طالب الدكتور عبدالرحمن حماد، مدير وحدة طب الإدمان بمستشفى العباسية للصحة النفسية، الجهات المسئولة عن مكافحة المخدرات وعلاج الإدمان بتوخي الحذر تجاه القمة المرتقبة بالأمم المتحدة المزمع انعقادها أبريل 2016 عن المخدرات لحث حكومات العالم على إنهاء الحرب على المخدرات وتقنين حيازتها أو تعاطيها بكافة أنواعها، طالما كانت للاستخدام الشخصي وكذلك تقنين التداول والاتجار.
وحذر في تصريحات خاصة لـ"مصر العربية" من انصياع مصر وراء الدعوات المشجعة لتقنين المخدرات نظرًا لخطورة ذلك على الوضع الاجتماعي والاقتصادي للبلاد، موضحًا أن ذلك يأتي في الوقت الذي تعالت فيه أصوات بعض دول الشرق الأوسط الداعية لتقنين المخدرات مثل إيران وخاصة تصريح عضو مجلس تشخيص النظام والدعوة لتقنين القنب، والمغرب بعد فوز حزب التجديد الذي يدعو للتقنين، وكذلك لبنان وتونس.
ولفت حماد إلى أن ريتشارد برانسون، رجل الأعمال البريطاني، أعلن على الموقع الإلكتروني لمجموعته فيرجين جروب، أن مكتب الأمم المتحدة أعد تقريرًا يحث الحكومات على وقف تجريم حيازة المخدرات طالما أنها لأجل التعاطي الشخصي، وهو ما سينطبق على أنواع المخدرات كافة.
وأضاف أن برانسون قال إن المنظمة الدولية أرسلت التقرير بالفعل لعدد من كبرى وسائل الإعلام، ومنها بي بي سي ولكنها طلبت عدم نشر أي مقتطفات منه، أما موقع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قال في بيان رسمي إن الوثيقة ليست نهائية ولا رسمية من مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، ولا يمكن قراءتها كبيان لسياسة المكتب.
وتابع: إذ أنها لا تزال قيد الاستعراض والمناقشة، ونفى المكتب تعرضه للضغط من إحدى الدول الأعضاء لسحب الوثيقة، وذكر باستهجان كيف يتم سحب وثيقة غير معدة أو جاهزة أصلًا، كما أن المكتب لا يزال يتبنى سياسة ونهج متوازن لحل مشكلة المخدرات، تعزز من حقوق الانسان ويتماشى مع المعايير الدولية.
وأفاد مدير وحدة طب الإدمان إلى أنه قد ازدادت سخونة المعركة بين طرفين، الطرف الأول يدعو إلى وقف كل أشكال التجريم للتعاطي والحيازة لجميع أنواع المخدرات (ماريجوانا، أفيون، هيروين، كوكايين)، وفريق آخر يدعو إلى منهج شامل متوازن لحل مشكلة المخدرات، ليس من ضمنها إباحة استخدامها.
وأكد أن هذا النهج الشامل والكامل والمتوازن يتضمن تحقيق الهدف الأسمى من الاتفاقيات الدولية لمكافحة المخدرات، وهو ضمان صحة البشر النفسية والجسدية، ويتطلب هذا النهج تنفيذ الاتفاقيات الدولية الثلاث لمكافحة المخدرات.
وحول موقف مصر من مشكلة المخدرات، قال إن مصر وقعت على الاتفاقيات الثلاث لمكافحة المخدرات، ولها نشاط كبير في مواجهة هذه المشكلة، ومعنية بها بالأساس، مضيفًا: لكن بخصوص الجدل الدائر حول إلغاء التجريم، والموقف من التغيرات المقترحة، حول القوانين القائمة، لم أسمع أي رأي من أي جهة مسؤولة، رغم أني نشرت تقرير لجنة سياسات الأمم المتحدة، ودعوت لمناقشته منذ أشهر، فلم يرد أحد على دعوتي، وكأن الأمر لا يعنينا.
واستطرد حماد أن هذا التقرير أعدته اللجنة العالمية المعنية بسياسات المخدرات وهي لجنة مساعدة للأمم المتحدة تعني بالمشاركة في وضع السياسات، تابعة لمدرسة لندن للاقتصاد، بعنوان "التحكم بزمام الأمور.. السبل الناجحة إلى سياسات المخدرات" .
