واجهتني مشكلة حين أردتُ الكتابةَ تحت عنوان حجم المشكلة في العالم العربي، فالحقيقة أن الدراسات المسحية التي تجرى على عامة الناس في بلادنا شحيحةٌ إن وجدت، وبعضها كانَ يقصدُ قياسَ أحد الأمراض التي تشتهرُ البدانةُ بكونها أحدُ عوامل خطورتها كالبول السكري، فلدي دراسةٌ مصريةٌ (Herman et al.,1995)، وهناك دراسةٌ كويتيةٌ (Al-Isa,1995)، وسعودية (Al-Nuaim et al.,1996)، وأخرى بحرينية (Al-Musaiger,1996)، وأيضًا دراسةٌ أردنيةٌ (Ajlouni et al.,1998)، ونتائجُ هذه الدراسات كلها تشيرُ إلى زيادةٍ مرعبةٍ في معدلات انتشار البدانة بين النساء خاصةً في المناطق الحضرية.
وهناكَ دراسةً سعودية (Al-Nuaim et al.,1996) اهتمت بدراسة البدانة في الذكور فأجريت على طلبة المدارس من الذكور، وبينت معدل انتشارٍ للبدانة (منسب كتلة الجسد فوق 30 كجم/ متر مربع) بلغَ 15.8%، من بين 27.5% هي نسبة زائدي الوزن بشكلٍ عام، وهذه أيضًا نتائجُ مرتفعة.
وهناكَ دراسةٌ كويتيةٌ حديثةٌ على طالبات الجامعة الكويتيات أظهرت أن نسبةَ زائدات الوزن تبلغُ 40.9% منهن 32% لا يصلن إلى حد البدانة، و8.9% بدينات (Al-Isa,1999)، كما أجرى العيسى دراسةً أحدث للظاهرة في المراهقين من الذكور والإناث في الفئة العمرية 10- 14 وأظهرت نتائجها أن نسبةَ زائدي الوزن تبلغُ 30%، ونسبة الواصلين إلى حد البدانة 14.7% من الذكور، بينما كانت نسبةَ زائدات الوزن تبلغُ 31.8%، ونسبة من وصلن إلى حد البدانة 13.1%. بهذه النتيجة يكاد المراهقون الكويتيون يصبحون أصحاب الأرقام الأعلى في العالم (Al-Isa,2004)!
وأجريت دراستان على أهل الضفة الغربية في فلسطين؛ أخراهما على قاطني المناطق الحضرية (رام الله المحتلة)، وبينت معدل انتشارٍ يبلغ 49% في النساء و30% في الرجال (Abdul-Rahim et al.,2001)، وأما الدراسةُ الأولى (Stene et al.,2001) التي أجريت على أهل الضفة الغربية في فلسطين فقد أجريت على قاطني المناطق الريفية، وبينت وجود معدل انتشارٍ بلغَ 42.1% في النساء و19.5% في الرجال (Palestinian Central Bureau of Statistics,1999).
وقد كشف بحث لأكاديمية البحث العلمي بالقاهرة؛ تحت عنوان «الرؤية المستقبلية للتغذية على مستوى الشرق الأوسط».. عن انتشار البدانة بين السيدات والفتيات في العالم العربي خلال السنوات الأخيرة بدرجة ملحوظة أكثر من الرجال، وتتراوح معدلات انتشار السمنة بين السيدات من قطر إلى آخر داخل عالمنا العربي، فالعُمانيات هن أكثر السيدات سمنة، حيث يصل المعدل هناك إلى 64% من السيدات، تليهن سيدات مصر بنسبة 49%، ثم سيدات الكويت 42%، والبحرين 40 %، والإمارات 38%، و37% في السعودية، وجاءت سيدات لبنان الأفضل من ناحية الرشاقة؛ حيت تتدنى نسبة البدينات في لبنان إلى 27% من إجمالي النساء.
أما الرجال فتشير الدراسة إلى أن رجال الكويت هم الأعلى في البدانة بنسبة 15%، ثم رجال البحرين بنسبة 14%.
