وما الدنيا إذا وَرَدَتْ إلينا
سِوى مَوجٍ مِنَ الأمواجِ فينا
فكنْهُ وجودِنا ومْضٌ تبدّى
كإشراقٍ وقدْ بُنّا كأنا!!
عجائبُ رحلةٍ قطعتْ سبيلاً
وما بَرِحَتْ أعاجيبا تُرينا
أقلّبُ سِفرَها والقلبُ يُبلى
ونبضُ الخفق يُعلمنا الكمينا
سألتُ الروحَ عنْ سَرِّ ابْتداءٍ
فأخبرتِ النفوسَ بما يَلينا
وقالتْ حينَ عاشتْ في ترابٍ
أهاجتْ من مواجعِها الأنينا
ترابٌ إحْتوى كنهَ انْطلاقٍ
وإنّ ترابها أضحى العرينا
جذور الخلق واحدةُ انْتماءٍ
وإنّ جذوعها ولدَتْ قرينا
وكلّ جميلةٍ تُدحى بقبحٍ
وإنّ بهيجَها أمْسى حزينا
تمازجَ ماؤها والتربُ يُسقى
بنازلها فيجْعلُنا عَجينا
تبدّلتِ النفوسُ بما اعْتراها
فصارَ رحيمُها وحشا لعينا
وعمّ فسادُها والنارُ أجّتْ
فأضحى سُحْتُها صيْدا سَمينا
تمكّنَ جاهلٌ والعلمُ يُمحى
وإنّ رُعاعَها بَخَسَتْ ثمينا
نداءُ الروح تلجمُهُ الخطايا
فيغدو في حناجرنا سَجينا
نفوسٌ بِنْتُ مَجهولٍ وسوءٍ
نُباركها فتمْنحنا المُشينا
ومَنْ سوّى نفوسا ذات جمرٍ
سيُلهبُها ويَقلبُها تنينا
كأنّ صراعَها نهجُ اخْتصارٍ
لدائرةٍ إذا جاستْ دفينا
وأنّ النفسَ عدوانٌ علينا
تلوّعُ ذاتَنا فينا سنينا
ومن أججٍ على مَججٍ تهاوتْ
وقد سَكبتْ على عُصُرٍ سَخينا
وكمْ خفِيَتْ على عَقلٍ وروحٍ
وما جَلبتْ لأيّامٍ مُبينا
هيَ الدنيا بما وهَبتْ تعادتْ
وألقتْ في مواقدِها الفَطينا!!
سلامُ الروحِ يا روحَ التسامي
على أفقٍ تعالى مستعينا!!
واقرأ أيضاً:
روان والجَمر!! / أنا الإنسان!! / سودُ الغابِ لا تقرَب إليها!! / طار قلبي!!