يطل علينا في كل يوم من بين خبايا التكنولوجيا الدقيقة مئات التطبيقات، وعشرات الفوائد المتوقعة، ولكن مع تطور ما يصل إلى أيدينا نحتاج إلى تطوير آليات التعامل معه ولذلك فمن بعض التوصيات حول ذلك:
١- صيانة الوقت من الهدر.
٢- حفظ المال من الضياع.
٣- تأكيد التوجه وعدم التشتت.
٤- حفظ العقل من التسيب.
ووقوفاً عند كل توصية من هذه الوصايا فلنتحدث بداية عن صيانة الوقت من الهدر، ولنعطي مثالا حول ذلك للاستخدامات "المهدرة للوقت" من خلال شبكات التواصل الاجتماعي، ولنحدد الواتساب كإحدى شبكات التواصل، فالوقت يهدر يوماً بمتابعة مئات الرسائل والتي غالبها لا يغني ولا يسمن من جوع، ويهدر وقت الناس أكثر بتلك الرسائل الطويلة غير المتحقق من مصدرها ومصداقيتها، فقط لأن القارئ يحب مشاركة الرسائل التي يرسلها له الآخرون.
والمستغرب أن معظم مشاركي الرسائل إما أنه لم يكمل الرسالة وقام بمشاركتها فوراً، أو أنه لم يكلف نفسه عناء التفكير للحظة بمقدار مصداقية الرسالة أو مصدرها، ودليل ذلك أنه في المجموعة الواحدة يتكرر إرسال الرسالة على مدى أسبوع كذا مرة، وهذا دليل آخر على أن مرسل الرسالة للمجموعة لا يكلف نفسه عناء قراءة ما يرسل على مجموعتها التي يشاركها ما أرسل سابقاً مرات ومرات، فقط يقوم بعمل مشاركات، أو قص ولصق، ويبدو الأمر أكثر إزعاجاً في المجموعات ذات الغاية العلمية، فأنت تحتاج يومياً لتصفح عشرات الرسائل بحثاً عن رسالة ذات محتوى علمي مفيد، فيهدر الوقت، وغاية المجموعة لا تؤدى كما يجبP
ومن المحير أكثر أنه في المجموعات العلمية تنشط الرسائل الخرافية، وقصص ما قبل النوم، وحكايات لا أعرف من أين، لدرجة أنك لا ترى فرقاً يذكر بين الرسائل الناشطة في مجموعة علمية، ورسائل مجموعة (طبيخ ونفيخ) بل على الأقل مجموعات الطبيخ تميل للمنهج التجريبي والنقد البناء، علماً أن البدائل موجودة للأكاديميين، فالزميل الحريص على الفائدة يستطيع الولوج للإنترنت من هاتفه، لعمل مشاركات علمية مفيدة، فتخيل معي لو ولج شخصٌ إلى الويكبيديا وأرسل يومياً تعريفاً للزملاء يثري القاموس العلمي لديهم، أو الروابط العلمية، أو ترجمات من أوراق علمية.
ومن المخاطرات هنا عندما يوجه لي أحدهم رسالة قاسية كما فعل أحدهم سابقاً مؤنباً لي بقوله "الرسائل اللي فيها أجر لنشر الدين أنت محروم من أجرها" وكان يقصد في ذلك انتقادي الرسائل الخرافية من نوع (ابعث عشرة واربح صحن كبدة، وفي واحد تجاهلها نام حافي) وخلاف ذلك من الرسائل، وهذا يستوقفك عند فكرة صاعقة، فبعض الناس جاهل في الفهم والتفكير القويم، وبعضهم مبتلى بقلة فهمه للدين حتى، ولماذا الاستغراب فالعقل الذي يميل لخرافات العلم يميل لخرافات متلبسة للدين أيضاً.
فلا للعلم قد سلـــمت عقلي .... ولا للديـــــن أتقــــــنت المعـــارف
ولا لثقـافــة التعـــليم أرنــــو .... أشــــــارك مـــا يـــروق ولا أخالف
فإن راق الكلام لجرح قـلبي .... أشاركه "ويا محلى السوالف"
وهكذا فقدنا توجهنا العلمي في العلم والدين، وما حاولنا بناءة من "منهج العقل القويم" يقدم قرباناً رخيصاً في حلبات الواتساب وباقي الشبكات الافتراضية.
واقرأ أيضأً:
ما هو الحزن؟ / ما هو فقدان الأمان؟ / الرِّعاية النَّفسية / العبث بالعقل: الحلقة12