أرسلت أ. رفيف الصباغ تعقيباً على تعليق د.وائل أبو هندي على (منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري مشاركة) تقول:
الأستاذ الدكتور وائل، السلام عليكم؛
لكم سررت بتعليقكم وإفادتكم على المشاركة في مقالات منهج الفقهاء، وليست هذه مجاملة، فأنا دائماً أتوقع أن أجد لكم تعليقاً آخر المقالات، ولكن ربما أنا لم أحسن عرض الفكرة هنا بشكل جيد مفهوم. فقولي لا يعارض ما ذكرتموه، وسأحاول أن أوضح الفكرة على الشكل التالي:
- من علم من نفسه (من غير الموسوسين) واعتاد أن يخرج منه قطرات من البول بعد فترة من تبوله (يعرف حصول ذلك منه بنسبة: 95-100%) وذلك بدليل قاطع كرؤية القطرات تخرج منه، عليه عند جميع الفقهاء:
1- أن يفعل بعد التبول ما يساعد على خروج هذه القطرات.
2- عندما يقوم بهذه الأفعال لا يبالغ ولا يستقصي ويكفي أن يظن خروج القطرات (بنسبة 75% فما فوق يعني: يظن أنها خرجت مع وجود احتمال –ولو نظرياً- ببقاء شيء) حينها نقول: إنه أتم الاستبراء وانتهى مما عليه، يعني ليس من الضروري أن يعلم 100% أن المجرى قد تمت تنقيته من البول، عن طريق التنشيف والاستقصاء.
3- ينضح الثوب والمخرج بالماء (يرشه بقليل من الماء).
4- لا يعيد وضوءه إلا إذا حصل لديه علم (98-100%) بخروج البول وذلك لا يكون إلا برؤية البلل، والرؤية متعذرة بعد نضح الثوب. إذن لا داعي للتفتيش لأنه لن يأتي بنتيجة، وهنا يصرف الرجل انتباهه عن هذا الأمر شاء أم أبى.
إذا كان هذا بالنسبة للإنسان العادي، فما بالك بالموسوس؟ إذا جاء وقال: غلب على ظني خروج شيء بعد التبول. (كأنه خرج مني شيء)، نقول: هنا لا مكان لـ: (كأنه) ولا لـ: (غلب على ظني). هنا فقط: رأيت بللاً في ثيابي الجافة بعد أن أحسست بخروج شيء. وطالما أن الثياب ليست جافة فلا ندري أخرج شيء أم لا والأصل أنك أنهيت التبول ولم يخرج شيء.
وهذا يستند إلى قواعد فقهية (سأقوم بشرحها في المقالات القادمة إن شاء الله) ومنها:
- الأصل في الأشياء الطهارة.
- اليقين (علم 100%) لا يزول بالشك (50% يا ترى خرج شيء أم لا؟). فلا بد له من يقين آخر يعارضه ليزول.
وهذا مأخوذ من حديث: أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أحدُكُم فَلَمْ يَدْرِ زَادَ أم نقصَ، فليَسْجُدْ سَجْدَتَينِ وهُوَ قاعد، فَإِذَا أَتَاهُ الشَّيطَانُ فقَالَ: إنَّكَ قَد أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ، إِلَّا مَا وَجَدَ رِيحاً بَأَنْفِهِ، أَوْ صَوْتاً بأُذُنِه». [أبو داود: الصلاة/ باب من قال: يُتِمُّ على أكثر ظنه، المستدرك: كتاب الطهارة، والحديث صححه الحاكم، ووافقه الذهبي في التلخيص: 1/134].
وأضيف إلى قياسكم العلمي بالنسبة للأعصاب التي تغذي المنطقة، أقول: النتيجة التي وصلتم إليها صحيحة، وأضيف إليها القياس الشرعي لتقوية الكلام: يؤخذ من الحديث أن يقين الطهارة لا يزول بالشك بخروج شيء من الدبر، يقاس عليها القبل فنقول: يقين الطهارة لا ينتقض بخروج شيء من القبل، إذ لا يوجد فرق بينهما شرعاً فكلاهما مخرج لما ينقض الوضوء. ولو شك حنفي (يقول بانتقاض الوضوء بخروج الدم من سائر الجسد) لو شك هل خرج دم من يده التي جرحت أثناء عمله أم لا؟ نقول له: لم ينتقض وضوؤك، لأنك تيقنت الطهارة وشككت بالحدث واليقين لا يزول بالشك. فالحكم واحد (مع أن اليد لا تغذيها نفس أعصاب الدبر كما أظن!).
وجزاكم الله خيراً
(لا أدري إن كان يوجد داعي لنشر هذا التوضيح أم لا، الأمر متروك إليكم).
* ويضيف د.وائل أبو هندي بالتأكيد يا أستاذة رفيف هناك داعٍ لنشر ما تفضلت به وكل ما هنالك فعلا هو أن الموسوسين ومعالجيهم من الأطباء النفسانيين يحتاجون لهذا العرض المبسط لآراء الفقهاء... فأما الموسوس فلأنه كان سيقف عند قولك (فالبول نجس باتفاق، وخروج هذه القطرات ينقض الوضوء، فإن خرجت هذه القطرات وجب عليك تطهير ما أصاب الثياب من ذلك)... ويبقى يمارس أفعاله القهرية إعادة وتكرارا وتحققا وإعادة تحقق... وأما الأطباء النفسانيون فيحتاجون هم أيضًا إلى كلامك هذا لأنهم يجد الواحد منهم نفسه في حيص بيص أمام مثل هذا المريض ويخافون أن يردوا عليه بشيء فيكون مخالفا لما في الفقه.... جزاك الله خيرا.
ويتبع ............: منهج الفقهاء في التعامل مع الوسواس القهري مشاركة1
واقرأ أيضًا:
هل اضطراب الوسواس القهري اضطرابٌ نادر؟ / الاستبصار واضطرابُ الوسواس القهريِّ / علاج الوسواس OCDSD فقهي معرفي ديني Relig