إذا انْعَكشَ* الزمانُ على الزمانِ
فلا تسألْ عَنِ الوَطنِ المُعاني
ولا تعتبْ على صَبٍّ تنادى
يُعالجُها بسُلاّفِ البَيانِ
ويُسْقيها مِنَ الْجُرح المُعنّى
بداميةِ اغْترابٍ أو وطانِ
ويَسكبُها على سَطرٍ كجَمْرٍ
حُروف الروحِ مِنْ سَجع الدُخانِ
تُسألنيْ وإنّ القلبَ يَهفو
لرائعةِ العُروبةِ والمَكانِ
فكانَ القولُ مِفتاحَ انْدلاقٍ
لخافيةٍ بأعماقِ الجَنانِ
صِراطُ الغُربِ مَغنمُها أليمٌ
لأنّ الأصلَ مَنزوعُ الكيانِ
وما تدري الطيورُ إذا اسْتطارتْ
بأنّ رجوعَها رهنُ ارْتقانِ
أرى أمما مِنَ الأجناسِ تَسعى
وقدْ وردتْ يَنابيعَ اقترانِ
وإنْ أكلتْ مِنَ الزقومِ يوما
تراجعُ نفسها دونَ اكْتنانِ
لذا وَصلتْ إلى الْعلياءِ تزهوْ
بما صَنعتْ بواضحةِ العَيان
وما ثمُلتْ بصَهْباءِ اخْتلافٍ
وأنّ لفِكرها أمْرُ العَنان
عجائبُ وعْينا دهَشتْ عَجيبا
وأغرتْ شرّ أفعالِ الذُهانِ
ومَنْ شربَ الفراقَ بلا اخْتيارٍ
يُصاديها على مَضَضِ الثواني
وَرَدْناها فهلْ كُتِبتْ علينا
مَسافاتٌ على سُفُحِ دِجانِ
ولِجْناها بلا خوفٍ بعزمٍ
فكنّا رُغمَ عائقةِ الضَمانِ
نقارعُ خَطْبَها والروحُ أسْرى
ضلالاتٍ مؤزرةِ الرِكانِ
وكمْ ذَكرتْ مَنابرُها افتراءً
وما انْقطعتْ عن الجُرمِ المُدانِ
حَواضرُ أمةٍ ذاتُ اكتئابٍ
وأوجاعٍ من الفِكَر الهُجانِ
فهلْ صُدِعَتْ وما فاقتْ ودامتْ
مُجاهرةً بمعلولِ الحَجانِ
جريحُ الروح قد يُشفى بجُرحٍ
لأنّ نزيفها إبراقُ قانِ
تُعلّمُنا حَوادثها دروسا
فنَرْكُنها بأوديةِ اخْتزان
طَبيبُ النفسِ مِنْ وَجَعٍ يَراها
ويَرسِمُها بمَكْلومِ البَنانِ
ثقوبٌ في ضَمائِرنا تنامتْ
لأنّ الفِعلَ مِنْ خُلِقِ امْتهانِ
عُروبتنا ألا سُقِمَتْ بإنّا
نحرناها بجاهلةِ السَنانِ
فصار البَعضُ أبْضاعا تلاحتْ
وأنّ الكلّ في لَجَج الفُتانِ
ومَنْ خبرَ النفوسَ يرى اضْطرابا
ويُدركها كموقدةِ الشِنانِ
حَسِبْتُ تراثَها نِبراسَ نورِ
ومُنطلقاً لإلهامِ التداني
ألِسْنا أم أ لَسْنا مِنْ ثراها
نُبعْثِرها بأرْوقةِ امْتهانِ
مَلكنا كلّ حاديةٍ لخيْر
وتُهنا في مَرابعِها بآنِ
عُصورٌ قد عَصَرْناها فجفّتْ
وما مَنحتْ سِوى بعض الهَتانِ
عَراقتُها على الأعْراق جارتْ
وأنّ الجذرَ موصولٌ بثانِ
وصارَ الدينُ تبْريرا لجُرمٍ
كأنّ عقولَها وهِبتْ لجانِ
وأنّ الجهلَ مبتهجٌ سعيدٌ
يعلمها مهاراتَ الخِيانِ
فما عَرفَتْ تُجابهها وترقى
إلى أفقٍ بعاليةِ الحَسانِ
ودامتْ تابعا أضناهُ بؤسٌ
وما برحتْ بمُعْضلةِ الحِرانِ
أسيرةُ غيْرها مِطلاقُ رأيٍّ
مكبّلةٌ بأفكارٍ رِطانِ
سيبْلعُها عنيفٌ ذاتَ يومٍ
ويَسجُرها بتنور الضِّغانِ
تطالعنا لياليها بأمْرٍ
فتدفعنا لهاويةِ الطِعانِ
ويَمضي شأنها دونَ اعْتبارٍ
كأنّ دروسَها صُنِعتْ لفانِ
ركبنا قرْنَها أسْرى احْترابٍ
وعُدنا نحو مانعةِ الْعِوانِ
وما ضاقتْ بنا بلدٌ ولكنْ
مُباركةً وواسِعةُ العَطانِ
وها نحنُ التقينا فوقَ أرضٍ
بما جَمَعتْ مُعززة الصِيانِ
وفي وطنٍ تُناهِبها خطوبٌ
تُشتِتنا وفي مِصرَ الكِنانِ
وفيْ شامٍ تقاستْ واسْتقادتْ
مَرابعُها بميدانِ انْطحانِ
فما بقيتْ تلائدُها وغابتْ
بداهيةِ احتراباتٍ عَوانِ
ألا نزفتْ بلادٌ عقلَ كنّا
فما كانتْ ولنْ تعدو لدانِ
نكأتَ جروحَها يا ويلَ روحٍ
بما بَصرتْ مُبعثرة اللسانِ
وإنْ غَنِمتْ بأمْجادٍ ومالٍ
ستبقى عينُها صوبَ احْتضانِ
ترابُ الأرضِ في وطنٍ حبيبٌ
وعَسْجدُ تالدٍ يبدو لرانِ
إلى مِصرَ التي وَهبتْ عَظيما
تحياتٌ مُعطرة الجُمانِ
وأشواقٌ إذا لَعَجَتْ قلوبٌ
وقد تاقتْ إلى نيلِ الجِنانِ!!
مهداة إلى الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة, وهي من وحي لقائنا وحوارنا وفيها ما لم يسمح لنا الوقت بقوله, وقد ترددت أبياتها في خاطري وأنت تسألني, مع خالص التقدير والاحترام .
*عكش وتعكّش : إلتوى وتلبّد
4\5\2014
واقرأ أيضاً:
أمامَ ضريحِ هابيل!! / أمامَ ضريحِ هابيل!! / نابليون!!* / مع نيشيدا كيترو!!