كذبتان تنتشران في المسلسلات والأفلام الرومانسية:
1- أن القلب لا يحبّ إلا مرّة واحدة
2- أن هناك نساء يخطفن الرجال !
1- "القلب" قد يحبّ أكثر من مرّة، بتعبير أدقّ النفسية قد تحبّ أكثر من صنف وبأكثر من طريقة !. بل قد يكف القلب عن حبّ من أحبّ بجنون! (وهذا من حكمة عدم التوسّع في العلاقات بين الجنسين من منظور إسلاميّ، إذ تتحطّم كلّ مثاليّة أمام قوانين النفس المتقلّبة)
ولعلّ مرور السنين وزيادة النضج وانخفاض الحماس لأمور كثيرة، هو ما يجعل الحب في نسخته "الراشدة" أكثر برودا، فنعتقد أنّ حبّنا الأول (خصوصا في المراهقة) لا يضاهيه حبّ بعده..
ونتغنّى به كما نتغنّى بتفاؤلنا الساذج في الطّفولة، وكأننا نريد أن تحلّ تلك اللامبالاة الطفولية محلّ نظرة الراشدين.. إذن لهلكنا!
ونعتقد أنّ خفقان قلبنا لمجرد سماع اسم المحبوب أو المرور من حيّه إحساس سيدوم للأبد. مع أنّنا لا نلاحظ أن مخاوف الطفولة هي أيضا كانت بشدّة أكبر من حالها في الرّشد، بمعنى أنّ الحب عاطفة أيضا وتتعرّض لانخفاض وتآكل في شدّة حساسيتها... وهذا لا يعني تلاشي الحبّ مع تقدم الزمن، لكن بالأحرى يأخذ أشكالا أخرى ومرتكزات أكثر عمليّة.
2- في نظري هذه الجملة "نساء تخطف الرجال" لا تلقى شعبيّة إلا بين النساء أنفسهنّ، خصوصا المتزوّجات. لكنّي أراها غير منطقيّة. لأسباب.
- أولا ما معنى أن يُخطف الرّجل ؟ هل هو طفل صغير أو أبله لهذه الدّرجة، سلبيّ لهذا الحدّ! ثم إن كان يُخطف بهذه السهولة لماذا لم تخطِفه التي تشتكي من اختطافِه ؟
سيُقال: تصرّفاتُها وحركاتُها وطريقة كلامِها... طيّب.. نحنُ في الطريق الصحيح إذن.
فلماذا أثّرتْ في الرّجل ولم تؤثّر المشتكيّة فيه؟
- هذا ينتقل بنا إلى النقطة الثانية، إن كان الرّجل يعرف جيّدا ما يُحب ويكرَه، ويتفاعل مع قراراته حماسة أو فتورا، مثل المرأة تماما (أين الفرق يعني) ويملُك أن يرفض أو يقبل... كيف نفسّر هذا الاعتقاد؟ ولماذا تعتقد المرأة أنّها أقدر على الاختيار والثبات من الرّجل في هذه الحالة؟
- إما أن يكون وعي النساء بحاجيات الرجال النفسية ضعيفا، فالرجال لا يُحسنون التعبير عن مشاعرهم إذن هي ليست بتلك التعقيد مثل ما عند النساء! أو ربّما سهولة تأثير المظهر على الرجال عكس النّساء!
- أو أنّها حيلة دفاعية من النساء المتضرّرات (وهذا أرجح)، فبدَل أن تعتَرِف بأنّها خسرتْ أمام "أنثى" أخرى (وهذا ممّا لا يُطاق نفسيّا من المرأة) تلجأ لحيلة دفاعية "برفع القلم" عن الرّجل ونزع المسؤوليّة عنه تماما، فهو معذور ومغرّر به، وليس مقتنعا بذلك القرار، وهو لا يعْرف الأخرى وخُبثَها جيّدا، وهو مخدوع ومغلوب... إلخ.. ومن ذلك أيضا تفسير تركِه لها بالسّحر و"التّوكال" (خلطة مسمومة يزعمون تأثيرها على القدرت العقلية والجسدية) وما شابه. المهمّ، كلّ شيء إلا الاعتراف بأنّها صارت "غير مرغوبة" واستَبْدلها بأخرى تمتلك ما لا تملكْ الأولى
فأهون عليها أن تكون مع أبله لا يملك قراراته على أن يكون رجلا عاقلا ناضجا يختار أخرى
- هذه الحيلة الدفاعية قد تُعمي عن أسباب فشل العلاقة وطُرُق تدارُكِها، فعوض أن تسعى النساء لنقد ذاتي وإصلاح لتصوراتهنّ وتصرّفاتهنّ أو معرفة عيب أزواجهنّ، تتخذ هذه المهرب لتفادي القهر النفسي !
طبعا لا أتحدث عن صواب قرار الرجل هنا، أو سلامة معاييره أو مزاجيّته وعدم وفائه، فذلك موضوع آخر. وقد تكون المرأة حقا مظلومة.
لكني أنبّه إلى أنّ الرجال (كما النّساء) يعرفون جيدا ما يُريدون حتى إن لم يعترفوا بذلك علنا. لكنها قد تكون نزوات مظلمة ومحرجة تتنافى مع القيم والنبل، لدرجة يستحيل أن يبوح بها الرجل أو ببساطة لأنه لا يعرفها أصلا !
واقرأ أيضاً:
نقاط منهجية حول الكوارث والعقوبات الإلهية / المسلسلات التركية والحب / تحليل لفلم Emily Rose 2005 عن المس