إلى الخطى الأولى، إلى البداية، وحيث ينتهون، ستظلين البداية.....
سأنثر الأروراق فأنت غير معني بها، الخريف سيهدهدها بالريح، والمطر سيمحو كل حبرها. أنت لك أن تمضي دون أن تلتفت، الجميع يغادر دون أن تتريث نظراتهم أبداً عند هزيل المكان، أو فوق قطيرات الزمان المخاتلة أمام فحيح الخلاء، وقبل المغادرة كانوا قد باعوا حصتهم في كل هذا للنسيان، أو للإهمال، ولعلهم قد أهدوها لطريق ما تدوسها كل قدم دون أن يعرفوا لماذا.
الأوراق سيتولاها عبث التاريخ، فالتاريخ الذي يضع العمامة وقاراً ليس سوى ذاك الذئب الذي حصد الشياه التائهة حصداً، ليس بحاجة لارتداء جلد حمل، فهو شجاع بما يكفي ليقول كلمته الأخيرة التي لا يشهد عليها أحد ممن عاصر أكاذيبه.
هل سمعت بتاريخ وقف طويلاً عند دموع الأطفال في حرب ما؟
هل همس يوماً سراً: أن الملك قد داس على شرف نساء البلاد التي أضافها ماس نصر يتوهج على تاجه؟؟
هل سمعت أن امرأة استطاعت يوماً أن تختلي بالتاريخ، لتخبره شيئاً مما حدث لها قبل أن ترتفع أهازيج المنتصرين؟؟؟
ها أنت كما هو لا تخلد سوى انتصارك، ولا تنسى سوى شقوق السيل على محيا الماضي.
الأوراق ليست من شأن أناملك الملوثة بدعاء مزيف، كما رأيتك دوماً ترفع كفيك نحو سماء لا إله فيها، ترفعها رغم أنه قد قال إنه أقرب من حبل وريدك، فكلم وريدك، هو من يعرف أين يقيم خالقه، ودع الأوراق.... إن هي تناثرت فحسبي أنني كتبتها يوماً، وإنني عوضاً عن الصراخ في صحراء بدو لا يوقنون فيه بسراب، قد أودعت دمعي كما السراب...
كل الآمال التي تحرق بذبولها بتلات الفؤاد....
كل القبلات التي تساقطت من أغصان ثغر هوى، فهوى معه العشق حتى قعر محيط لا نجاة فيه لغريق....
دعها...
أكانت هي كل صباك؟ كل ما يقلقك لسنين طوال؟؟....، أم أنك لا تعلم أن ضياعها، قد سبقه ضياع زاوية كنت أحشد الكون فيها، وأهتف ملء أرض وسماء: عراااااق..؟؟
وسبق هذا بزمن طويل فقدان بكارة الطمأنينة من وسادة لم تعانق سوى أرق الخذلان، قد ضاع أمان نهار لا تلوح فيه شمس الله، ضاع هدوء ليل يبرق بعيني وحوش تبحث عن فرائسها فحسب.
دعها... إنها تطير كما تشاء لها الجاذبية، وفق عناد الريح.
إن كلماتها الأيزيدية تتساقط كما تساقطت كلمات الحلاج والسهروردي، دون أن يعني بها أحد، ككل الرؤوس التي تحز، ولا يستغرق سقوطها من زمن المجرات ما يذكر، رغم أنها خرجت من أرحامها في لحظة لا طاقة للمجرات بها، وبوجع من وضع حملها بعد عناء...
إنك تحتضن أوراقي، ومزق جسدي توشم مخالبك بلحم قد نبض في جسدك قلباً، قبل أن يصبح قلبي فيه...
قد صاح النخيل فيك إنه منك براء، ورمى الفراتان بزبد الجثث حيث تظن أن الكنوز كلها قد أورثت لأحفادك...
سأنثر الأوراق فأنت غير معني بها، فالخريف سيهدهدها بالريح، والمطر سيكون سعيداً بحبرها الذي يتماهى مع أبجدية آذار....
واقرأ أيضا:
بئر أبي ذر الغفاري / جدي دافنشي / غوانتانامو إبليس.. / كروموسومات انقراض الرجل الأخير / بضاعة / أهوار / ما بعد انقراض الرجل الأخير / نسوان ستان إزاء سنيستان وشيعيستان / يوم تمردت