هو الدكتور العراقي حميد خلف العكيلي، الحاصل على دكتوراه الكيمياء الذرية وبروفيسور في الكيمياء النووية، سجنه النظام البائد ولكثرة التعذيب الجسدي والنفسي أصيب بخلل عقلي. وهو حتى الآن يساعد الطلبة في حل مسائلهم المستعصية..
(المعلومة الخاصة بـ تعذيب النظام له غير مؤكدة لي, وغير مرتبطة بموضوع المقال الأساسي)
كان ذلك مضمون الأخبار التي تناولت حالة البروفيسور العراقي حميد خلف, وصفه بالجنون واختلال العقل..!!
أصبح الرجل في عداد المجانين فاقدي العقل والأهليه من وجهة نظر مجتمعات تحكم على الشخص وتقيم العقل من خلال معايير الملبس والهيئة الخارجية, رغم أن عقل الرجل لا يزال يعمل بنفس العبقرية والتفرد, ليس بمجنون أو مختل ولكنه فقط عقل انسلخ عن عالمه الخارجي أصبح يعمل ضمن مكوناته الداخلية وتلك الحالة ما هي إلا حالة رفض لمظاهر الحياة, رفض للعالم .. وأعتقد ذلك ليس بجرم أو عيب..!
ذلك في مجتمعاتنا فقط..
جون فوربس ناش John Forbes Nash
عالم الرياضيات الأمريكي المصاب بانفصام الشخصية الارتيابي، اعتاد طلابه مشاهدته وهو يحادث ويتفاعل مع أشخاص غير موجودة, وعندما يلتقي بشخص لأول مرة يسأل أحد طلابه هل هناك من يتحدث معه بالفعل أم أنه فقط يتخيل ذلك..!! ورغم ذلك -هو العالم الحاصل على جائزة نوبل في علم الاقتصاد وذلك تكريماً لجهوده في نظرية الألعاب (نظريةالتوازن لـ ناش) والتي لها استخدامات كبيرة في الاقتصاد والتفاوض التجاري .. لم يتهمه الغرب باختلال العقل..
أبراهام لينكولن
الرئيس السادس عشر للولايات المتحدة الامريكية، أحد أشهر وأكفأ رؤسائها على الإطلاق، كان ينتابه نوبات من الاكتئاب الحاد التي ينتج عنها الكثير من الأفعال الغريبة, كبكائه المفاجئ بدون سابق إنذار .. ثم يُطلق بعض النكات المرحة بعد بكائه..
فينسينت فان غوخ
الرسام الهولندي الذي بلغ جنونه أنه قام بقطع إحدى أذنيه، ومحاولات الانتحار المتكررة, حتى مات مُنتحراً بالفعل!
لودفيغ فان بيتهوفن
الملحن والموسيقي العبقري عانى تعذيباً شديداً من والده كان نتيجته أنه فقد حاسة السمع فى مراحل متقدمة من حياته, كان بيتهوفن يُعاني من اضطرابات نفسية عنيفة، متملثة في نوبات اكتئاب حاد ووحدة وحزن دائم .. وعزلة وشرود
إرنست هيمنغواي
الأديب الأمريكي الكبير الحائز على جائزة نوبل للآداب في العام 1954، ظل لسنوات يرفض شراء ملابس جديدة، ويرفض تماماً أن يرتدي ملابس داخلية, يرهب استعمال الهاتف جداً, ويميل كذلك للعزلة, الرحلات والسفر وحيدا.
السير إسحاق نيوتن
العبقرية الفريدة, وصفه البعض درة العقل البشري والمنظّر الأول لقانون الجاذبية وقوانين الحركة، ومخترع أول تيليسكوب عاكس، وعشرات الاختراعات والقوانين الأخرى. وهو كذلك الرجل المصاب باضطرابات نفسية عنيفة, تقلب المزاج, وسريع الانفعال, يتحدث مع نفسه كثيراً بصوت عال، ويُخاطب أشخاصا غير موجودين..
جميعها حالات تثبت أن العقل البشري قد يصل لدرجات من الذكاء والعبقرية حد التوحش, يسيطر ويتحكم بالإنسان كيفما يشاء لـيصبح العقل هو فقط الدال على وجود الإنسان .. بالغرب لم يكن مصيرها الاتهام بالخبل ثم التجاهل والتشرد كما حدث مع البروفيسور "حميد خلف العكيلي" لمجرد أنه شذ عن قطيع المعتاد والمألوف بالملبس والمظهر..
ولكن بمجتمعاتنا هناك دائما من الجنون صنفان، من لا يستطيع التمييز بين اسمه واسم يومه, وكذلك من يشذ بفكره عن قطيع العادات والمسلمات, عن مألوف تقاليد ومعايير وضعتها وتتوارثها عقول مُنِحت شرف العقل لمجرد أنها تعيش خارج مَشافي المجانين..
واقرأ ايضًا:
الجمال.. أم الأنوثة؟؟!!/ مجنون في زمن العقلاء/ صلاح جاهين وثنائية الوجدان/ عقلاء المجانين/ شرف العقل والعقلاء
التعليق: ألف شكر على هذا المقال الجميل ولكن لدي بعض الملاحظات
1 لا يملك أي إنسان مناعة ضد الاضطراب النفسي. ما يجب أن يتحاشاه هو عدم طلب العلاج وهذا هو الهدف من المقال.
2 زبط الاضطراب العقلي بالعبقرية فيه بعض الغلو أحيانا فالفصام والثناقطبي مسارهما خبيث وتدمر الفرد بدون علاج. لا توجد دراسة تستحق الذكر تربط بين العبقرية والاضطراب العقلي.
3 لا أحب أن اكثر التعليق على المشاهير أعلاه ولكن كمثال واحد بيتوهفين. تشجيع والده له لم يكن عنيفاً ولا شيء مقارنة بموزارت مثلاً. لم يكن مصابا بالاكتئاب وكتب مرة واحدة فقط إلى العائلة في عمر 31 عاماً عن أفكار انتحارية. كان رجلاً طبيعيا فاشلاً مع النساء وله علاقة سرية مع امرآة يحبها. عاش في وقت النهضة والحروب الأهلية وخاب ظنه بنابليون الطاغية ومن جراء ذلك غير اسم السيمفونية الثالثة من بونابرت إلى قصيدة للفرح.
أما الطرش فلا علاقة له بعنف الوالد .يعيش اليوم بسيموفنيته التاسعة التي أصبحت السلام الوطني الموسيقي للاتحاد الأوربي