لا أحد يستطيع أن يُنكر انتصارات (إسرائيل) في حربها الأخيرة على قطاع غزة، والتي بدأت في السابع من تموز الماضي. (فإسرائيل) حققت انتصارات لا يُمكن غضّ النظر عنها، وشاركها في هذا النصر الإدارة الأمريكية، وبعض الدول الأوروبية، وبعض الأنظمة العربية، وذلك من خلال مساعدتهم لها سرّاً وعلانية، كل حسب ظروفه؛ فالولايات المتحدة عوّضت (إسرائيل) علانية عن ذخائرها التي استنفذتها في إحراق قطاع غزة، وزوّدتها بملايين اللترات من بنزين الطائرات، وتم نقل بعض هذه الذخائر من قواعد أمريكية في دول عربية، عدا عن الدعم الدبلوماسي والإعلامي والاقتصادي!؟
وانتصرت (إسرائيل) في حربها هذه على القانون الدولي، وعلى اتفاقات جنيف الرابعة بخصوص الأراضي التي تقع تحت الاحتلال العسكري، وانتصرت على لوائح حقوق الإنسان، وعلى لوائح حقوق الطفل والمرأة، وانتصرت على حرية العبادة باستهدافها المساجد، وعلى حق التعليم باستهدافها المدارس، وعلى هيئة الأمم المتحدة باستهدافها مدارس وكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التي استُعملت كمراكز إيواء لمن هُدمت بيوتهم وشُرّدوا منها. وانتصرت على قوانين الحروب المتعارف عليها بين الدول والشعوب والتي تحصر دائرة الحرب في المحاربين فقط.
وانتصرت (إسرائيل) على خان يونس، وخزاعة، وبيت حانون وغيرها عندما مسحت بيوتها من على وجه الأرض.
وانتصارات (إسرائيل) على أطفال ونساء وشيوخ قطاع غزة حصدت أرواح أكثر من ستمائة طفل، وأكثر من أربعمائة إمرأة وأكثر من مئة مُسنّ، إضافة إلى آلاف الجرحى الذين تصل إصابات الكثير منهم لأن تترك إعاقة مستديمة.
وانتصرت (إسرائيل) بحربها على أعلى نسبة سكانية في العالم ــ حوالي مليون ونصف المليون مواطن ــ محاصرين برّاً وجوّاً وبحراً في حوالي مائتي ميل مربع. فصبّت عليهم آلاف أطنان الأسلحة من البر ومن الجوّ ومن البحر.
وانتصرت (إسرائيل) في هذه الحرب لأنها لم تعترف ــ حتى الآن ــ بمسؤوليتها "الأخلاقية" والسياسية عن الخسائر البشرية والمادية التي تسببت بها.
اقرأ أيضاً:
دروس من العدوان على غزّة/ الصواريخ الفلسطينية... "قوة الضعف وضعف القوة"/ صمتٌ متخاذلٌ وتبريرٌ متآمرٌ/ الموقف التركي من العدوان على غزة/ التطورات النفسية في حرب غزه –إسرائيل/ بين حرب تموز/يوليو والجرف الصامد