عرجتْ إلى لغةِ الحسين قصائدي
فتجزأتْ منهُ بألوانِ المحنْ
وتجمَّعتْ بيديهِ نهراً صافياً
هيهاتَ بعد الجمعِ تبقى في العفنْ
وتفتَّحتْ وطناً على خطواتِهِ
ودروبُهُ الخضراءُ تبحثُ عن وطنْ
مَنْ لمْ يكنْ عشقُ الحسينِ بدارهِ
فهو الذي في الدّارِ ليس لهُ سكنْ
هذا هو العشقُ الذي لم ينفتحْ
إلا بأحسن ما يكونُ من الحسنْ
مِنْ فكر ِهذا الحُسْنِ تنهضُ كربلا
ونهوضُها لصدى الحقيقةِ قد ذعنْ
وطوافُها في كلِّ زاويةٍ بنى
ونداؤها أحيا المعارفَ والسُّننْ
رُسُلُ الهدايةِ إن قرأتَ جميعَهمْ
بدمِ الحسينِ جميعُهم دفعوا الثمنْ
وبنحرِهِ قلبُوا الوجودَ ملاحماً
لم ينطفئْ فيها السِّباقُ معَ الزَّمنْ
وبصدرهِ المطحونِ أحيوا عالماً
لم يشتبكْ إلا بتحطيمِ الوثنْ
وبنزفِهِ الأبديِّ في أعماقِهمْ
سطعوا قناديلاً بأكبرِ ممتحنْ
باعوا إلى عطرِ السماءِ وجودَهمْ
والبيعُ من أفعالِ هذا العشقِ جنْ
وبهِ لهُ كلُّ الجواهرِ أقبلتْ
والمبحرون لكشفِها صلواتُ فنْ
ما قيمةُ الكلماتِ إنْ هيَ لم تكنْ
في العشقِ تستسقي لعالمِها المننْ
بقيَ الحسينُ فواصلاً أبديَّةً
سطعتْ ولم تُطفئْ جوارحَها المحنْ
المصطفى والمرتضى صفحاتُهُ
وجميعُهُ الزهراءُ صالَ بهِ الحسنْ
وضميرُهُ الوثَّابُ في لفتاتِهِ
بسوى التفرُّدِ في الشجاعةِ ما ركنْ
إنْ لم يكن روحاً لكلِّ كرامةٍ
ماذا سيبقى للكرامةِ مِن بدن
ماذا سيبقى للجواب إذا ارتوى
ذلاً وأمسى مِنْ نفاياتِ العفنْ
هيهاتَ يبقى العزُّ في مستنقعٍ
وهو الذي بهوى الحسينِ قدِ افتتنْ
مِنْ كلِّ رائعةٍ تفتَّحَ شامخاً
وصداهُ مِنْ فتحِ الكرامِ قدِ انشحن
ما ذلكَ الرمزُ الجميلُ سيقتني
صوراً تُسافرُ للمذلَّةِ والوَهَنْ
يا سيِّدَ الأحرارِ طابتْ أحرفٌ
خدمتكَ في شتَّى المفارزِ والمهن
طابتْ وبينَ مقالِها وفعالِها
صدحتْ بحبِّكَ روحُ أعقلِ مُستَجنْ
هيهاتَ يظمأُ مَنْ بنهرِكَ يرتوي
كلُّ الوجودِ وفي وجودِكَ قدْ كَمَنْ
بينَ النبوَّةِ والإمامةِ فاصلٌ
فوصلتَهُ بظلالِ أجملِ مؤتمنْ
السرُّ في نصفيكَ يُشرقُ هادراً
ويلوذ بالصَّمتِ الكبيرِ بكَ العَلَنْ
ما فارقتكَ يدُ السماءِ وأنتَ في
لُججِ المصائبِ ما بقلبِكَ مِنْ ضغنْ
كمْ ذا وهبتَ العالمينَ رسالةً
ودواؤها بسوى الحقيقةِ ما احتضنْ
كلُّ الجهاتِ إلى الحسينِ تهدَّمتْ
لو صرنَ يوماً ضمنَ أمواجِ الفتنْ
ما شاخَ مَنْ شبَّتْ جميعُ صفاتِهِ
وبها مسيرُ العارفينَ قدِ اتزنْ
أتريدُ تغسيلَ الجوارحِ كلِّها
فابكِ الحسينَ فما لغسلِكَ مِنْ درنْ
واغزِلْ حياتَكَ للشهيدِ فغزلُها
لجميعِ أوجاعِ الشهيدِ هوَ الكفنْ
ما عالَمُ الإسلامِ يسطعُ صاعداً
إلا إذا بيدِ الحسينِ قدِ اقترنْ
كيفَ المسيرُ لكربلا إنْ لمْ يكنْ
مفتاحُ معرفةِ الطفوفِ هوَ الشجنْ
كيفَ الوصولُ إلى السما إنْ لمْ يكنْ
فيها الوصولُ إلى الجَمَالِ هوَ الثمنْ
هذا يقينُ السائرينَ إلى الهدى
ما هدَّهُ شكٌّ وما أحياهُ ظن
لا يرتقي هذا الرُّقيُّ بعالَمٍ
إلا إذا في مسمعِ الأخلاقِ رنْ
ما ذلكَ التنقيطُ في أسمائِنا
إلا ليتخذَ الجَمَالَ لهُ وطنْ
ماذا سيبقى للحياةِ إنِ اختفتْ
لغةُ الحسينِ وعشعشتْ فيها المحنْ
تتوقَّفُ الأوقاتُ عنْ دورانِهِا
إنْ لمْ يكنْ فيها الحسينُ هوَ الزمنْ
واقرأ أيضا :
إلى تفسيركِ تتسابقُ الرَّحلات / قراءاتٌ في الجسدِ النَّاعم / في حضورِ هذا الحبِّ لا تغيبُ الكواكب / في فضاءاتِ الحبِّ تُحلِّقُّ الإرادة / رسمتـكَ أخلاقُ السماءِ