تفكيك العقل المتطرف
التطرف ليس مجرد فكرة سقطت في عقل شخص على سبيل الصدفة فغيرت سلوكه وربما دفعته للعنف، وعلاجه ليس مجرد حبس المتطرف أو عقابه أو قمعه أو حتى قتله، التطرف منظومة تحتاج لتشريح دقيق لعناصرها وإجراءات حكيمة وعميقة لتفكيكها، ثم استعدادات لاستقبال العائدين من أحضان التطرف.
وعلى الرغم من أن التطرف ظاهرة عالمية إلا أن المجتمعات العربية تستأثر بحوالي 67% من أحداث الإرهاب الذي يشكل التطرف قاعدة له، وأصبحت البيئة العربية منتجة وحاضنة ومصدرة للتطرف.والتطرف هو قاعدة الإرهاب لذلك أصبح ضروريا أن نعالجه قبل أن يتحول إلى إرهاب. والتطرف آفة فكرية وانحراف عقائدي وخروج عن التفكير السوي، ولكنه ليس بالضرورة جريمة ولذلك يحتاج للكثير من المواجهات الفكرية والتصحيحات العقائدية، فإذا خرج عن حدود الفكر إلى حدود الفعل العنيف هنا يتصدى له القانون بكل حزم وبكل عدل. والأمر يستدعي تجفيف منابع التطرف الفكرية والنفسية والاجتماعية والسياسية وبناء قاعدة مجتمعية معتدلة ووسطية.
وعلى الرغم من التصريحات المتكررة للمسئولين بالقضاء على الإرهاب والإرهابيين إلا أن أحداث الإرهاب تتوالى بشكل متصاعد، ومن الواضح أن التعامل الأمني وحده (والذي تعول عليه بعض الدول) لن ينهي هذه الظاهرة، بل أحيانا ما يكون دافعا إلى اتساع دوائر العنف والعنف المضاد بلا نهاية، لذلك يستوجب الأمر تشريح العقل المتطرف والتعامل مع تلك الظاهرة على مستويات متعددة سياسيا وثقافيا ودينيا ونفسيا واجتماعيا. وفيما يلي محاولة لتشريح العقل المتطرف الذي تم تفخيخه فأصبح يتوجه نحو التكفير ثم التفجير بشكل يخرج عن المنطق السوي للعقل البشري الرشيد :
• غلبة قانون الصراع على قانون الحب في تكوينه النفسي، وهذا يرجع إلى علاقة مضطربة بالأم والبيئة المحيطة في فترة الطفولة المبكرة، حيث يكون قد عانى نبذا أو إهمالا أو رفضا أو تفرقة بينه وبين إخوته أو أقرانه، فنشأ ولديه قناعة بأن العالم ملئ بالقسوة والتهديد وأن العدل مفقود وأن الظلم هو القاعدة وأن عليه أن يحمي نفسه من الأخطار المحدقة به (كما يتصورها)، وأن الغلبة للقوي، وأن الحب ضعف لا يليق به فضلا عن أنه غير موجود، وأن الآخر لا يوثق به ولا يؤتمن.
• غلبة غريزة الموت على غريزة الحياة، وبالتالي نجده يندفع في سلوكيات خطرة ربما تهدد حياته أو حياة غيره وهو غير عابئ بها، بل قد يسعى سعيا نحو الموت لنفسه أو لغيره خاصة إذا ارتبط ذلك بمعنى ديني يطمئنه على أن موته طريق إلى الجنة، وهي حالة أقرب إلى العدمية والتدميرية تحت غطاء ديني براق. ولما كان المتطرف العنيف لا يخيفه الموت، لذلك هو لا يأبه بالقوانين الرادعة أو العقوبات.
• رافض لأي سلطة ومتصارع دائما مع رموز السلطة بدءا بالسلطة الأبوية أو الأسرية أو المدرسية أو الإدارية ووصولا للسلطة السياسية.
