صراخ في الزنزانات، صمت خارجها، هكذا لن تستوي المعادلة، وسيصرخ من هو فيها، ومن هو عليها... ولجتْ بابا قديماً شديد الحياء، ضيق بمصراعين ليسا بواسعين أبداً. لاحقتها عيناي حتى الدهليز الذي توارت في انعطافته.
قبعة نسائية تشبه غيرها، أكانت هي؟....
عدت إلى السوق مرة أخرى أبحث عن امرأة تشبهها، لا ترتدي النساء العربيات قبعة عادة في هذه المدينة، قادتني ظنوني إلى العودة حيث البيت الذي اختفت فيه. زقاق ضيق كجزء من حارة شرقية، الباب متناغم مع غيره من مظاهر الشرق التي تلف المكان.
عند النافذة تعلقت عيناي بطيف يتحرك ببطء.... لعلها هي؟
- أيتها المرأة، أهذا بيت زهراء؟
هكذا سألت باللغة العربية، وبالذات باللهجة العراقية...
- نعم هو ذاك.....
أجابت المرأة بعفوية بالغة متابعة سيرها دون أن تنظر إلي، كأنها تعلم حقاً كيف التقيت أنا بها؟..
في زنزانة جمعتني بها وقوفاً كانت أنفاسها المتلاحقة تشعرني بالخوف
- زهراء عبد الرضا....
بعدها تختفي خلف صراخها في مكان قريب جداً. في باحة سجن لمحتها مرة خرى بعد بضعة أشهر، وبطنها يتقدمها.
اليوم تبدو لي مختلفة، إلا أنها تحمل الكثير من اليافعة زهراء...
طرقت الباب بجرأة كبيرة.
وقف رجل عند الباب.
رأيت جرأتي تتحول إلى وقاحة:
- إني أبحث عن امرأة شاركتني زنزانتي....
- أية نزانة؟
أنت مخطيء أيها الرجل، لا يسكن أحد هنا سواي.
عدت إلى السوق تكاد خطاي أن تلذع الدروب الخاوية منها، بدت لي بين شعاع الشمس، وبين عيني تتوهج كقطرة دمع تتوارى في مقلة نزحت قوافل انتظارها نحو غروبها دون عودة.
آه..... كم تؤلمني اليوم بوقاحتها هذه الشمس المستبدة، فقد أشرقت بعد ذاك الظلام الذي احتوى مزق الثياب على جسد زهراء!!!!!!!......
واقرأ أيضاً:
ابحثْ لك عن نهاية أخرى.. / يوم تمردت / عقب ليلة مع أمير داعش / تهمة احتياز دعارة / أنونيماس / الولايات الأنثوية المتحدة / قصص قصيرة جدا