ردا على تشكك مكتئب في وجود الله عز وجل،تفضل الأخ العراقي أحمد الكناني بالمشاركة التالية، وكي لا تضيع لؤلؤةٌ ثمينةٌ وسط لآلئ مشاكل وحلول للشباب، نضعها هنا لتضئ على مجانين، كجزءٍ نراه مهما في العلاج المعرفي لوساوس المكتئبين.
يقول أحمد الكناني:
أولا: علينا أن نزكي شيئا أظنك تعرضت له بلا قصد منك، وهي مقولتك بأنك تريد دليلا عقلانيا غير دليل القرآن الكريم، وليت شعري يا سيدي أفتُراك تشك أن القرآن بعيدٌ عن التعقل والمنطق؟ إنني لا أتهمك، لكنني أنتقد فكرة يبدو أنها تستوطنك دون أن تشعر. إنه ليس بذنبك على أية حال، فالكثير الكثير ممن حول القرآن لمواعظ جامدة، سواءً بفضائياتنا أو على منابرنا، وهذا لا يعني أننا نبخس حق العلماء إلا أن هناك أصواتً أسهمت كثيرا بالاعتناء بظاهر القرآن، دون التعمق بداخله لنستقرئ العقلانية. أتدري يا سيدي؟ أنه من البُكائيات حقا أن نجد شبابا بسطاء يدافعون عن دينهم بشكل يسيء له، صارخين أن الفلسفة كفر بالدين مثلا، وهم لا يعرفون أن معنى كلمة فلسفة هو (حب الحكمة) باللغة اليونانية!، ولا يستطيعون التذكر من آية أتت تعظم الحكمة وتحترمها وتهدي لها.
كل ما يتخيلونه أن الفلسفة هي إنتاج غربي معادٍ للدين، علما بأن الفلاسفة المؤمنين لا يحصون إطلاقا، ومنهم (كفلاسفة مسلمين بالقرن العشرين) محمد باقر الصدر، الغزالي,عبد الوهاب المسيري، علي شريعتي، آمنة الصدر، روجيه غارودي، وغيرهم كثر، إذن القرآن لا يخرج عن العقلانية ولن أتعمق أكثر لأننا بحاجة لوقت طويل لنشرح معنى مصطلح عقلانية أولاً.
ثانيا: أنت تطالب بدليل عقلي على وجود الله كما قلت، ويسعدني أن أعلمك أن هناك أدلة تعتمد على المنطق القياسي (السيلوجيزم)، وهذا باب صعب للغاية ولا يفهمه إلا المختصون بدراسة الفلسفة والمنطق القياسي، ويسمى الدليل على وجود الله منه بالدليل العقلي، أو ما يسمى (دينتولوجيكال) باللغة الإنجليزية. وهناك الدليل العلمي (كوزمولوجيكال) الذي تستسيغه الأغلبية، لما له من سهولة بالطرح والتلقي. وسنبدأ حديثنا عن الدليل العلمي، وسنستقرئ دليل الفيلسوف الإنجليزي وليام بالي كمثال على هذا:
يعتبر الفيلسوف الإنجليزي وليام بالي (من فلاسفة القرن الثامن عشر) من المؤمنين بالله عن طريق الإثبات العلمي، أو ما يسمى بالـ Cosmological Argument وهي المناقشة التي تستند على أسس علمية لإثبات وجود الله. ولد وليام بالي William Paley في عام 1743 للميلاد، و كان بروفسورا للفلسفة في جامعة كامبريدج ويعتبر من الفلاسفة المؤمنين ومن مدرسي العقيدة المسيحية، توفي في العام 1805 للميلاد.
يؤمن الفيلسوف وليام بالي بأن الكون يعمل وفق معادلات رياضية دقيقة، ونسب معينة من الطاقة التي تساعد على توجيه المادة بشكل حكيم، ويؤكد بالي أن "الحكمة" ضرورية بعملية الخلق ويطرح مثالا عن الساعة: يقول بكتابه "صانع الساعة" أو Horae Paulinae أن الساعة آلة دقيقة الصنع ومؤلفة من عدة أجسام دقيقة لا يمكن لها أن تجتمع وفق مصادفة عمياء لأن أجسامها الصغيرة بحاجة لصانع، فحتى لو جزمنا فرضا أن أجزاء الساعة قد تجمعت بمعجزة أو بأخرى فإن السؤال سيبقى مطروحا عن الصانع الأول لهذه الأجزاء.
