الاستمناء القهري Compulsive Masturbation حسب تعريفه الغربي هو مسار مرضي لممارسة الاستمناء بحيث يصبح الاستمناء بإثارة الذات رغم كونه غير منسجم مع الأنا Ego-dystonic بالنسبة للشخص هو المخرج الجنسي الرئيسي أو الأولي حتى في وجود علاقة حميمة مع أحد من البشر يمكن أن يمثل شريكا مقبولا في الجنس، فيمارس الشخص الاستمناء على الأقل مرة واحدة كل يوم،....
واضح في هذا التعريف أن الحالة التي لا يوجد فيها علاقة حميمة مع أحد من البشر يمكن أن يمثل شريكا جنسيا مقبولا، هذه الحالة غير واردة في ذهن من يضع التعريف.... لكنها مع الأسف الشديد حالة أغلبية عباد الله في بلادنا، وكنت في مقالي السابق في تقديم الاضطرابات ذات العلاقة بالشذوذات الجنسية توقفت عند هذه النقطة وقلت أجد أنني في حيرة فهذا الكلام (التعريف) وخاصة الشرط الأخير سيجعلنا نقصر إمكانية تشخيص الاستمناء القهري على المتزوجين فهم الذين يمتلكون علاقة حميمة مع أحد من البشر يمكنه أن يكون شريكا جنسيا محللا، لكن أين الذين يمارسون الاستمناء أو الاسترجاز في مجتمعاتنا أين هم من علاقة حميمة مع آخر حلال؟؟؟ ثم قلت: أعدكم بأن أكتب عن الاستمناء القهري في مقال منفصل، وأحسب الوقت قد حان الآن.
أصل وفصل الاستمناء والاسترجاز
الاستمناء لغةً: من مصدر استمنى، أي طلب خروج المنيّ، واصطلاحاً هو إخراج المنيّ بغير جماعٍ محرماً كان أو غير محرم، والاستمناء لا بدّ فيه من استدعاء المنيّ في يقظة المستمني بوسيلةٍ ما، ويكون الاستمناء من الرّجل ومن المرأة، ولنا تاريخ حول صلاحية لفظ الاستمناء للإناث بداية من ظهور إجابة: (استرجاز البنات والقراءة الخاطئة للمعلومات الصحيحة) على موقع إسلام أونلاين حيث رأينا وقتها استبداله بكلمة الاسترجاز وقلنا في تعليل ذلك: (لأن البنت لا تستمني، وليس لها مني كمني الرجل، ولفظة استرجاز على وزن استفعال مشتقة من لفظ الإرجاز (وهي لفظة معربة من الكلمة الإنجليزية Orgasm بمعنى ذروة النشوة الجنسية))...؛
وكان ذلك سنة 2003 ولكنني في سنة 2004 اكتشفت خطأ معلوماتي الطبية التي تقول أن البنت ليس لها مني كمني الرجل كما بينت في مقالي: الماء والنساء، ماء المرأة في الإرجاز، لكنني حين بحثت اليوم على الإنترنت ندمت على تسرعي سنة 2003 لأن عديدا من المواقع والأبحاث العلمية أخذوا اللفظ المنحوت عني من إسلام أونلاين ومن على مجانين ولم يذكروا المصدر، وكذلك لم يتابعوا ليعرفوا أنني بعد سنة فقط تغيرت معلوماتي من خلال قراءة الفقه الإسلامي وأنني حين بحثت وجدت الفقهاء أكثر معرفة وعلما ودراية في الدورة الجنسية للإناث من خريجي كليات الطب!
الذين درسوا الدورة الجنسية حسبما رآها ماستر وجونسون فصدقوهم ولم يهتموا بالتحقق من صدق ادعائه بأنه لا مني للمرأة وهو ما يخالف المكتوب في كتب الفقهاء ويخالف كذلك أحاديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم مثلما هو مبين في المقال المشار إليه، والرأي عندي اليوم بناء على معرفتي بوجود مني للمرأة وإن قل احتمال ظهوره إلى خارج الجسد، هو أن كلا من لفظة استمناء (أي طلب نزول المني) ولفظة استرجاز (أي طلب الإرجاز) تصلح للتطبيق على الذكر والأنثى، كذلك أشير إلى أن استخدام تَبَظُّر للإناث يقصر الفعل على نوعية واحدة من الممارسة ومن طريق واحد وليس استمناء الإناث بهذه البساطة.
