شواهد كثيرة تشير إلى أنه سيجري الدفع بقوات برية إلى اليمن لحسم الصراع الداخلي على السلطة هناك، والمفاجأة هي أن قوام القوات البرية سيكون من مصر وباكستان، فالتحركات السياسية والعسكرية وما نشر من أخبار يؤكد بقوة هذا الأمر. فدول الخليج لا تريد أن تتحمل الخسائر البشرية المتوقعة في الحرب البرية لذلك اكتفت بضرباتها الجوية المريحة، ثم أجرت الإتصالات بمصر وباكستان للقيام بالجزء الصعب والخطير في المعركة وهو الحرب البرية، وذلك نظير مساعدات تلك الدول لمصر في أزمتها الاقتصادية (ضخ 6 مليار دولار بعد المؤتمر الاقتصادي)، ونظير دعمها المادي السخي للجيش الباكستاني (من المعروف أن القنبلة النووية الباكستانية كانت بدعم مالي خليجي، وأن الجيش الباكستاني يتلقى دعما خليجيا دائما). أي أن مصر وباكستان عليهما أن يسددا فواتير الدعم من دماء أبنائهما في حرب أهلية يمنية لا ناقة لهما فيها ولاجمل (لا تصدق دعاوى الحديث عن باب المندب واحتمالات إغلاقه، إذ لا يوجد عاقل يصدق هذ الكلام).
وقد انتبه البرلمان الباكستاني لهذا الأمر ووقف أعضاؤه بلا استثناء يرفضون إرسال قواتهم البرية إلى اليمن، أما نحن في مصر فلا يوجد برلمان ليرفض (وحتى لو كان موجودا ماكان له القدرة أو الجرأة ليرفض)، ولهذا وجب علينا جميعا أن ننبه لخطورة هذا الأمر، خاصة وأن لدينا تجربة مريرة سابقة في اليمن حين أرسل عبد الناصر بقوات من الجيش هناك فوقعوا في فخاخ العصابات اليمنية المسلحة وسقط ضحايا كثر في هذه الحرب دون تحقيق أي أهداف أو مكاسب، فالطبيعة اليمنية شديدة الصعوبة، فهي عبارة عن جبال وكهوف، وأهلها يحفظونها جيدا لذلك يصبح من الخطر الشديد دخول أية قوات برية في هذه الظروف المعقدة، خاصة وأن ثمة ثأر شديد بين المجموعات المسلحة في اليمن ذوي التوجهات الدينية المتشددة وبين الجيش المصري مما سيعطيهم فرصة ذهبية للانتقام من القوات التي ستذهب إلى هناك وستساعدهم التضاريس اليمنية على تحقيق ذلك الهدف.
كما أن إيران وحزب الله ينتظران لحظة نزول القوات البرية لتحقيق انتصارات مؤكدة في اليمن وهز الروح المعنوية للجيوش المشاركة في هذه الحرب. ولكل هذا يصبح التحذير من التورط في الحرب البرية في اليمن أمرا ضروريا، إذ لا يتصور أن تكون دماء أبنائنا رخيصة لمجرد أننا احتجنا لمساعدات. وليس من اللائق أن تتسرب أخبار للصحف في الأيام الأخيرة تفيد بارتفاع عجز الموازنة وانخفاض الاحتياطي النقدي في الشهور الأخيرة بشكل غير مسبوق، وكأنها تبرير مسبق لقبول إرسال أبنائنا ليموتوا على جبال وفي كهوف اليمن ليسددوا فواتير المساعدات الخليجية وليدافعوا عن أمن ورفاهية وسعادة الخليج.
واقرأ أيضًا:
الاغتيال المعنوي/ انتبه.. العربة تجنح يسارا (2 من 2)/ أنـا السيسي/ مصر بعد الانقلاب: الأمن عاد، والخوف ساد!