ويؤكد بالي نظريته بمثال مبسط:لنفرض أننا ساعاتيون ماهرون للغاية، وقد قمنا بفصل أجزاء ساعة ما كلً على حدة، وتركنا كل الأجسام مبعثرة بكرة مجوفة مليئة بالماء، وعلاوة على هذا فقد قمنا بضمان حركة هذه الكرة وماؤها الجوفي. أننا لو عدنا بعد ليلة من هذا، أو أسبوع، أو سنة حتى، فإننا سنجد أجزاء الساعة لم تتكامل لتؤلف ساعة من جديد. ولكن لنتمهل، ماذا لو حدث ووجدنا الساعة متكاملة الصنعة مرة أخرى؟ ألن يأخذنا هذا لاحتمالين لا ثالث لهما؟
الأول: الساعة جمعت أجزائها بنفسها، وهذا محال.
الثاني: أن هناك شخص أتى خلسة وأعاد تجميع الأجسام الصغيرة معا.
إن الكون يشابه هذه الساعة إلى حد كبير برأي وليام بالي، فهو مؤلف من أجزاء صغيرة تؤلف بدورها ثمة أجزاء أكبر حتى نصل للكواكب والنجوم والمجرات. ويرى بالي أن التساؤل لا يجب أن يبدأ خطاه من الشكل النهائي للمادة بل من دقائقها الصغيرة التي تجمعت وشكلتها، وهنا يتساءل بالي مرة أخرى عن مصدر هذه المواد (الذرات) ومعنى تجمعها الدقيق وفق معادلات رياضية غاية بالدقة والذكاء؟ أن الكون بشكله النهائي يعتبر معجزة بحد ذاته كما يقول بالي، إلا أن الأشد إبهارا وإعجازا بنظره هو التشكيل الفريد للمخلوقات بحيث تختلف عن بعضها بعضا مع أنها خلقت من المادة الذرية ذاتها!
والحقيقة أن الخلاف بين المخلوقات يعود للخلاف بين المعادن والغازات، وهذا الخلاف بحد ذاته خاضع لمعادلات رياضية صارمة تعين عدد الذرات بكل معدن وتميزه هن غيره بما يسمى بالوزن الذري. فالكون كله يتكون من مئة وعشر عناصر بين معدن وغاز، إلا أن كل هذه العناصر تشترك بأنها مكونة من بروتونات ونيترونات وإليكترونات فقط، وبعدد الإليكترونات المختلف والدقيق أوجدت المعادن والغازات والسوائل. وبهذا النظام الذكي يمكننا أن نؤكد أن شيئا من هذا ما كان ليحدث لولا وجود عقل مدبر، وأن هذا الخلق لم يكن ليتم بواسطة هذه الذرات إلا بشكل تقني عالي وحكيم. وإلى هنا توصل بالي للحقيقة التي تلتقي عندها عقول الحكماء والمفكرين الصائبين.
بسم الله الرحمن الرحيم
{ذَلِكُمُ اللّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (102) لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ } (الأنعام103،102)
وهكذا ترى، أن لكل فعل فاعل، وحتى لو سألت عن خالق الله مثلا، فإننا لن نجد إجابة لأن الله موجد نفسه بنفسه وهو أزلي وسرمدي (أي ليس له بداية ولا نهاية)، ولو أتبعنا تساؤلك لقلنا ومن هو خالق الخالق الذي خلق الله، وهكذا سنبقى نعد أربابا إلى ما لا نهاية، وهذا منقوض عقلا لأنه ضد التفكير السليم. فكما الواحد هو بداية الأرقام وما بعده الصفر المطلق الذي يرمز للعدم، فإن الله هو الرب المطلق الذي لا يوجد شيء خلفه. ولا وجود للصدفة هنا من محل أبدا، فلا شيء يأتي من صدفة عمياء. وهذا مثال على ما أقوله، وهي مادة من بحث بسيط لي وعذرا للإنجليزية:
The question:
Does the world/ universe (or anything or another in it) give evidence of divine design?
