سـيظل مجلـس الأمن الأمريكي المشـهور باسـم مجلـس الأمن الدولي، هو الدرع الأول لحمايـة وجود (إسـرائيل) وأمنها وتوسـعاتها، وسـيظل هو الراعي الأكبر للمشـروع الصهيوني ولتصفيـة القضيـة الفلسـطينيـة. إنها خلاصـة قصتنا معـه ومع هيئـة الأمم المتحدة، منذ نشـأتها بعد الحرب العالميـة الثانيـة، ودورها في تقسـيم فلسـطين وقبول عضويـة (إسـرائيل) والصمت على جرائمها ومذابحها واعتداءاتها واحتلالها ورفضها تنفيذ أي من قراراتها... إلخ، وهي حقيقـة تعلمها جيداً الأنظمـة العربيـة والجامعـة العربيـة والسـلطـة الفلسـطينيـة.
ورغم ذلك يُصرون على اصطحابنا في كل "موسـم" إلى هناك، وسـط هالات من الصخب الإعلامي، لتضليل الرأي العام العربي والفلسـطيني بقرب وإمكانيـة حل القضيـة عبر القنوات الدوليـة. كما ضللونا بإمكانيـة حلها بالتفاوض مع العدو، في جولات مكوكيـة لا تنتهي من الهزائم والتنازلات والتواطؤ والفشـل اسـتهلكت عقوداً من أعمارنا وأضاعت مزيداً من أوطاننا. وكل ذلك بهدف مواصلـة الهروب من الاعتراف بخطيئـة خيار التسـويـة وموتها واسـتحالتها. وخوفاً وهرباً من البديل الصحيح الوحيد والممكن لتحرير الأرض وهو قتال (إسـرائيل) ومواجهتها.
والغريب هذه المرة في الموقف العربي والفلسطيني، هو أن النتيجة معلومة مسبقاً فالولايات المتحدة لم تكتفِ بإعلان نيتها استخدام الـ (فيتو) للاعتراض على مشروع القرار "الأردني" المقدم إلى مجلس الأمن لإنهاء الاحتلال لفلسطين 1967، بل إن الكونجرس أصدر بالفعل فى عام 2011 وبغالبية 407 صوت مقابل 6 فقط، قراراً يرفض فيه "الاعتراف بإقامـة دولـة فلسـطينيـة قبل التوصل إلى الاتفاق مع (إسـرائيل). ويُهدد بأنها سـتضر العلاقات الفلسـطينيـة _ الأمريكيـة وسـتكون لها انعكاسـات خطيرة على برامج المسـاعدة الأمريكيـة المقدمـة للفلسـطينيين والسـلطـة الفلسـطينيـة".
والذي كان من أبرز بنوده ما يلي:
_ يُكرر الكونجرس معارضته الشديدة لأية محاولة تسعى لإنشاء أو الاعتراف بدولة فلسطينية خارج اتفاق يتم التفاوض بشأنه بين (إسرائيل) والفلسطينيين.
_ يحث القادة الفلسطينيين على وقف كل الجهود الرامية للالتفاف على عملية التفاوض، بما في ذلك.. إعلان قيام الدولة من جانب واحد أو من خلال السعي للاعتراف بدولة فلسطينية من الدول الأخرى أو هيئة الأمم المتحدة.
_ كما يحثها على استئناف المفاوضات المباشرة مع (إسرائيل) فوراً ودون شروط مسبقة.
_ يؤيد معارضة الإدارة الأمريكية لإعلان أحادي الجانب عن قيام دولة فلسطينية واستخدامها حق النقض في مجلس الأمن لهيئة الأمم المتحدة في 18 شباط 2011، وهو أحدث مثال على السياسة طويلة الأمد للولايات المتحدة بالاعتراض على القرارات غير المتوازنة لمجلس الأمن المتعلقة (بإسرائيل) وعملية السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
_ يدعو الإدارة أن تُعلن أنها ستستخدم حق الـ (فيتو) ضد أي قرار بشأن الدولة الفلسطينية يُعرض على مجلس الأمن لا يأتي نتيجة لاتفاقات تم التوصل إليها بين (إسرائيل) والفلسطينيين.
