مومس واحدة تعني أن الجميع دفعها لتكون بنت ليل.
لم أعد بعدها إلى هذا المكان أبداً، لكنها بالتأكيد قد عادت مراراً، جلست إلى جوارها، كانت تمتلك علبة سجائر، ولم تتردد كثيراً في إعطائي واحدة.
كما توقعت لي أمي. انتهى بي الأمر أن أكون أنا، وممتهنات الدعارة في مكان واحد.
الحرب لم تضع أوزارها بعد، ومعظم العاهرات كن يساومن على أجسادهن، ليعاودن العمل، بعضهن يعيل أسراً كثيرة العدد، والإقامة في السجن تعني نفاذ القوت في البيوت، وجوع الأطفال.
- هذه المرة لن أساوم..
- لم لا تخرجين بهذه الطريقة، في النهاية سيأخذون ما يريدون دون مقابل..
- لا يبدو إنك مومس..
- نعم، أمتهن دعارة من نوع ثاني..
- إنها أوضاع يختارها الزبون..
- لست أعني ذلك..
- أهناك دعارة لا أعرفها؟..
- الكثير..، معظم من دخلن التوقيف معي تم إخلاء سبيلهن سوانا..
- تضعين نظارة؟..
- كي أرى جيداً..
- هل ترين أكثر مني؟..
- لا، لا أظن ذلك، أنت قد شهدت ما لم أشهده..
- هل تعلمين لم أنت هنا؟
- نعم...
- ملابسك رسمية جداً، هل زبائنك من علية القوم؟..
- نعم..
- لدي خمسة أولاد من زوج فقد في الحرب..
- أية حرب تعنين؟
- تلك التي لم تزل تحرق الأخضر واليابس..
- لدي ولد واحد، كانت ليلة عرس فقط، وغادرني عند الصباح دون عودة..
- أعثرتم على جثته؟
- دفنت واحدة تفتقر إلى ملامح البشر، محترقة تماماً، كي أحصل على تقاعد، وبيت..
- أها؟، تزورين قبر رجل مجهول؟..
- ما الفرق؟، هل ترين فرقاً؟..
ضحكت بضجيج متوقع من بائعة هوى..
- لا فرق بينهم، ذوقهم واحد، يشتمونك، ويسجدون أمامك كل ليلة..
- أردت أن يكون لأمه قبر تزوره..
- أين وجدوك، مع من؟
- بعد إكمالي لإذاعة نشرة الأخبار، كنت وحيدة، حتى المخرج قد غادر، رغم ذلك أنا معك موقوفة..
- هل بعت الهوى على الهواء مثلاً؟
- ضحكت من جديد بصخب..
- لا، ربما لأنني لم أفعل..
- دعيه يحصل في الخفاء، هذا أفضل بكثير..
- هل فعلت ذلك يوماً؟
- بلى، وكنت غبية حين رفضت أن يختلي حبيبي بي، وأمنحه ما أراد حقاً..، فقد اضطررت بعدها إلى الإختلاء بمئات غيره..، انتهى زمن الهوى ككل شيء آخر..
- إن لم يفعلها الشرطي، سيفعلها المدير..
- لدي خمسة ينتظرون..
- لدي واحد مصاب بالتخلف العقلي، هو مع جدته..
- لنخرج إذن من هنا..
- أنت للشارع، وأنا نحو غرفة المدير؟..
- ليس لنا سوى ذلك..
- أعطيني سيجارة أخرى..
- كان التدخين يوماً ما عصياً..
- كان........
- الشرطي قادم..
- المدير أيضاً...
يقترب الشرطي ومعه المدير...
غرفة التوقيف تغادر آخر نسائها...
واقرأ أيضاً:
ابحثْ لك عن نهاية أخرى.. / يوم تمردت / عقب ليلة مع أمير داعش / زهراء / أنونيماس / الولايات الأنثوية المتحدة / قصص قصيرة جدا