جاء في أنساب الأشراف: "حدثني محمد بن سعد عن الواقدي عن عاصم بن عمر عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن عن حاطب عن أبيه عن عمر أنه قال: لو ماتت سـخلـة على شـاطئ الفرات ضياعاً لخشـيت أن يسـألني الله عنها."
من يُشاهد الفضائيات العربية سيُدهش من كثرة الأخبار عن القائد المُلهم الباني، حامي الحمى وصاحب المكارم التي لا تُعد ولا تُحصى، حتى يُخيّل للمشاهد أنّنا أكثر الشعوب تقدّما في مختلف المجالات، ولا يُكلّف أحدٌ نفسه بالاطلاع على نسبة الفقر، وتدني المستويات التعليمية والرعاية الصحية وغيرها في بلداننا..!!
ويتغنى القادة بمقولـة "أنّ الإنسـان أغلى ما نملك"
وفي فلسـطين يخوض عشـرات الأسـرى المعتقلين إداريا بدون توجيـه أيّ تُهمـة لهم، إضراباً مفتوحاً عن الطعام منذ أكثر من خمسـين يوماً، مطالبين بحقهم في الحريـة كبقيـة خلق الله، ويتعرضون لمعاملـة قاسـيـة جداً تُهدّد حقّهم بالحياة، وتنتهك كرامتهم الإنسـانيّـة؛ ومع ذلك فإن سـلطات الاحتلال لا تعبأ بحياتهم، ولم تسـتجب لطلبهم العادل بالحرّيّـة، خصوصاً وأنّـه لا يوجد ضدّهم أيّ تهمـة، وهذا يعني أنّهم معتقلون "بناءً على الشّـكّ" بنواياهم المعاديـة للاحتلال، وكأنّـه مطلوب من الإنسـان الفلسـطيني أن يُسـبّح بحمد محتلّ وطنـه ومنتهك كرامتـه الإنسـانيّـة!
وإذا كان الأسرى لا يملكون خياراً للدفاع عن حقوقهم الإنسانيّة غير الإضراب عن الطعام، فإنّهم خاضوا معركة الأمعاء الخاوية، بالرّغم من الأضرار الصّحيّة التي تلحق بهم، ومستعدّين لتقديم أرواحهم ثمناً لحرّيتهم، لكنّ المريب هو اللامبالاة التي تقفها منظمات حقوق الإنسـان تجاه عشـرات الأسـرى الذين تذوب أجسـامهم تحت وطأة الجوع كما الشـموع المشـتعلـة..!!
و(إسرائيل) التي اعتادت على إدارة ظهرها للقانون الدولي ولقرارات الشرعية الدولية ولاتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، لم تعبأ بنداء الأمين العام لهيئة لأمم المتحدة بخصوص الأسرى المضربين عن الطعام، يُساعدها هذا الصمت العربي الرسميّ.
وإذا كان "الإنسان هو أغلى ما نملك حقاً"، فما تفسير هذا الصّمت؟ أم أن القيادات العربية لم تصلها أخبار الاضراب؟ ومن حق الإنسان الفلسطيني أن يتساءل أكثر من هذا، خصوصاً وأن الشعب الفلسطيني جزءٌ لا يتجزأ من الأمّة العربيّة، ألا تسـتحق أرواح أسـرانا المهدّدة حقاً بطلب اجتماع عاجل لمجلـس الأمن الدّوليّ لاتخاذ قرار يُلزم (إسـرائيل) بالإفراج عن الأسـرى المعتقلين إداريا على الأقلّ؟ وإذا ما سقط بعض الأسرى المضربين عن الطّعام شهداء فما هي مسئولية القادة الصّامتين، والذين لم يُحركوا ساكناً لحماية حياة الأسرى؟ هل يخافون الله إن لم يخافوا شعوبهم، اقتداءً بخوف عمر رضي الله عنه من موت سخلة ضياعاً على ضفاف نهر الفرات؟
13-6-2014
واقرأ أيضاً:
وفد وزاري عربي يتوسل المفاوضات/ هنا القدس...!/ بدون مؤاخذة ـ المرأة وحقوقها/ بدون مؤاخذة ـ عفواً سيادة الرئيس/ بدون مؤاخذة ـــــ أمريكا ليست راعياً للمفاوضات