / البصق على كرامة البشر.. وبيت المقدس