"هل أصبحنا كتابا مفتوحا؟"
انتشرت على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك FACEBOOK" في الفترة الأخيرة المزيد من الاختبارات التي تعتمد على توجيه أسئلة يتم الإجابة عنها من خلال اختيار إجابة من متعدد ... وبطبيعة الحال لا توجد إجابات صحيحة وأخرى خاطئة .. فالجميع يجيب حسب طبيعته وشخصيته .... وفي حقيقة الأمر فإنها تجذب عدد كبير من الناس، ويعقب الانتهاء من الإجابة حث واضعيها للناس بنشرها على نطاق واسع -قام كاتب المقال بالإجابة على ثلاثة من هذه الاختبارات- وما لفت نظري كثرة هذه النوعية من الاختبارات التي يجيب عنها متصفحي الفيس بوك ومن هذه الاختبارات ما يلي:
"الشخصية الفنية الأقرب لك.
من تشبه من المشاهير.
من تشبه من الشخصيات الكرتونية.
اختبار التوافق بين الحبيبين.
أين تستحق أن تعيش.
الوظيفة التي تستحقها.
اختبار الذكاء.
اختبار تحليل الشخصية.
صفات الحيوان المشابهة لصفاتك.
عمرك العقلي الذي تعيشه حالياً.
هل أنت مدريدي أم برشلوني.
شخصيتك من الأفلام. "أي بطل فيلم يشبه شخصيتك .....إلخ".
ونجد أسئلة متكررة يصل من خلالها مصممي ومحللي الاختبارات إلى طبيعة شخصية المستخدمين وسماتهم الشخصية وطبيعة تفكيرهم فيستطيعون من خلال تحليل الإجابات استخراج نسب إحصائية والتعرف على عينة التطبيق من حيث:
"هل هم غاضبون .. اعتماديون ... لا مبالون ... يسعون للتغيير .. راضين عن واقعهم المعاش ... لديهم رفض داخلي ... لديهم عناد وإصرار أم مسالمين ... يخرجون عن العادات والتقاليد ويقاومونها أم يلتزمون بإطارها ... وهل رأيهم نابع من الضمير ووجهات نظرهم ومبادئهم أم متماشياً مع ما يفرض عليهم من المجتمع المحيط بهم والذي يعيشون فيه ومن خلاله؟؟
هل لديهم الرغبة في العمل والإنتاج والالتزام بموعد للإنجاز أم بشكل عام متكاسلين ومتخاذلين .. هل يتطلعون للحريات وملتزمون بالحريات الخاصة أم تغلب عليهم اللا مبالاة بذلك أم أنهم يرفضون الحريات ويرون أنها تخرج عن الشرع والتقاليد أو أنها ستؤدي إلى فساد المجتمع.. هل اهتمامهم ينصب على مظهر الأشياء أم جوهرها ... هل ما يهمهم صورتهم أمام الناس أكثر أم التزامهم بالحق.... هل يعيشون ضمن الواقع أم ضمن الخيالات الواسعة ... هل الناس مقاومة أم مفاوضة أم متجنبة ومنزوية ومغلوبة على أمرها ... هل الناس لديها إصرار ورغبة شديدة في المحاولة وتتمتع بصبر ومثابرة أم لديها يأس سريع وإحباط ... أي نوع من القادة يفضل الناس؟؟
هل يصدق الناس ما يعرض عليهم بسهولة أم يحللون الأمر ويفندون ما يعرض عليهم وينقدونه ويختارون منه ما هو حقيقي ومثبت بالأدلة ... هل الناس تهتم أكثر بالمال أياً كان مصدره أم بالالتزام بالأخلاقيات.. هل يميلون إلى الإشارة للسلبيات أم يميلون إلى المجاملة .. وهل يبالغون في المجاملة.. وهل يتقبلون المجاملات من الآخرين... هل الناس تميل إلى العمل الجماعي ولديهم روح الفريق والجماعة أم أنهم يميلون إلى العمل الفردي .. هل الناس عندها روح التحدي والمخاطرة أم روح التجنب والخوف من الخسارة والانهزامية ... هل يميلون إلى التبسيط والتسهيل أم إلى محاولة حل ما هو معقد ويحتاج لوقت ومجهود ومال حتى يمكن التوصل إلى حله .. هل الناس من النوع المتسامح الذي ينسى بسهولة أم من النوع الذي يسعى للمواجهة أو تأجيلها حتى تأتيه الفرصة الحقيقية والوقت المناسب ليحصل على حقوقه لأنه لا يمكن أن يسامح في سلب حقه كإنسان؟؟
هل الناس تفضل المصلحة العامة على المصلحة الشخصية أم العكس .. هل الناس لديها خلق الإيثار أم الأنانية .. وما هي رغباتهم في أماكن العيش والسكن .. ورغباتهم في الأثاث المكون لهذا المكان ... وكيف يرغبون في أن يقضوا ما تبقى من حياتهم .. هل مزاجهم العام يغلب عليه الانبساط أم الانطواء ... الفرح أم الاكتئاب .. هل الناس تميل إلى رفع صوتها وإسماعه للآخرين أم إلى خفض صوتها والحرص على ألا يسمعها أحد.. وما هي الطرق التي يتبعها الناس في حل مشكلاتهم اليومية.. كم من الوقت يقضيه الناس على الفيس بوك ومواقع التواصل الاجتماعي بشكل عام ودرجة اهتمامهم بها .. ما هي المواقع المفضلة لهم؟؟ إلخ".
ونجد من خلال ما سبق أننا أصبحنا كتابا مفتوحا.. زجاجا شفافا لا يحجب الرؤية، إن هذا النوع من الاختبارات الهدف منه التعرف على طبيعة شخصية الناس وتحليلها من أجل الحصول على أنماط عامة مميزة للشخصية في العينات التي يشملها الفحص.. وربما بل مؤكد أن النتائج المستخلصة من إجاباتنا على مثل هذه الاختبارات سوف تستخدم لاحقا في اتخاذ قرارات سياسية أو في الحروب أو في الضغط على الدول.. أو في إثارة النزاعات وإحداث الفتن ... أو في التنبؤ بكيفية تصرف مجتمع العينة في الأزمات المختلفة، أو التنبؤ بنتائج التصويت في الانتخابات ... إلخ.
ووجهة نظري الشخصية أنه يجب علينا أن نتوقف عن الإجابة على مثل هذه النوعية من الاختبارات.. ماذا تبقى أن يعرفوه عنك سوى ما يحدث في غرفة نومك؟!!! هذا تحليلي والله أعلى وأعلم.
ملحوظة: من الخطأ تسمية هذه النوعية بالاختبارات هي مجموعة استبيانات وهناك فرق بين الاستبيان والاختبار ولكن نؤجل الفروق بينهما لوقت لاحق بإذن الله فالمجال ليس مناسباً الآن.
مع أرق تحياتي
واقرأ أيضا:
أنا والآخر/ الأطفال والاكتئاب/ مخاطر السعي لبلوغ الكمال/ التنافر المعرفي Cognitive dissonance