المصطلحات
في عمر ثلاثة أعوام يستطيع الطفل أن يقول بأنه ذكرا أو أنثى، وهذه هي الهوية الجنسية Sexual Identity. يعرف الفرد نفسه ويعرفه المجتمع استناداً إلى الأعضاء التناسلية الخارجية. إذا حصل بعض الارتباك في هذا التعريف لأمراض عضوية نادرة جداً فعند ذلك يتم فحص الأعضاء الداخلية عن طريق الفحوص الإشعاعية وينتهي الأمر.
حالة سريرية
امرأة من المغرب العربي تزوجت من رجل يعمل في الخليج العربي. وصل الرجل إلى منتصف العقد الرابع من العمر وقرر البحث عن زوجة له وشد الرحال إلى المغرب العربي ووقع اختياره على فتاة عمرها 19 عاماً. بعد 14 شهراً رحلت معه إلى بريطانيا لقضاء عطلة الصيف وفجأة رحل وترك رسالة لها يقول فيها: "أنت من الجن ولست من النساء...؟". أرسل رسالة إلى أهلها يخبرهم بأن ابنتهم ليست بامرأة وأنها من الجن استناداً إلى آراء الكثير. حاولت الفتاة شد الرحال إلى بلدها وأعلن الأهل رفضهم استقبالها.
هذه الحالات نادرة جداً. طلبت اللجوء لأسباب إنسانية وحصلت عليه. الفحوص الإشعاعية كانت لرجل والأعضاء التناسلية الخارجية لامرأة ولكن بعيدة عن الوصف المثالي. تم تحويلها إلى مركز خاص في جامعة لندن للعلاج. اختارت أن تكمل مشوارها في الحياة كأنثى لأنها لم تعرف سوى أنها أنثى، ولم يعاملها الأهل سوى أنثى، ولم يقبلها المجتمع إلا أنثى. تم علاجها جراحياً وتأهيلها نفسيا وتجاوزت ارتباكها اجتماعيا وتزوجت بعد عامين.
هذه الحالة توضح لنا بأن الهوية الجنسية للمريضة كانت هوية جنسية ذكرية بيولوجية لا تقبل النقاش. يحمل الذكر كروموسومات XY والأنثى XX لكن الهوية البيولوجية غير ما يسمى بالهوية الجنسوية Gender Identity والتي تتعلق بالأبعاد السلوكية والنفسية للفرد وإحساسه بأنه ذكر أو أنثى. يمكن القول بأن الهوية الجنسوية هي حصيلة آراء ومعاملة العائلة والمجتمع للفرد استناداً إلى هويته الجنسية البيولوجية. يكتسب الإنسان سلوكاً خاصا استناداً إلى الهوية الجنسوية ويتم استعمال مصطلح الدور الجنسوي Gender Role.مع اجتماع الهويتين يعرف الطفل نفسه ذكراً أو أنثى ويتفاعل مع أقرانه استناداً إلى ذلك.
في الغالبية العظمى من البشر المعادلة هي: الهوية الجنسية = الهوية الجنسوية = الدور الجنسوي.
ما توضح لنا هذه الحالة بأن الهوية الجنسوية والدور الجنسوي في الحياة يصبح ثابتاً ومن الصعب تغييره بعد البلوغ والهوية الجنسوية أهم للفرد من هويته الجنسية البيولوجية.
ولكن هناك من لا يعترف بالهوية الجنسية ولا يعير لها أهمية ويقول أنه ولد في الجسد البيولوجي الخطأ. في هذه الحالة:
الهوية الجنسية = صفر.
الهوية الجنسوية = الدور الجنسوي.
ويطالب بتصحيح هذه المعادلة للحصول:
هوية جنسية = هوية جنسوية = دور جنسوي.
الغالبية العظمى منهم يكتفي بتعديل الهوية الجنسية بصوره تجميلية عن طريق الهرمونات وفنون التجميل. ولكن هناك من يطالب بأكثر من ذلك ويصر على تداخل جراحي أهدافه:
1 - التخلص من الهوية الجنسية البيولوجية الخارجية.
2 - الحصول على هوية جنسية خارجية تجميلية غير قابلة للتغيير.
ولكن الذي لا يمكن الحصول عليه هو هوية جنسية بيولوجية مطابقة للهوية الجنسوية.
كلمة Gender بحد ذاتها كلمة لاتينية وإغريقية لا مرادف لها في اللغات الأخرى. يتم ترجمتها أحيانا إلى جنسوي ولكن حين تستعملها لا يفهمك أحد وحين تقول Gender يتنفس المستمعون الصعداء.
استعارت الإنكليزية هذا المصطلح من اللاتينية في القرون الوسطى وتعني النوع أو الصنف. أما كلمة gen فهي إغريقية وتعني ينتج وبالتالي نستعملها لوصف الأوكسيجين والجينات. معظم اللغات الشرقية تستعمل كلمة جندر الآن بدلا من استحداث مصطلحات جديدة بعد شيوع عالم الإنترنت ولهذا السبب من الأفضل استعمال كلمة جندر بدلا من جنسوي كما هو الحال مع كلمة أوكسجين وجينات.