وتشير الدراسة إلى أن أهم أسباب إصابة سيدات العالم العربي بالسمنة مقارنة بسيدات أوروبا وأمريكا هو الإفراط في تناول الطعام مع قلة الحركة والنشاط، خاصة في دول الخليج العربي التي تتميز بصيف طويل حار يمنع ممارسة الأنشطة الرياضية إلا في الصالات المغلقة، إلى جانب طبيعة المجتمع الشرقي التي تنظر بطريقة سلبية إلى ممارسة المرأة للرياضة، هذا غير انتشار الأجهزة المنزلية الكهربائية التي تقلل من الجهد الذي تبذله المرأة عمومًا أثناء أداء الأعمال المنزلية، ومن أسباب زيادة معدلات السمنة أيضًا -كما تكشف الدراسة- انتشار ظاهرة الفلبينيات في منطقة الخليج العربي، واعتماد المرأة الخليجية على الخادمة في القيام بالكثير من الأعمال المنزلية، بالإضافة إلى انتشار ظاهرة الرضاعة الصناعية التي حرمت السيدة من العودة لوزنها الطبيعي الذي كان يحدث بالرضاعة الطبيعية.
وأهم ما يلفت النظر في الدراسة هو أن السمنة تكون مصاحبة لفقر الدم Anemia في سيدات العالم العربي، مما يدل على أنهن يتناولن كميات كبيرة من عناصر غذائية لا تحتوي على العناصر الهامة مثل الحديد وحامض الفوليك، وأوضحت الدراسة قيام الحكومات العربية بنشر التثقيف الصحي من خلال التليفزيون وكل وسائل الإعلام، وإضافة معلومات غذائية في مراحل التعليم، للتأكد من تناسق هذه البرامج مع حاجة المجتمعات من الغذاء والتغذية، وتشجيع إنشاء جمعيات أهلية تحارب السمنة بين السيدات (عبير صلاح الدين، 2002).
وهناكَ عدةُ دراساتٍ أجريت في مصر على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة بما فيها الجامعات، منها دراستان أجريتا على طالبات الجامعة ساكنات المدن الجامعية إحداهنَّ أجريت في جامعة أسيوط (El-Fishawy & Yossef,1988)، بينتا معدل انتشارٍ لزيادة الوزن بلغ 21.8% منهن 14% في مرحلة ما قبل البدانة، و7.8% بدينات بالفعل، ودراسةٌ أحدثُ (Farahat & Abou El-Fath, 2001) أجريت في جامعة المنوفية، وبينت أعلى معدل انتشارٍ للوزن الزائد والبدانة في الدراسات العربية التي بين يديَّ! حيثُ كانت نسبةُ زائدات الوزن 57.3% منهن 44.4% في مرحلة ما قبل البدانة و13.4% بدينات بالفعل، كما أوضحت الدراسةُ الأخيرةُ أن من بين العوامل المحددةِ لزيادة الوزن والبدانة بين الطالبات عدم ممارسة الطالبات للرياضة، وانتشار الأمية والسمنة بين أمهات الطالبات، وكذلك زيادةُ السن؛ فقد كانت نسبةُ زائدات الوزن أعلى كلما كان عمر البنت أكبر، وهو ما تؤيده نتائجُ دراسةٍ مصريةٍ أخرى (Fahmy et al.,2000) أجريت على طلبةِ المدارس الإعدادية (المتوسطة)، وكذلك النتائجُ الأولية لدراسةٍ أخرى (Abdo,2003) شملت طلبة المرحلة الثانوية إضافةً إلى الإعدادية؛ فكانت معدلات الوزن الزائد (منسب كتلة الجسد أعلى من 25 كجم/ متر مربع) في الدراسة الأخيرة؛ ففي الفئة العمرية 11- 14 عامًا كانت النسبة المئوية لزائدي الوزن 36.7% وارتفعت إلى40.3% في الفئة العمرية 15- 17عامًا، وإلى 62% في الفئة العمرية 17- 20 عامًا.
