تُسائلنا المَنايا عن مُنانا
فيُخبِرنا الوجيعُ بمُنتهانا
كأنّ العامَ مِنْ ألمٍ وحُزنٍ
يُحدِّثُ واجما عمّا اعْترانا
تُفارقُنا أحِبّتُنا ونَبقى
نُعالجُ حَسْرةً بَعثتْ أسانا
هيَ الأحْزانُ مَدرسةُ اعْتبارٍ
تُذكِّرنا بما كسَبتْ يَدانا
وتُبْعِدُنا عَنِ الأحْلامِ حتّى
تَصاغرَ حَجْمُها يومَ الْتقانا
مَضى عامٌ وأمّي في ثراها
ونازلُ فَقدِها أذْكى الْجَنانا
وفاءٌ في مَرابعِنا توفّى
وكمْ بوفائها أحْيَتْ رُؤانا
أ يَعلمُ راحلٌ كيفَ احْتواها
فألقى حِمْلها فينا ائْتِمانا؟!
كذا الدنيا إذا وَهَبتْ أراعَتْ
وإنْ أخذتْ فقد أعْطتْ سِوانا
موازينٌ بها الأقدارُ تَسعى
وتَحْسُبُها بأمواجٍ عَيانا
ومَنْ خاضَ المَخاطرَ إشْتراها
ويَأبى أنْ يُعاقرَ مُسْتهانا
قِطارُ العُمرِ يُلقينا ويُحْشى
بأجْيالٍ وما عَرَفَ الأمانا!!
أُعالجُ ساعيا جاءَ احْتِضارا
فيرْمُقني ويُعْلِمُنى اقترانا
ونفسُ الحيّ تَخْدعهُ وتَهوى
أكاذيبا ويُسْعِدها هَوانا
كأنّ الخلقَ في نومٍ عميقٍ
وإنّ المَوتَ يَمْنَعُها اعْتِطانا
يَغيبُ الناسُ من سُكْرِ ارْتغابٍ
فيُلقمُ بعْضُهمْ بَعضا حَيانا
ويَصحوُ مَنْ تَنادى نحوَ خَمرٍ
يُعَتّقها ويَشْربُها دِنانا
فكلّ بَعيدةٍ جَلبتْ رَغيبا
وكلّ رغيبةٍ وَجَدتْ حِصانا
وإنّ الأمَّ أرْشيفُ انْتماءٍ
وحاضِنةٌ تُبادلنا الحَنانا
وفقدُ الأمِ إشْعارٌ بيَقظٍ
وتنبيهٌ يُحفّزُ مُسْتكانا
وجودُ الأمِّ يَمْنحُنا حَياةً
ويَحْرُسُنا ويُطعِمنا افْتِنانا
يَتيمُ القلبِ والروحُ اسْتشاطتْ
وإنّ النفسَ قد بَعثتْ دُخانا
تنتّأ نَيْطُها والخَفقُ جُرحٌ
حَنايا ضَمّهِ وسِعَتْ زَمانا
أ مِنْ ألمٍ على ألمٍ تردّتْ
وما حَفِلتْ بإشراقٍ يَرانا؟!
تَسَعَّر هامدٌ والنارُ تَطغى
فأحْرَقتِ الشواهدَ والكِيانا
وصارَ الموتُ مَشروعَ انْتِصارٍ
فأضْحى الْحيُّ مِنْ هَلعٍ مُدانا
اُخيّةُ أمِّها تَنعى إليْنا
رَحيلَ الأمِ عن أعُلى رُبانا
تُخاطِبني لماذا الأمُّ ماتتْ
وكفُّ الموتِ تأخُذنا احْتِضانا
إذا حَضرَ الوَعيدُ فلا شفيعٌ
وإنّ الموتَ كرارٌ أتانا!!
ومِنْ عَجَبٍ تناسى الخَلقُ حَتماً
يُراهِنُهمْ وما خَسِرَ الرِهانا
كواكِبُها على الآفاقِ شَعّتْ
تنوِّرُنا إذا خَبَأَتْ نُهانا
وتُعْلِمُنا بآتيةٍ لسؤْلٍ
وتُرشِدُنا فتُسْعِفنا خُطانا؟
أرى زمنا بهِ الأعْوامُ تَشقى
وأعْواما تُداعبُ إحْتِرانا
وساجعةً على الأغصانِ ناحَتْ
تُخاطِبُ أمّةً نَكرتْ بَيانا
فهذا المَوتُ مَفروضٌ عَلينا
وذاكَ الموتُ مَدْعوّا غَشانا
لأنّ النفسَ ألقتْ مُحْتَواها
على صُعدٍ تَولاّها عِدانا!!
أ فَيضُ وجودِنا بَرقٌ ورعدٌ
وإخْمادٌ إذا بَلغتْ سُعانا؟!
تَحاورتِ الخَطايا واسْتحارتْ
فكانَ الإثمُ عن إثمٍ ضَمانا
ومَنْ حَسِبَ الصعودَ بلا نزولٍ
سيُدْحى في أسافِلها مُهانا
فهلْ بَصَرتْ خَلائقُها بنورٍ
وهلْ وَجَدتْ بغاديةٍ جُمانا؟
قوانينٌ بإيقاعِ انْسجامٍ
نُزاوِغُها فتُمْسِكُنا طِعانا
فهلْ تحيا الأمومةُ في تُرابٍ
وقدْ عاشَتْ على أرْضٍ لِوانا؟!!
وذِكْراها إذا وفدتْ أفاضَتْ
مآقيَ واجدٍ دُررا وَ قانا!!
غريبٌ عَن شواهِدِها تَنائى
يُحدِّثُ لوْعَةً عَمّا ابْتلانا
فلا أمٌّ بغُرْبَتِها أطَلّتْ
ولا بُعدٌ إلى قُرْبٍ تدانى!!
ويَبقى خالقٌ والخَلقُ يُطوى
وأنَّ ترابَها وَحْشٌ فَرانا!!
فخَبِّر عن مَواجعِها بهَمْسٍ
وحاولْ أنْ ترافِقَها امْتِنانا!!
هيَ الدنيا على خَلقٍ تَعدّتْ
فأغْوَتْ كلهمْ ونَضَتْ سِنانا!!
أرانا مِثلما تُرْبٌ يَرانا
بمَترَبَةٍ ومَتروبٍ عَلانا!!
ومِنْ تُرْبٍ إلى تُرْبٍ تناهتْ
وإنّ تُرابَها حَيٌّ تفانى!!
10\2\2016
واقرأ أيضاً:
روان والجَمر!! / أنا الإنسان!! / سودُ الغابِ لا تقرَب إليها!! / وما الدنيا!!