قرأتـْكَ يا عبَّاسُ أعلامُ الـهـدى
مـثـلاً يـُضـمُّ لأجـمـل ِ الأمـثـال ِ
ما زلتَ رحَّالاً لكلِّ حقيقةٍ
وصدىً لبسملةِ الشّـذا المُتتالي
وقصيدةً خضراءَ مِن عبقِ التقى
تأبى الخضوعَ لهذهِ الأوحالِ
ما ذلكِ العطشُ الكبيرُ سوى الإبا
والترجمانِ لوقفةِ الأبطالِ
بلَّلتَ بالعطشِ الكبيرِ ضمائراً
فتوقَّدتَ لغةً لأجملِ حالِ
مِنْ جانبيكَ سحائبٌ ألوانُها
وثباتُ حرفٍ ساطعٍ جوَّالِ
وخطاكَ بين فواصلٍ وعواصفٍ
نبعُ الحياةِ وخلقُ خيرِ رجالِ
ما زالَ فكرُك هادراً متمكِّناً
وطريقُهُ فتحٌ لكلِّ سؤالِ
كم ذا قلبتَ المستحيلَ كواكباً
لم تنطفئْ بتآكلٍ ومحالِ
حـرَّرْتَ عطرَ الـصَّـالحـاتِ ولم تـزلْ
بـهداكَ مفترقاً لـكلِّ نـزال ِ
رسـمتـْكَ أخـلاقُ الـسَّـماءِ وأنتَ في
خيرِ الخِصال ِ وصالُ خيرِ خِصَال ِ
هذي الأهلَّة ُ كلُّها لم تنغلقْ
وضياءُ روحِكَ فتحُ كلِّ هلالِ
ويداكَ للصلواتِ واحةُ رحمةٍ
ويداكَ للظلماتِ شرُّ وبالِ
وعلى نضالِكَ كربلاءُ تتابعتْ
ألقاً ومرآةً لكلِّ نضال ِ
وُلـِـدَتْ عـلى حمـلاتِ نورِكَ قصَّةٌ
هيَ مِن صلاتِكَ روحُ كلِّ جمالِ
هـيَ مِنْ صداكَ تلاوة ٌ قـدســيـَّـةٌ
وتـلاقـحُ الأقـوال ِ بالأفـعـال ِ
ما كان ظلُّكَ وهو ينتخبُ الهدى
إلا بيانَ تواصلٍ وفِصالِ
يا سيِّد الطلعاتِ فكرُكَ لمْ يزلْ
سِفْرَ المياهِ ونبضَه المُتتالي
كمْ ذا أقمتَ لنا الجراحَ شوامخـاً
وأمـتَّ غـطرسة َ الخنا المُتعالي
مـِنْ كـلِّ جـرح ٍ فـيـكَ تـُولـَدُ قِـمـَّةٌ
لا تـنـحـنـي أمـجـادُهـا لـزوال ِ
عبَّاسُ يـا قـمرَ الدجـى وسـبـاقـَهُ
يـا مـنـتـهـىً لـخـُلاصـةِ الأجـيـال ِ
ما كانَ إسمُكَ حينما اقـتحمَ المدى
إلا زلالاً صُبَّ فوقَ زلال ِ
ما أنتَ إلا صورةٌ لمْ تُكتشَفْ
أجزاؤها إلا لكلِّ كمالِ
إنِّي وجدتـُكَ نهضةً أبعادُها
لم تشتركْ يوماً بدربِ ضلالِ
فـأخذتُ مِنْ معناكَ أجنحةَ السَّما
ونسجتُ منكَ معالمي وظلالي
وقرأتُ ذاتَـكَ أحرفاً أنفاسُها
كمحطةٍ لـتـشـكِّـل ِ الأبـطـال ِ
كم أشرقتْ مِنْ جانبيك مناهجٌ
لـم تـنـفـتـحْ إلا بأحـسنِ ِ حـال ِ
أنطقتَ ملحمةَ الإبـاء ِ روائعاً
وبعثـتها فتحاً لكلِّ مجالِ
مِنْ كلِّ معـنى منـكَ يـظهـرُ لـؤلـؤٌ
لقطاتِ فكر ٍ عاطر ٍ سيَّال ِ
هذا جمالُكَ عالَمٌ متصاعدٌ
لم يرتفعْ إلا لكلِّ جمَال ِ
ما أنتَ في عطشِ المياهِ وريِّها
إلا نضالٌ جاء بعد نضالِ
ما الماءُ إلا أنْ يعيشَ مُحلِّقاً
ونقاطُهُ خرجتْ مِنَ الأغلال
هذي الفضائلُ لا تُضيءُ لهمَّةٍ
حتى تسيرَ بهذهِ الأثقالِ
واقرأ أيضا :
إلى تفسيركِ تتسابقُ الرَّحلات / قراءاتٌ في الجسدِ النَّاعم / في حضورِ هذا الحبِّ لا تغيبُ الكواكب / فواصلُ لا تُطفئها الظلال / في فضاءاتِ الحبِّ تُحلِّقُّ الإرادة / استحضارُ الحروفِ الغائبة / بقايا تنتظرُ الرحيل