لكن أيًّا من هذه الدراسات لا تستطيعُ نتائجها التعبير عن المعدلات الحقيقية في مجتمعاتنا لأنها ليست دراسات مسحية تجرى على مجموع أفراد المجتمع، ربما باستثناء الدراستين الفلسطينيتين، أي أننا نستطيعُ فقط أخذَ مؤشراتٍ منها على معدلات الانتشار، داعمين ذلك بالتكاثر الملفت لمؤسسات وعيادات الحمية المنحفة في معظم البلدان العربية فلابدَّ أنها مشاريعُ مربحة!
المراجع:
1. Abdo , M. N. (2003) : A Study of some Adolescent Health Problems in Sharkia Governorate. Unpublished M.D. Thesis , Zagazig Medical School.
2. El-Fishawy , F. and Yossef , M. (1988) : A Comprehensive Study on Nutritional Status in Assuit University Students Living in Dormitory. Technical Bulletin ;19.
3. Fahmy, H.H., Koura, S.K., El-Tokhy, H.M. & Hagag, S.A. (2000) : Overwieght & Obesity among Preparatory School Children in Zagazig City : Prevalence & Risk Factors. Zagazig University Medical Journal , V 6(4),P: 584-598.
4. Farahat ,T., and Abou El-Fath , O. (2001) : Obesity and it’s Impact on the Quality of Life Among Menoufiya University Female Students Living in Dormitory. Egyptian Journal of Community Medicine , Vol.19 No.3 , P : 9-20.
5. Palestinian Central Bureau of Statistics (1999): Population, housing & establishment census¾1997, final results ¾ population report ¾ Palestinian Territory, 1st part. PCBS: Ramallah.
6. Stene LCM, Giacaman R, Abdul-Rahim H, Husseini A, Norum KR, Holmboe-Ottesen G. (2001) : Obesity and associated factors in a Palestinian West Bank village population. Euro J Clin Nutr (in press) “Quoted from Abdul-Rahim etal (2001)”
7. Abdul-Rahim H, Abu-Rmeileh , N. M., Husseini A, Holmboe-Ottesen , G. Jervell , J. & Bjertness , E.(2001) : Obesity and selected co-morbidities in an urban Palestinian population. International Jour. of Obesity 25, 1736-1740.
8. Al-Isa, A N (2004): Body mass index, overweight and obesity among Kuwaiti intermediate school adolescents aged 10-14 years. Europ. J. of Clinical Nutrition 58, 1273-1277
9. Al-Isa AN. (1999): Obesity among Kuwaiti University Students. J. R. Soc. Health; 119(4):223-227.
10. Al-Isa AN.(1995): Prevalence of obesity among adult Kuwaitis: a cross-sectional study. Int J Obes Relat Metab Dis.19:431-433.
11. Al-Nuaim AR, Al-Rubeaan K, Al-Mazrou Y, Al-Daghari N, Khoja T. (1996)a: High prevalence of overweight and obesity in Saudi Arabia. Int J Obes Relat Metab Disord 1996; 20: 547-552.
12. Al-Nuaim AR, Bamgboy , E.A. and Al-Herbish , A. (1996)b: The Pattern of Growth and obesity in Saudi Arabia Male School Children. Int J Obes Relat Metab Disord 1996; 20 (11): 1000-1005.
13. Al-Musaiger AO. (1996): Diet-related non-communicable diseases in Bahrain. In: Musaiger AO, Miladi SS (eds). Diet-related non-communicable diseases in the Arab countries of the Gulf, 1st edn. FAO/RNEA: Cairo, 1996, 34-45.
14. Ajlouni K, Jaddou H, Batieha A. (1998): Obesity in Jordan. Int J Obes Relat Metab Diseases 1998; 22: 624-628.
15. Herman WH, Ali MA, Aubert RE, Engelgau MM, Kenny SJ, Gunter EW, Malarcher AM, Brechner RJ, et al. (1995): Diabetes mellitus in Egypt: risk factors and prevalence. Diabetic Med 12: 1126-1131.
ويتبع................: حجمُ مشكلة البدانة في العالم العربي مشاركة
واقرأ أيضًا:
نقطة التسوية الجسدية / أمراض مرتبطة بالبدانة هل فعلاً بالبدانة؟ / كيف نأكل؟ هل لهذا علاقة بالبدانة / الوصمة الاجتماعية للبدانة / ما هي أسبابُ انتشار البدانة؟