أما كلمة ترانس فهي تشير إلى التحول أو الانتقال ولكنها الآن ملتصقة بكلمة واحدة وهي جندر. إذا أضافت الكلمة إلى رجل فتقصد الأنثى التي تحولت إلى رجل Trans man (متحول رجل) وإذا أضفتها إلى امرأة فتعني المتحولة من رجل (متحول امرأة) Transwoman. في الممارسة الطبية لا تزال كلمة ترانس جندر هي السائدة ويقال ترانس جندر رجل وترانس جندر امرأة.
مجموعة الترانس جندر
أعضاء هذه المجموعة يتميزون بعدم تجانسهم هذه الأيام من ناحية العمر والهوية البيولوجية الجنسية وتصنيف الخطل الجنسي. هذه الأيام تكثر ملاحظة المراهقين وزيادة عدد الإناث منهم وبالتالي فإن النسبة المعروفة (80% ذكور) بدأت تتغير.
يصل العيادة من يتم تعريفهم كالآتي:
٠ متحول الجنس Transsexual المطالب بالحصول على جسد الجنس الآخر.
٠ العليل الجنسوي Gender queer والذي يدعي بأنه ما بين الجنسين.
٠ الممارس لارتداء ملابس الجنس الآخر Cross Dresser.
هناك مصطلحات عدة للهوية الجنسوية هذه الأيام والذي ساعد في انتشارها موقع الفيس بوك على الإنترنت الذي يعطي الجميع 72 اختيارا لهوية جنسوية منها: gender variant، gender fluid، agender، two-spirit وغير ذلك. الغالبية العظمى منهم لا يطلبون الجراحة ولكن الحصول على تشخيص اضطراب الانزعاج الجنسوي الذي شاع استعماله شعبيا مع صدور الطبعة الخامسة للمجلد التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية للجمعية الأمريكية للطب النفسي. المعايير المستعملة لتشخيص الاضطراب في متناول الجميع ويمكنك أن تتوقع بأن المراجع قد اطلع عليها أكثر من مرة قبل وصوله مركز الصحة النفسية.يشير المجلد إلى وجود حالة من عدم التوافق ما بين الهوية الجنسية البيولوجية للفرد والهوية الجنسية التي يشعر بها داخليا في أعماق نفسه (الهوية الجنسوية) ولفترة لا تقل عن 6 أشهر. يضاف إلى ذلك الرغبة الشديدة في:
٠ الحصول على هوية أخرى.
٠ التجميل كالجنس المعاكس.
٠ التفاعل مع الآخرين بهوية معاكسة.
٠ الصفات الجنسية العكسية.
٠ التخلص من الصفات الجنسوية الثانوية.
٠ اللعب والهوايات المعروفة للجنس الآخر (الأطفال).
هناك حقل خاص للأطفال وآخر للبالغين لا يصعب التمييز بينهما.
يحصل الارتباك أحيانا في المراجع والطبيب حول التوجه الجنسي وتمييزه عن الانزعاج الجنسوي. الحديث عن التوجه الجنسي هو عن اندفاع الفرد جنسيا نحو الآخرين. إن كان مندفعاً نحو الجنس الآخر نسميه غيريا، نحو نفس الجنس نسميه مثلياً ونحو الجنسين ويعرف بالثنائي. وهناك من لا اندفاع له ونسميه لا جنسياً.
ازداد هذا الارتباك مع ولادة حركة جماهيرية في العالم تطلق على نفسها حركة LGBT وتضم ما يلي:
1 - النساء المثليات Lesbians.
2 - الرجال المثليون Gays.
3 - الثنائيون Bisexuals.
4 - المتحولون جنسياً Transsexuals.
ولكن الكثير من الهويات الجنسوية التي ولدت لسبب أو آخر بدأت تنضم إلى هذه المجموعة وتطالب بحقوق اجتماعية وقانونية وتعليمية وخاصة في مراحل التعليم الجامعي تتعلق بالسكن وحتى استعمال المرافق الصحية.
هذه الألوان كثيرة الملاحظة في تظاهرات المجموعة أعلاه ويمكن القول بأنه علم الحركة التي تطالب بحقوق الأقليات الجنسوية رغم أن حقوق المثليين من الرجال والنساء لا تختلف عن الغيرين.
تحدثت واحدة من أعلام الثقافة الغربية وناشطة في حقوق المرأة جيرمين كرير Germaine Greer قائلة: "لا يتحول الرجل إلى امرأة بمجرد التخلص من عضوه الذكري". اعترض البعض واعتصم الطلبة المناصرون لحركة الأقليات الجنسية في جامعة كاردف على دعوتها لإلقاء محاضرة بعنوان النساء والسلطة: دروس القرن العشرين، في تشرين الثاني 2015. اضطرت إدارة الجامعة للتدخل علنيا ورفضها لمطالب هذه المجموعة ومضت السيدة الفاضلة إلى إلقاء محاضرتها. أثار هذا الحدث انتباه الإعلام ولم يساعد هذه الحركة التي تطالب بحقوق لا يستوعبها الكثير. كذلك صعب هذا على المجموعة نفسها استيعاب مفهوم حرية الرأي في العالم الغربي.
يتبع..........: المتحولون جندريا : ظاهرة الألفية الثالثة2
واقرأ أيضاً:
خلل الهوية الجنسية Gender Disorders / التحول الجنسي بين الطب والدين