وشدد على أن هذا التقرير سيكون حجز الزاوية في مناقشات الدورة الاستثنائية للأمم المتحدة عام 2016 حول مشكلة المخدرات التي يترقبها الجميع، وقد تصدر التقرير خطابًا موقعًا من عدد كبير من الشخصيات السياسية والأكاديمية العالمية تدعو الأمم المتحدة لأخذ المبادرة في تطوير شكل جديد من أشكال التعاون الدولي لمواجهة ظاهرة انتشار المخدرات والتخلي عن السياسات القديمة البالية التي مضى عليها ٦٠ عامًا التي ترتكز على تجريم المخدرات ومنع تداولها التي لم يجني من ورائها العالم إلا خسائر متزايدة صحية واجتماعية واقتصادية وأمنية.
وأشار إلى أن التقرير يسخر من دعوات سابقة تبنتها الأمم المتحدة والدول وهي "عالم خال من المخدرات" من بين الموقعين خمس علماء في الاقتصاد حصلوا على جائزة نوبل، بالإضافة إلى سياسيين مثل نيك كليج نائب رئيس وزراء بريطانيا، وخافير سولانا، وكوفي عنان، ورؤوساء دول ووزراء حاليين وسابقين من عدة دول، منها جواتيمالا وكولومبيا والولايات المتحدة.
وقال إن التقرير يطرح رؤية نقدية للافتراضات السائدة حول فاعلية منظومة التجريم وإنفاذ القانون والاعتماد علي الآليات الأمنية في مكافحة المخدرات (خفض العرض) وفي هذا الصدد يرصد التقرير التداعيات لسياسات مكافحة المخدرات الحالية؛ بدءً من ضحايا حروب المخدرات المسلحة، مرورًا بالسجن الجماعي ونزوح السكان من بؤر الصراع بين الحكومة وعصابات زراعة ومعالجة المخدرات، ووصولًا إلى انتشار الجريمة المنظمة وارتفاع معدلات الإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية.
وتابع حماد أن حظر المخدرات أوجد سوقًا غير مشروعة هائلة تقدر بحوالي 300 مليار دولار، وتكلفة ذلك لا تقتصر على الدول المنتجة للمخدرات، بل تتعداها أيضًا إلى إحداث معاناة في الدول المستهلكة، فعلى سبيل المثال يوجد في الولايات المتحدة الأمريكية أقل من 5% من سكان العالم، لكنها تضم 25% من المسجونين على خلفية المخدرات في العالم، وأغلب هؤلاء المسجونين من المذنبين غير معتادي الإجرام القابلين لإعادة التأهيل، أو تطبيق بدائل لسجنهم أكثر رخصًا وفاعلية في تقليل عودتهم إلى الإدمان وحماية المجتمع.
واستكمل: كما يوجد 40% من بين تسعة ملايين سجين حول العالم، موجودون خلف القضبان لأسباب لها علاقة بمخالفات تتعلق المخدرات، ويحتمل أن يزداد هذا الرقم بسبب الزيادة المستمرة في أعداد المقبوض عليهم بتهم تتعلق بالمخدرات في آسيا وأمريكا اللاتينية وغربي أفريقيا.
وبشأن أهم الاقتراحات التي يتبناها التقرير، أوضح أنها تشمل إلغاء التجريم لكل أشكال التعاطي للمخدرات، وتوفير وسائل العلاج البديل القائم علي التقليل التدريجي لجرعات التعاطي، وإنشاء مرافق "تحت المراقبة" لاستهلاك المخدرات، وأن تشرف الدول على توزيع المخدرات، لضمان وصول مخدرات نظيفة، وللاستفادة من عوائد بيع المخدرات، في التنمية والعلاج، وتوفير خدمات الرعاية الصحية للمدمنين قبل الإقدام على العلاج مثل صرف الإبر والمحاقن للتقليل من عدوى فيروس نقص المناعة المكتسبة الإيدز.
نقلاً عن: موقع مصر العربية
اقرأ أيضًا:
لبنان.. رحلة الحياة5 / على باب الله: البابا... والذي أسأنا فهمه(1)