الحياة إرادة، أي طاقة كامنة تبحث عن منافذ للتعبير والتفاعل والعطاء والنماء، ولكل مخلوق إرادة حياة، وأي مخلوق يغتصب إرادة حياة مخلوق آخر يكنز طاقة سلبية لتدمير ما فيه من إرادة حياة، وهذا قانون يسري بين الموجودات منذ الأزل، وسيبقى متحكما بمصيرها ما دامت الأكوان تدور والجاذبية ذات قدرة على بناء الأشكال وصقلها.
وعندما نتساءل عن أسباب عدم استقرار الأنظمة (السياسية) العربية، يكون الجواب في عنوان المقال، فهي أنظمة استلاب إرادة حياة، فلكي يبقى النظام عليه أن يلغي ويقهر ويصادر ويقتل إرادة الحياة في أعماق الوجود العربي. وهذا التجريد الاغتصابي للإرادة العربية يولد طاقات مضادة هائلة في وحول النظام القائم تدفع به إلى الانهيار المشين.
وما يجري في بعض المجتمعات العربية يشير إلى أن الأنظمة المغتصبة لإرادة حياة شعوبها، ستواجه مصيرا قاسيا سيزيحها عن السلطة وسيلقي بها في غياهب الويل الوخيم، كما حصل لسابقاتها من أنظمة اغتصاب إرادة الحياة. فالشعب العربي كأي شعب في الدنيا يريد الحياة، لكن بعض المستأثرين بالحياة ينشرون ثقافة الموت فيه، ويدفعون بالأجيال الواعدة إلى التحول إلى أعداء حياة، أو موجودات مفرّغة من إرادة الحياة ومعبأة بإرادة الموت، وعلى رأس هؤلاء المتاجرون بالدين والذين يستحوذون على كل شيء تصل إليه أياديهم وترغبه نفوسهم السيئة، ويمنون الشباب بحياة خالدة في الموت.
وفي أنظمة تسيّدت فيها العمائم واللحى وأصحاب الجباه المطررة بالفساد، ستكون ردة الفعل ذات قدرات إعصارية هائلة، ستحيلهم إلى عصف مأكول، وما هي إلا مسألة وقت ستتنامى فيه إرادة الحياة وتدفع للتغيير الجذري، واستعادة السكة الحقيقية لبناء الحياة الحرة الكريمة.
ذلك أن الديمقراطية في جوهرها توفر المنافذ الحرة المسؤولة للتعبير عن إرادة الحياة في المجتمع الذي تنطلق فيه، ولا يمكن القول بديمقراطية تسد منافذ التعبير عن إرادة الحياة، لأنها ستتسبب بانفجارات مدوية ومتواصلة، ولهذا تجد الأوضاع مضطربة في مجتمعات تتوهم الديمقراطية، وقد وأدت إرادة الحياة في الكراسي والمناصب والتوجهات الفئوية المقيتة.
ووفقا لذلك يمكن تقرير مصير أي نظام يتحكم بمصير المجتمع بتطبيق هذه المعادلة الصارمة المنضبطة ذات التفاعلات الثابتة والنتائج المحتومة. وعليه يمكن قياس عمر أي نظام بمدى إغتصابه لإرادة حياة المجتمع، فالتناسب عكسي في جميع الأماكن والأزمان، فكلما ازدادت نسبة اغتصاب إرادة حياة المجتمع قل عمر النظام وتنامت فجائعية نهايته.
فتأملوا كم من الأنظمة المغتصبة لإرادة شعوبها، وقيسوا أعمارها، وتصوروا فظاعات نهاياتها السوداء!!
واقرأ أيضاً:
مَن مَلكَ اسْتأثرَ / سلوك الظن بالسوء!! / لا نحاول الفهم ونجيد الحكم!! / الأسلبة في الكتابة!! / اشتريت تذكرة المونديال من مالي الخاص!!