• ضعف الانتماء، أو انعدامه أو تحوله، فهو لا يشعر بالانتماء لأسرته أو عائلته الأكبر أو مجتمعه، ويشعر بالغربة تجاه كل هؤلاء، وقد يشعر بالعداء نحوهم ويتمنى لهم الهلاك نظرا لما يحمله في نفسه من مشاعر إحباط واضطهاد وظلم وغضب. وقد يتحول انتماؤه لمجموعات يشعر معها بذاته فيصبح شديد الولاء لها.
• تمتلئ نفسه بصراعات نفسية حادة تهدد استقراره النفسي طول الوقت لذلك يحاول نقل هذه الصراعات من الداخل إلى الخارج ليخفف عن نفسه العبء النفسي، فيشتبك مع الخارج بدلا من أن يشتبك مع نفسه.
• الرؤية الأحادية، حيث يتبنى وجهة نظره الشخصية أو وجهة نظر مجموعته التي ينتمي إليها، ولا يحاول التفكير في أي رؤى أو احتمالات أخرى، إما بسب استسهال الرؤية الأحادية أو بسبب التعصب لها.
• لذلك تنغلق منافذ الحوار والفهم والاقتناع لديه ويصبح كصندوق حديدي مغلق صعب الولوج إليه من أي ناحية.
• يتحرك بعقيدة صلبة ومتماسكة على الرغم من فسادها أو تشوهها.
• تكوين صورة غير واقعية عن الذات والآخر والمجتمع والحياة، ثم الانطلاق منها للتغيير حسب مفهومه.
• يائس من كل طوائف المجتمع، وكاره ومعاد لها.
• الميل للسرية والتقّية نظرا لتشككه في الآخر وفقد الثقة في الجميع وتوقع الشر والأذى منهم.
• ليس لديه القدرة على التفكير النقدي لذلك يتلقى أوامر من قادته على أنها أوامر إلهية مقدسة لا تحتاج للتفكير أو المراجعة فهم بالنسبة له المرجعية الدينية الوحيدة التي لا يسمع غيرها.
• يغذي عنفه ويبرره بأخطاء السلطة وأخطاء المجتمع.
واقرأ أيضًا:
إنت ماحدّش بيعملّك حساب! / لماذا يعشق الناس الكرة ؟
التعليق: يادكتور منظروا الإرهاب العالمي يادكتور يؤيدون الحوار العلني أمام الجميع ويرفضه منظروا الطواغيت بالإجماع اللهم إلا في السجون..... يادكتور الإرهاب من الإسلام ومن أنكر ذلك فقد كفر يادكتور كيف تقول يتصدى بكل عدل أي عدل في التشريعات البشرية أترى أن العدل في التشريعات البشرية وهو يناقض بكل صراحة التشريع المحمدي قال تعالى (( أفحكم الجاهلية يبغون )) هم يقولون يادكتور الشعب مصدر السلطات ومنها التشريعية والإسلام يقول (( إن الحكم إلا لله)) فرق كبير يادكتور مثلا بين تحريم القوانين الوضعية للميتة وتحريم الله لها فالأول حكم الطاغوت والثاني حكم الله ولو اتفقتا في الصورة الخارجية قال تعالى (( ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه وإنه لفسق وإن أطعتموهم إنكم لمشركون)) فمن أطاع الشيطان في تحليل الميتة فهو مشرك بالإجماع وكذا لو أطاع الشيطان في تحريم الميتة فهو أيضا مشرك بالإجماع لأنه اتخذ مشرعا مع الله... قد تقول يادكتور الإسلام سمح ببعض التشريعات الإدراية كتنظيم قوانين الأمور مثلا ولكن انظر يادكتور نقول الإسلام سمح بهذا أي أن الله سمح لنا بهذا وليس لأن تشريع الطاغوت سمح لنا بهذا جد حلا للمشكلة ثم تحاور مع الإرهابيين