Yes it (the universe in general) does give us a proof about the existing of God (the wise, powerful and the eternal). The reason it does, is that this universe does depend over many reasons that gathered and became something (as material) new. If we knew that the universe and all other materialistic objects were found by the atomic structuring, then this structuring must be done by systematic steps, and systematic action should be managed well.
It is just as if we hang a marker by a thin and lean rope and we made this marker touches a paper that underneath. After we done doing that, we wait for the wind to move the hanged marker, so it could draw some sketches over the paper. We will notice that we are not able to understand any sketch of the scramble lines who were been drawn. It is understandable that we would not find any intelligent word from the sketches, and even if we did found a right word (less than 1.0% though) we will never ever read a great poem out of it, or even understand one right sentence. Therefore, we can say that the unmanaged movement leads us to no-where. And no such a smart thing (language, objects and idea) could be found without a rational mind and true power. Because there is nothing could be found without planning, and no planning could ever be exist without an intelligent mind. And as far as we’re concern, we didn’t create any of the universal objects or even ourselves, although we were a reason of our physical existence, but we didn’t really create our bodies and structured the atoms that make us a materialistic existence.
And when we come back to the marker’s example, we would figure two simple facts:
1- This marker would never ever right anything smart with out a smart mind that could move it. And that shows us that o material could create anything that is smart or not, movable or stand, hard or soft.
2- This marker would not be hanged (and that is so important fact) from the starting point if we didn’t decide to do so. And that appears to us that even the cause of the unintelligent writing needs a pre-reason to make it able to write. If we count the reasons of making this marker, hanging it and the reason behind the existing of the person who hanged it, we will end with two conclusions:
A- There is a main reason that was and will be the founder of anything.
B- Everything in the universe has a mentality even the rocks and the little atoms, and they make a meeting and friendships and gather to make a new objects.
* وتفضلت المستشارة الدكتورة داليا مؤمن بترجمة النص السابق:
السؤال هو: هل يعطينا العالم/الكون (أو أي شيء أو أي شيء في الكون) دليل على خلق مقدس؟
نعم (فالكون ككل) يعطينا دليلاً على وجود الله -الحكيم والقادر والخالد- وما يشير إلى أنه يعطينا هذا الدليل، هو أن هذا الكون يعتمد على عدة أسباب اجتماعها معاً يصبح شيئا ما جديد (مادة معينة). وإذا ما عرفنا أن الكون وكل الأشياء المادية قد وجدت بواسطة بناء ذري فإن هذا البناء لابد أن يتم بناء على خطوات منظمة وأفعال منظمة للغاية. فالأمر كأننا نمسك قلما له ممسحة دقيقة ونجعل هذا القلم يلمس الورق الذي تحته، وبعد أن قمنا بذلك ننتظر الرياح كي تحرك القلم المعلق لرسم بعض المناظر على الورق.
وسنلاحظ أننا لا نستطيع فهم أي منظر من الخطوط أو المناظر المرسومة، ومن الواضح أننا لن نجد كلمة ذكية، وحتى إذا وجدنا كلمة مناسبة (أقل من 1% فكرة) فإننا لن نقرأ أبداً قصيدة شعرية رائعة من خلال ذلك، أو حتى نفهم جملة واحدة صحيحة. ولهذا يمكننا القول أن الحركة العشوائية لا توصلنا إلى شيء. ولا يوجد شيء أنيق (كاللغة والأفكار) دون عقل له منطق وقوة حقيقية. وذلك لأنه لا يمكن أن نجد شيء دون تخطيط لهذا الشيء ولا يمكن أن يتواجد التخطيط دون عقل ذكى. ومهما كان قصدنا فإننا لا نخلق أي من موضوعات هذا العالم أو حتى أنفسنا، وعلى الرغم من أننا كنا سبباً لوجودنا الجسدي، فإننا لم نخلق أجسادنا بالفعل ولم نبنى الذرات التي جعلت لنا وجودا ماديا.
