كلنا بوجهٍ عام يعتقدُ أنهُ يستطيعُ أن يفقدَ من وزنه ما يريد، فقط إذا نجحَ في تقليل كمية ما يأكلهُ من الدهون والسكريات أو النشويات، ومعظمُ برامج الحمية المنحفةِ تستندُ إلى ذلك المبدأ على أساس أن تناول كميةٍ من هذه المغذيات أقل بكثيرٍ مما يحتاجهُ الجسم يوميا، سيجبرُ الجسم على استخدام مخزونه من الدهون لإنتاج الطاقة اللازمة للحياة اليومية.
ولكنك إذا التزمت بذلك عدةَ أيام (أو عدةَ أسابيع على الأكثر) ستشعرُ أنك متعبٌ وطاقتك ومجهودك أقل، ونومك أسوأ مما كان، ومزاجك أسوأ وأكثرُ تَقُلُّـبًا مما كان، كما أنك تحاربُ اشتهاءً وتوقًا ملحاً للأكلِ على مدار اليوم، وغالبًا ما تضطرُ إلى كسر برنامج الحمية المنحفةِ بأي حجةٍ من الحجج التي تقدمها لنفسك ولو حتى في إطار أنك ستستعيدُ التزامك وتواصله بدءًا من اليوم التالي، وسببُ ذلك هو أن ما تسميه أنت إرادةً أو عزمًا أو تصميمًا يراهُ جسدكَ كارثة! فإن لم يستطع جسدكَ أن يثنيك عن عزمك وأنت في حالة اليقظة، فإنهُ سيستطيعُ ذلك وأنت نائم، لأن مقاومةَ قوتك المعرفية لحاجات جسدك تكونُ أضعفَ أثناء النوم. ولكن لماذا يحدثُ ذلك؟
والإجابةُ بمنتهى البساطة هيَ أنك عندما تمنعُ نفسك من تناول الدهون والنشويات أو تأكلُ منها أقل مما يحتاجهُ جسمك ومهما أكلت من البر وتينات والألياف لكي تملأ بطنك، فأنت في جميع الأحوال تخبرُ ذلك الجسد بأن هناك مجاعة! وجسدك يستجيبُ للمجاعة دائمًا بأن:
- يُمسكَ على مخزونه من الدهون بكل ما أوتيَ من قوةٍ ومن حيل.
- وأن يزيدَ من مجهودك لحملك على أكل كل ما يمكنُ أن يؤكل.
إذن فأنت وجسدك الآن تعيشان معًا ولكن أولوياتك عكس أولوياته، أنت تريدُ شيئًا وجسدك يريد بالضبط عكسه! أنت تريدُ ألا تأكل أو أن تأكلَ أقل ما يمكن وجسدك يريدَ أن يأكلَ أكثر ما يمكن، وكلما كنتَ ناجحًا في تجويع جسدك، كلما كان جسدكَ أنشطَ في إنتاج وإفراز الناقلات العصبية والهرمونات التي تدفعك للأكل، وفي النهاية دائمًا ما يكسبُ الجسد في هذه المعركة لأن جسدك يدافعُ عن حياته وحياتك وهيَ غريزته الأولى، ولأن المجاعة غير حقيقية فهيَ غير موجودةٍ خارجَ ذهنك أنت! فها هو الطعام الوفير من حولك تراهُ وتشمه وربما تلمسه، ولذلك فإنك على قدر نجاحك في تجويع جسدك على قدر ما يختزنُ الجسد بعد انتصاره عليك من الدهون، كما سنعرفُ في فصل الحمية المنحفة ومحاولات التخلص من البدانة (باستثناء القلة القليلة الذين ينجحون في تجويع أجسادهم حتى الموت مثل بعض مرضى القهم العصبي).
وقد تفشلُ مرةً أو عدةً مرات ولكنك تعاود الهجوم على جسدك بطريقةٍ جديدةٍ أو بأسلوب مبتكر، ولكنك في كل مرةٍ تنجحُ فيها إن كتبَ لك النجاح في فقد بعض الكيلوجرامات من وزنك، إنما تنتظرُ استعادةَ جسدك لما فقده من وزن إن عاجلاً أو آجلاً، وتكرار ذلك إن لم يجعلك واحدًا من ضحايا اضطرابات الحمية أو اضطرابات الأكل النفسية، فسوفَ يحمل جسدك ما يسمى بتأرجح الوزن أو ترجاف الجسد بكل ما يحمله ذلك من أخطار على أجهزتك الحيوية، وقد تقتنعُ في نهاية المطاف بأن كل أشكال الحمية المنحفة لا تصلح، ولكنك تقتنعُ اقتناع المهزوم الذي يقع في شراك اضطراب القهم القهري، فتنفلتُ تجاه الطعام ما بقي من حياتك أو ما شاء الله لك، فتأكلُ وتأكلُ وتخزنُ الدهون ولا تبالي، لأنك اقتنعت في النهاية بأنك لا تستطيع الانتصار على جسدك، فإن استطعت فلن تنعم بالسلام حتى يستعيدُ ذلك الجسد انتصاره عليك.
وتقولُ نتائجُ دراسةٍ تعتبر بمثابة حجر الزاوية في ميدان البحث في عواقب الريجيم أن خمسينَ بالمائة من الذين ينجحونَ في إنقاص أوزانهم يستعيدون أوزانهم القديمة خلال ثلاث سنوات، والباقونَ خلال السنوات الستة التالية، أي أن من ينقصُ وزنهُ اليومَ من 90 كيلو جرام إلى 75 كيلوجرام على سبيل المثال سيعود إلى وزن 90 مرةً أخرى بالتأكيد حتى ولو كانَ قد أمضى ثمانيةَ سنواتٍ على وزنه الجديد!
ويتبع .....:أكذوبة اسمها الرجيم مشاركتان
اقرأ أيضاً:
هل هي البدانة ( السمنة ) ؟ أم غول البدانة؟ / هل البدانةُ اضطراب نفسي؟
التعليق: طب يا دكتورنا العزيز ....
أرجوك دلنا على طريق الرشاقة واللياقة البدنية الصحيح، مو معقول نستسلم للبدانة وقباحتها لأنه الريجيم أكذوبة، فشو البديل عند حضرتك؟
ممكن نعرف؟