القرن الحادي والعشرين، قرن الإمبراطوريات الافتراضية الإليكترونية، فالقوة المهيمنة والآسرة للبشرية جمعاء هي قوة اإليكترونية تفوقت على جميع قوى التاريخ، وفي تطور متصاعد وتفاعلات متنامية.
هذه الإمبراطورية بدأت تتضح ملامحها ووسائلها التفاعلية، وأبجديات لغتها وقوانينها ونظرياتها الفاعلة في الأرض.
وما يجري في بعض المجتمعات المتأخرة من أحداث، إنما تطبيق لنظريات وفرضيات ستؤدي لولادة قوانين جديدة متحكمة بالسلوك القائم والقادم.
ومن المعروف أن هناك اإمبراطورية حقيقية اإليكترونية واحدة مهيمنة على البشر على مدى أكثر من عقد، ومنها تنطلق آليات التواصل والتفاعل المتجددة دوما، وهي في مسيرة جد واجتهاد وابتكار وإبداع لوسائل غير معروفة وفعالة، لتكريس هيمنتها وإرادتها الاليكترونية الإمبراطورية اللازمة لإدامة قدرات قبضتها المحكمة على مجريات الأحداث والتطورات.
ووفقا لتطلعاتها يتم التحكم عن بُعد بالكثير جدا من التفاعلات، المحتدمة في بوتقة الأوطان والمجتمعات، لأنها لا تكلفها كثيرا ولا تتسبب بخسائر تقليدية، وتحقق إنجازات وانتصارات بكلفة رمزية.
ولهذا فإن العمل على أشده لتطوير وسائل التحكم بالحياة، وتشكيلها وفقا للمصالح والمقتضيات والتطلعات المتخيلة والمرسومة.
وفي ذات الوقت هناك حالات مؤلمة لمجتمعات اندفعت خارج العصر، واندحرت في مسيرات انقراضية، وآليات تدهور وانقطاع علمي وفكري وإدراكي عن الواقع الافتراضي المهيمن على البشرية جمعاء، وتحولت تلك المجتمعات إلى ضحايا باختيارها، ومختبرات لفحص النظريات والفرضيات، بما يساهم في تكبيلها أكثر ووضع المزيد من الأصفاد في معاصمها، بل إنها انزلقت إلى التفاعلات التنافرية الإقصائية، التي تقضي بزعزعة المشتركات وإعادة هندسة المجتمع، لكي يتفق والغايات اللازمة لإجراء التجارب المحكمة المؤدية إلى نتائج ذات قيمة سلوكية فعالة.
وهذه المجتمعات تحولت إلى ضحية وتابع للنشاطات الافتراضية، وميدانا ساخنا بجمراتها المتقدة بالدوافع والأحجية الداعية للتمزق والانهيار، وبذلك تحقق الاإمبراطوريات الافتراضية أهدافها بسهولة، لأنها تتمكن من تحويل الطاقات المخاصمة لها إلى طاقات تحقق أهدافها، بمعنى أن الإمبراطوريات الافتراضية ستكون متنامية ومهيمنة، لأنها تزداد قوة كل يوم بإضافة قدرات وطاقات تنجز ما تستهدفه، وتوفر أرباحا هائلة واقتدارا كاسحا لم يسبق له مثيل في التاريخ.
وهكذا فإن العديد من المجتمعات قد تحولت إلى أدوات لإنجاز أهداف تلك الإمبراطوريات وتقويتها، فما عادت هناك إرادة وطنية وأهداف مشتركة، وإنما سلوك متنافر، وتهاوي في أوعية الافتراضية والهيمنة الاليكترونية القاهرة!!
واقرأ أيضاً:
الثيران تصرعنا!! / حرب على حرب!! / الإرادة المستلبة والمفروضة!! / أمة اقرأ متى تقرأ؟!