وحين نرجع إلى مثال القلم، سنصل إلى حقيقتين بسيطتين:
1- أن هذا القلم لن يكتب أبداً أي شيء له معنى بدون عقل ذكى يخطط له، مما يوضح لنا أن عدم الوجود لا يمكن أن يخلق مادة متقنة المعنى، متحركة أو ثابتة، صلبة أو لينة.
2- هذا القلم لا يمكن أن يكون معلقاً منذ البدء إذا ما قررنا عمل ذلك -وهذه حقيقة هامه-. وهذا يبين لنا أنه حتى إذا كان وجود كتابة غير ذكية يحتاج سببا قبليا كي نجعله قادرا على الكتابة. وإذا أحصينا أسباب جعل هذا القلم يكتب كالسبب الذي وراء وجود الإنسان سننتهي إلى نتيجتين:
أ- هناك سبب رئيسي كان وسيكون منشأ كل شيء.
ب- كل شيء في الكون له عقلية حتى الصخور والذرات الدقيقة وتتقابل معاً وتقيم علاقات وتتجمع لعمل أشياء جديدة.
انتهت الترجمة، ومجانين تشكر المستشارة الدكتورة داليا مؤمن
ومع هذا يكابر المكابرون إذ يتحدثون عن ما يسمى "قوانين الطبيعة" فعندها نسألهم:كيف وجدت هذه القوانين؟ ولماذا لم تتغير؟ وكيف تعمل معا؟ وكيف اتفق أنها اشتركت بنسب ذكية؟
ولو لم تشترك بنسب ذكية فكيف أدت لخروج نتائج ذكية؟ لو قلنا أن القوانين طبيعية، فهل القوانين أوجدت الطبيعة أو الطبيعة أوجدت القوانين؟ ولو كانت القوانين أوجدت الطبيعة، فهل القوانين ميتافيزيقية؟ ولو كانت الطبيعة أوجدت القوانين، فمن أوجد الطبيعة التي تحتاج أصلا للقوانين لوجودها؟ وعندها ماذا سيقول المشككون؟ سيقولون أن القوانين هي اختراع إنساني لظاهرة محددة، لكن هذا يُنفَى أيضا وفق عملية فلسفية إذ نقول:
لنفترض أن تعريف "الطبيعة" هو كل ما هو مادي بوجود طاقة محددة له، تعطيه قيمة بهذا الكون. وعندها سنجد أن كل عناصر المادة تتألف من 110 عناصر، حسب آخر رأي وأوثقه. من هذه النتيجة، أستطيع أن أنفي التعريف القائل أن "القانون" هو:(القانون هو محاولة إنسانية لشرح الموجود, أي شرح إنساني للطبيعة لا أكثر ولا أقل).
ذلك لأن الطبيعة بحد ذاتها تستند فعلا لقوانين ثابتة، وإلحاق القانون بالإنسان غير منطقي، لأن أي معادلة رياضية هي أقدم من وجود الإنسان وأقدم من أي شيء، فهي خالدة الوجود، حتى لو أنتفت المادة. لا تفهم من كلامي أنني أؤمن بأن الله هو الرياضيات، فالقوانين الرياضية بحد ذاتها لا تمتلك الإرادة (كما الكومبيوتر) لكي تقرر شيئا وفق ما تريده حقا وعن إدراك، وكما ترى فإن الكومبيوتر "الدقيق"من المحال أن يوجد من مصادفات محضة أو عمل "الطبيعة"، بل لأنه متقن، فإنه يدل على أن صانعه أكثر عقلانية و قدرة، و أنه موجود وفق "إرادة" و"حركة موجهة" و"قوة متحكمة" بالعناصر التي تؤلفه.
