في مراحل التدهور الحضاري للأمم، من الممكن جدا أن يصبح الحذاء رمزا لرفض التطبيع والخيانة والتمرد على كل عار وظلم، غاية نبيلة استترت في وسيلة بائسة! الحذاء هذا الشيء حامل الدنس الوضيع الملامس للأرض دائما وأبدا أصبح عنوانا للمقاومة والحياء وللقليل من الكرامة!
غير أن استخدام الجسد/الضرب بهذه الصورة العنيفة يرفع التساؤلات حول انهيار لغة الحوار الإنساني بيننا وحول عجز القلم واللسان (وآليات التصويت والمحاسبة الأخرى في مجلس الشعب الموقر) كوسائل مقاومة بديهية وشريفة ومكرمة عن تغيير الواقع الذي يبدو من فرط بذاءته وقبحه مستحقا للضرب بالجزم!
مثل هذا العنف العاجز تكرّس من قبل بضرب قفا بعض الإعلاميين وقد اعتبره البعض فتحا سياسيا.
يرجع تاريخ اعتبار الحذاء "العربي" كوسيلة مقاومة إلى عام 2008 حين قام الصحفي العراقي منتظر الزيدي وأثناء زيارة الرئيس الأمريكي جورج بوش بغداد للمرة الأخيرة قبل انتهاء ولايته برشق بوش بزوجي حذائه. لقي الزيدي دعما ثوريا من النفوس المغتاظة وتنكيلا وسجنا رسميا. ولأن الأحذية عمياء وبلا عقل فهي سلاح ذو حدين.
الزيدي نفسه تلقى في باريس بعدها بعام واحد ضربة من فردة حذاء صاحبها صحفي عراقي اتهمه بالدفاع عن الديكتاتورية! وسط كل هذا القبح وكفعل مقاومة عاجز أيضا لكن غير عنيف، وضعت لوحة "زوج من الأحذية" للفنان فان جوخ بدلا من صورة عكاشة القبيحة. حذاء فان جوخ البالي الجميل كان تخليدا لخطوات العمال المنهكين عبر الحقول المزدهرة نحو مصانعهم البعيدة، وربما هو رمز لكل حذاء يخطو في الطريق إلى الحرية.
واقرأ أيضاً:
الحذاء العظيم/ حذاء منتظر الزيدي ووجه بوش/ إعادة القراءة على كعب الحذاء/ يا جزمة الهنا يا ليتني كنت أنا/ سيكولوجية الضرب بالجزمة