- قطاع كبير من السياسين المصريين ورجال النظام مازال يرى المتظاهرين غوغاء مغيبين بلا قضية محل تقدير. الرئيس نفسه يرى صوت الشعب عورة لا ينبغي أن يطلع إلا بإذن! الحقيقة أن العالم كله تجاوز نظرية "جوستاف لوبون" الذي رأى أن الفرد يتحول إلى همجي بين الحشود... ذرة رمل وسط ذرات رمال أخرى يمكن للرياح أن تعبث بها كيفما تشاء، وأن الجموع بلا عقل أو إدراك.
- بات واضحا لعلماء النفس وعلماء الاجتماع أن الكوارث والأزمات والمظالم تخلق "مظاهرة سيكولوجية" في المقام الأول من أولئك الذين كانوا غرباء فيما سبق. فيتشاركون فجأة المصير المشترك، وتتحول دائرة اهتماماتهم من الشخصي إلى العام. يتآلفون ويتراحمون ويتآزرون ويصيرون كتلة واحدة ذات هدف عقلاني جدا.. النتيجة التي لا يريدها بكل تأكيد صانعو تلك الأزمات لكنها في انتظارهم.
- إن ثورة 25 يناير 2011 وما تلاها من حشود معارضة التزمت عدم العنف يشير بوضوح إلى أن مكمن الخطر ومصدر العنف هو الحكومة محتكرة السلطة والبطش وأذرعها الأمنية. كل متظاهر حاليا يعرف مقدار قوته مقارنة بقوة السلطة وقدرتها على الفتك. الغريب هو ذعر الرصاص من الهتاف!!
- لقد ساعد الفهم الجديد لديناميكيات الحشود السلطات في أوروبا على إعادة النظر في تعاملها مع المظاهرات والحشود الكبيرة. حيث يتم تدريب قوات الشرطة على تبني أسلوب أكثر حساسية وتواصلية مع الجماهير الكبيرة. لو أن سلوك الجماهير أو المتظاهرين ينبع من القيم الاجتماعية للأغلبية المسالمة والرافضة للتخريب والعنف، فإن إرسال قوات مكافحة الشغب للتعامل معهم سوف يجعل الأمور أسوأ لأن كل فرد يُعَامَل وكأنه مُعتد. من المحتمل أن المعتدين المفترضين سوف يردون المعاملة بالمثل مما قد يؤدي إلى تفاقم العنف.
- بدلا من الاصطدام الدامي بين المتظاهرين والأمن، على الشرطة أن تتخلى عن التكتيكات التي عفا عليها الزمن في مكافحة ما تظنه الشغب.
- تم إنشاء نقاط شرطية تواصلية في بعض الدول الأوروبية وهدفها الأساسي التعامل الآمن مع المظاهرات تحديدا إرسال ضباط في زي موحد (مميز عن زي الشرطة التقليدي) إلى جموع المتظاهرين لفتح باب للتواصل معهم وليس للتجسس عليهم أو إيذائهم وبهذا يستطيع المعارضون أن يوصِّلوا رسائلهم بوضوح وبلا نقطة دم أو إهدار لقيمة ديمقراطية كبيرة وهي حرية إبداء الرأي وحينها تمارس الحكومة السياسة لا الإجرام.
واقرأ أيضاً:
من مدينة البط إلى جمهورية الموز/ القطاع الصحي.. سلامتك!/ الأخلاق والفيديو والألتراس/ حذاء فان كوخ... أو كمال هكذا التطبيع !/ المؤامرة الإيطالية على مصر