ومحال أن تغالط نفسك بالقول أن "الطبيعة" قد تصنع كومبيوترا كالذي على طاولتك، بل محال حتى أن تسلم القول بأن الطبيعة (أو القوانين) قد أسهمت بجمع القطع والقوانين الرياضية موجودة قبلا لكنها لم تكن لتصنع كمبيوترا لولا وجود العقل المدبر الذي يستغل هذه القوانين بشكل حكيم. هذه القوانين مخلوقة أيضا من قبل خالق دبر الكون وفقها، ولذا فهي موجودة بشكل لا مادي، لكنها تنعكس على المادة ونفهمها بواسطة المادة لكون المادة تؤثر على طريقة إدراكنا.
وهكذا ترى يا سيدي أن الله الخلاق العظيم هو خالق كل شيء، وأنه لمحال أن يقف العقل المتفتح رافضا لوجوده، بل لا يرفضه إلا المكابرون عادة والمتعصبون لأمور ثانوية أو نمط حياتي يخافون غيابه بوجود الإيمان. وهذه صفحة للدكتور زغلول النجار لتجد قوة القرآن وإعجازه, وقد أنشأها صديق مسلم من الشباب المصري الشريف المكافح, فأحييه من هنا وأحيي عظمة علمه وتسخيره لمرضاة الله.
ثالثا: تتساءل أنت يا سيدي عن مغزى الشر بالعالم, ولماذا يترك الله المجرمين يعيثون فسادا بالأرض؟ الواقع، ولا أقصد أن أستهجنك، أنك مخطئٌ بجدارة يا عزيزي، لأنك لو دققت بالتأريخ ستجد أن الله يعاقب الظلمة دوما، ويذل الأمم التي تظلم وتفسد بالأرض. فقبلا كان اليونان والفراعنة والرومان والجرمانيون والبيزنطيون والفرس والإمبراطوريات العربية والبريطانية والألمانية، وهكذا هلم جراً. كلهم لم يبقوا بظلمهم واستهتارهم بالقيم، والأهم أننا نرى مثالا حيا بما فعل الله بصدام حسين، بعد أن طغى طغيانا عظيما، فإذا الله يسلط عليه الظلمة ويسقيه سوء العذاب بالدنيا والآخرة.
ثم يا سيدي، أنه لمن عدالة الله أن يعطي فرصا لكل البشر لينجحوا إن عملوا، وبعدها يمتحن الله إيمانهم، فإن تجبروا أمهلهم، وإن استمروا عاقبهم. وكذلك وضع الله عوامل للنجاح، أهمها الاقتراب من رحمته، وبربك كم نحن قريبون للمجتمع المسلم الحقيقي؟ وتلوم الله على ما يجري لنا؟ قل نحن الذين سود حياتنا بأيدينا، ونحن من أتى بالمذلة والبلاء على رؤوسنا. مجتمعاتنا منفلتة بالجملة، ولا داعي للزعل، وأي بلاء يُصب علينا هو رحمة.
ربما لا تعرف كم كان المتدين منبوذا بفترة الستينات بالعراق، كأغلب دولنا العربية أيام المد الشيوعي، وكم كان شرب الخمر والعربدة أمرًا طبيعيا عند عدد كبير من الناس، لكن بعد سنوات من العقاب والتأديب، يُفاجأ الكل بشعب عراقي مؤمن بشكل اختياري ومتمسك بالقرآن بشكل باهر. إذن، ربما ينفع البلاء، وتذكر أن الله لا يبلي قوما إلا بما قدمت أيديهم، والبلاء هو عملية تلقائية لشرهم، أي أن الله لا يبطش بهم ولا ينتقم تجبرا، بل يمنع عنهم رحمته ويتركهم يتلقون عقوبتهم العادلة بما قدمت أيديهم.
* ما أريد أن أقوله، هو أننا بحاجة لأن نفكر بما نفعله قبل أن نلقي باللائمة على الله، وربما أنصحك بقراءة هذا الكتاب للمفكر مرتضى مطهري وهو بعنوان "العدل الإلهي, مسألة الشرور" وهو كتاب ممتاز وأنصحك حقا بقراءته. هذا ومعذرة للإطالة، فنحن معشر الفلاسفة نحب الكلام المطول (ابتسم) ونهوى الشرح والتدقيق.