_ يدعو الإدارة لقيادة جهد دبلوماسي لمعارضة إعلان من جانب واحد لقيام دولة فلسطينية وأن تُعارض اعترافاً بالدولة الفلسطينية من جانب دول أخرى، في إطار هيئة الأمم المتحدة، وفي غيرها من المحافل الدولية قبل التوصل إلى اتفاق نهائي بين (إسرائيل) والفلسطينيين.
وبالإضافة إلى هذا القرار من الكونجرس فإنه من المعلوم للجميع أن الولايات المتحدة قد استخدمت حق النقض لصالح (إسرائيل)، عشرات المرات. وبنظرة فاحصة لمضامين بعض مشروعات القرارات التي رفضتها أمريكا، سنجد أنها وبمفهوم المخالفة:
_ تدعم استمرار احتلال (إسرائيل) العسكري للأراضي المحتلة.
_ ترفض أي حق للفلسطينيين في تقرير المصير أو الحصول على دولتهم المستقلة أو العودة إلى ديارهم!
_ تدعم الأعمال التي تقوم بها (إسرائيل) والتي من شأنها تغيير وضع القدس وتدعم كل جهودها لمصادرة الأراضي وبناء المستوطنات!
_ تؤيد الغزو الإسرائيلي لجنوب لبنان!
_ تؤيد الغارات الجوية الإسرائيلية على لبنان وعلى مخيمات اللاجئين!
_ ترفض انسحاب القوات الإسرائيلية من لبنان!
_ تؤكد "قانونية" المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة وتدعم وتُبارك تشييد مزيد منها وتدعو جميع الدول إلى إمداد (إسرائيل) بكل المساعدات التي يُستفاد منها في بناء المستوطنات!
_ تؤكد "حق" (إسرائيل) بضم مرتفعات الجولان!
_ تُشجع الهجوم على الحرم القدسي الشريف!
_ تؤيد الانتهاكات التي يقوم بها الإسرائيليون لقدسية الحرم الشريف في القدس!
_ تُشجع انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي المحتلة!
_ تدعم الإجراءات القمعية ضد السكان المدنيين في الأراضي المحتلة وتدعو إلى استمرارها!
_ تؤكد أنه لا حق للفلسطينيين في تقرير المصير والدولة المستقلة ولا حق لهم بالعودة إلى ديارهم!
_ تدعو (إسرائيل) إلى انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني في الأراضي المحتلة!
_ تحث (إسرائيل) على ترحيل المدنيين الفلسطينيين!
_ تؤيد السياسات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة!
_ تؤيد قتل (إسرائيل) لثلاثة أفراد من طاقم هيئة الأمم المتحدة وتدمير مخزن للمواد الغذائية تابع لهيئة الأمم المتحدة في غزة!
_ تحث (إسرائيل) على إيذاء وترحيل ياسر عرفات!
_ تؤيد إنشاء جدار الفصل العنصري من قِبل (إسرائيل) على جزء من الأرض الفلسطينية في الضفة الغربية!
_ تؤيد قيام (إسرائيل) باغتيال الشيخ أحمد ياسين!
_ تؤيد التوغل العسكري الإسرائيلي في غزة الذي أسفر عن مقتل وقتل المئات وتدمير واسع النطاق للمنازل والمباني الأخرى!
إن مجلـس الأمـن مثلـه مثل (إسـرائيل)؛ لن يُعطينا سـلاماً ولن يسـمح بـه، أياً كان حجم التنازلات التي نُقدمها؛ في الثوابت أو الأرض أو السـيادة أو القدس أو حق العودة، فهو ممثلها الدولي وصانعها وراعيها وحاميها! وسـيتركنا لسـنوات وسـنوات نطرق الأبواب واللجان وننضم إلى المنظمات الدوليـة ونوقع اتفاقياتها ونتوه في أروقتها وطرقاتها، بدون أن يُعطينا حبـة رمل واحدة، أو يُصدر أي قرار لـه أي قيمـة إلزاميـة على الأرض.. فلماذا المكابرة والمماطلـة والمراوغـة والتضليل والإصرار على إضاعـة الأعمار والحقوق والأوطان..!!؟؟
واقرأ أيضا:
عفواً.. اعترافكم مرفوض!/ إخلاء سيناء مطلب (إسرائيلي)!/ البطولة أمريكية والكومبارس عربي/ خطيئة الاحتفال بالحرب العالمية الأولى/ شروط إسرائيل والسلام المستحيل!