في نفس الوقت الذي آثرت بعض الأقسام تأجيل عقد مؤتمراتها السنوية أقدم قسم الطب النفسي – كلية الطب – جامعة الزقازيق على التحدي لينعقد مؤتمره السنوي في موعده الذي استقر ليكون الخميس الأول من شهر مارس.
الظروف الاقتصادية الصعبة ساهمت في إشعال التحدي أكثر ودارت ماكينة التفكير في اختيار موضوع جديد يستكشف آفاق الاتصال بين الطب النفسي كحقل طبي حديث نسبيا مع بعض مجالات الطب الأخرى، وكذلك العلاجات النفسية الدوائية مع بعض العلاجات الأخرى ليخرج الحدث نافعا وملهما ومتكاملا.
للمرة الأولى منذ بداية الطقس الوليد تقام ورشة عمل عرضت مبادئ العلاج السلوكي المعرفي، وتأثيراته.
الأستاذ الدكتور مدحت بسيوني تألق في عرض مادته بشكل مشوق حاز على إعجاب وانتباه الجمهور من العاشرة صباحا إلى ما بعد الثالثة ونصف عصرا، وحرص الزملاء دارسي ودارسات علم النفس، والصحة النفسية على الحضور والإصغاء لمحاضرة جمعت ما بين الشرح السردي، وعرض المقاطع المصورة التي أثرت النقاش، وعرض حالات كأمثلة على فاعلية استخدام هذا العلاج، وأسسه النظرية والفلسفية والتطبيقية. الورشة انعقدت في اليوم السابق على المؤتمر.
أما يوم الخميس فكان عرسا علميا وإنسانيا بحق حيث احتضنت قاعة المحاضرات الكبرى جلسة افتتاح المؤتمر بحضور الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة الرئيس الفخري للجمعية المصرية للطب النفسي ولاتحاد الأطباء النفسانيين العرب، والرئيس الأسبق للجمعية الدولية لأطباء النفس.
بالإضافة إلى السيد الأستاذ الدكتور عميد كلية الطب، وأستاذ دكتور عبدالحليم نور الدين نائبا عن السيد رئيس الجامعة بعدها استمع الجمهور المترقب المحتشد – مثل كل عام – إلى محاضرة الأستاذ الدكتور أحمد عكاشة عن تجسير الفجوة بين الطب النفسي، وعلوم الأعصاب.
بعدها تنوعت المداخلات من الأساتذة القادمين من جامعة عين شمس، ونظرائهم من كلية طب الزقازيق لتغطي الكلام عن الإدمان، والتداعيات النفسية لنقص فيتامين د، والتجليات الفحوصية بأنواع الأشعة التشخيصية المتقدمة للأمراض، والعلاجات النفسية.
الجلسة الأخيرة ضمت الواعدين والواعدات من الشباب الأصغر سنا، والأنشط في مجال البحوث.
إجمالا حظي مؤتمر هذا العام بمظاهر تراكم خبرة وتجارب العامين السابقين فخرج أفضل، وأنضج وأكثر انتظاما في بدء مواعيد الجلسات، وأكثر سخاءا في تدليل الحضور بينها.
أحدث الأفكار البحثية تطرح الآثار النفسية لنقص فيتامين د، والتطرق إلى البيولوجيا العصبية أو التغيرات المخية التشريحية التالية لاستخدام علاجات نفسية غير دوائية.
الاقتصار على يوم واحد يمنح المؤتمر رشاقة وتركيزا على موضوعات جديدة بعينها، ويخرج به عن الترهل والتشتت والتكرار الذي لا تنجو منه المؤتمرات الأطول!!
التحضير الجيد تجلى في التمويل الممنوح للمؤتمر، وراحة الحاضرين الذين جاءوا من الشرقية والمحافظات المحيطة، كما تجلى في حرص نجم الطب النفسي، وأستاذ أساتذته الدكتور أحمد عكاشة على الحضور المنتظم كل عام، وإلقاء محاضرة تلفت أنظار وأسماع المتخصصين، وغيرهم.
إضافة إلى ذلك يبدو قسم الطب النفسي بكلية طب الزقازيق قريبا في اهتماماته بطب النفس الاجتماعي متوازنا مع الاهتمامات العضوية البيولوجية للعلوم العصبية حيث تضمنت عناوين المداخلات تغطية للشيخوخة والإدمان كأمثلة للاعتلالات النفسية الأكثر انتشارا في المجتمع المصري.
يبقى المؤتمر بداية واعدة، مبادرة رائدة، وجهدا متميزا، ونجاحا جديدا محسوبا للقسم عامة، واللجنة المنظمة خاصة: أ.د- فاطمة شريف، وأ.د- هيثم خضري ود. أسامة يوسف، تحت الإشراف المباشر، والمتابعة اليقظة للأستاذ الدكتور رفيق رضا رئيس القسم.
المؤتمر يفتح الباب لمبادرات بحثية، وإفادات تعليمية وتدريبية، ووعود بتوقعات، وأنشطة يتطلبها النهوض بممارسة العلاج النفسي في عصر ومصر تشتد حاجتها إليه، وستكشف الأيام إذا ما كان الوعد صادقا، أو أن هذا المؤتمر يشبه غيره في كونه مجرد احتفالية ناجحة، وجمعا إنسانيا جميلا التقى ثم انفض!!
واقرأ أيضًا:
المؤتمر الأول لقسم الطب النفسي جامعة الزقازيق / المؤتمر الثاني لقسم الطب النفسي جامعة الزقازيق