تعريف طبي للعادة السرية
يمكننا طبيا تعريف الاستمناء أو العادة السرية Masturbation بأنه الاستثارة الذاتية المتوالية للأعضاء الجنسية وصولا للإرجاز أو الإنزال... باستخدام الحث المباشر للأعضاء الجنسية باليد أو أي أدواتٍ تستحث الاستثارة الجنسية المباشرة أو باستخدام التخيلات أو الصور الجنسية أو بالجمع بين الاثنين المباشر وغير المباشر....، وعادة ما يكون الاستمناء ذاتيا وإن كانت بعض إشكاله تتم عبر علاقات تبادلية يقوم فيها كل فرد بدور يد المستمني وهو ما يطلق عليه الاستمناء المتبادل Mutual Masturbation ، وبالمناسبة فقد قسم بعض الفقهاء أشكال الاستمناء إلى أربعة الاستمناء باليد، والاستمناء بالنظر، والاستمناء بالتفكير، والاستمناء بالمباشرة فيما دون الفرج وهذا الأخير ربما لا يعنينا حسب مفهومنا الحالي للاستمناء كسلوك جنسي فردي.
إدمان الاستمناء ماذا يعني؟
فعل الاستمناء ممتع بذاته وهذا ما يجعل متبعيه من الذكور والإناث عرضة للإدمان عليه، إلا أن من المفترض أن ذلك الإدمان لا يحدث إلا نادرا في ظروف توافر علاقات طبيعية مجتمعية واجتماعية وجماعية يتعامل فيها الذكور والإناث.... بحيث يمكن أن يمثل الاستمناء كنشاط جنسي مرحلة من مراحل التطور النفسي الجنسي للإنسان دون أن يسقط الإنسان في براثن إدمان هذا النشاط الجنسي، لكن الأمور يمكن أن تختلف تماما حين لا تسمح الظروف الاجتماعية بوجود علاقات طبيعية بين الذكور والإناث، ومن هنا أستطيع أن أخمن مقتنعا أن معدلات من ينزلقون لإدمان العادة السرية في مجتمعاتنا أكثر بكثير مما هي في أي مكان في العالم.
وإدمان العادة السرية هذا ربما لا يدري كثيرون من الذكور والإناث أنهم مرضى به أي بإدمان العادة السرية... لسبب بسيط هو أنه ربما يكون النشاط الجنسي الأوحد لمعظمهم إلا من رحم ربي..... وهم يمارسونه بغير فهم كامل أو حتى صحيح لطبيعته ويبقون على قلق منه مهما طمأنهم الأطباء بالمناسبة قائلين بأنه لا ضرر له يثبت علميا وأنه حتى يجوز فقهيا أو شرعا لضرورات وهكذا... رغم كل هذا ترتبط مشاعر الذنب عندنا بالاستمناء والاسترجاز بشكل لا يخفى على أحد وهذا الشعور بالذنب يجعل فعل الاستمناء فعلا غير منسجم مع الأنا Ego-dystonic لكثيرين من مدمنيه أي أنهم يفعلونه وهم يشعرون بأنهم مقهورون عليه وليس باختيارهم؛
وصحيح أن الشعور بالذنب يدل على خير ويقود إليه إذا أُحسنَت التوبة، لكن المشكلة أنه لا يفعل ذلك في مجتمعاتنا بسبب فساد البيئة الاجتماعية التي نعيش فيها، فنحن نعيش في مجتمعات يمكن أن يبقى الذكر وتبقى الأنثى حتى ما فوق الثلاثين وما أكثر دون أية إمكانية لممارسة جنسية يرضى عنها المجتمع، "وبالمناسبة أقول لكم أن عبارة بقى لي 18 سنة يا دكتور أمارس العادة السرية مرة أو مرتين يوميا" وأحيانا "أنا ليس لي غيرها من منفذ" هي عبارة متكررة في عيادات الأطباء والأخصائيين النفسانيين، والمهم هو السؤال هل ممارسة العادة السرية يوميا لمدة 18 عام يمكن أن تكون اختيارية غير مرضية؟ أو هي نتيجة إدمان؟ أو هي فعل قهري أي استمناء قهري؟
مفهوم الاستمناء القهري
الحقيقة أن مفهوم الاستمناء القهري Compulsive Masturbation ظل غير واضح بالنسبة لي إذ كيف يكون الاستمناء وهو فعل ممتع! كيف يكون قهريا؟، وبالتالي فكون الفعل القهري مصحوبا بلذة جنسية وربما مسبوقا بتخيلات أو أفكار جنسية محببة بما يجعل الدافع له (أو الحدث العقلي السابق له) رغبة جنسية أو تخيلات جنسية مثيرة وهو في ذلك يخالف الحدث العقلي التسلطي المزعج أو المرعب أو المقزز....إلخ الذي -في حالة الوسواس القهري- يسبق الفعل القهري والذي بدوره نادرا ما يكون ممتعا لكنه فقط يخفف من حدة التوتر الناتج عن الحدث العقلي التسلطي، بينما الفعل التالي في حالة الاستمناء يكون فعلا ممتعا......
إذن ففهمنا التقليدي لاضطراب الوسواس القهري كحدث عقلي تسلطي مزعج أو منفر أو مفزع أو مروع ينتج عنه ضيق شديد أو خوف شديد يدفع الشخص دفعا لفعل -قهري- ليس ممتعا لكنه يعطي راحة مؤقتة لأنه يقلل الضيق أو يطمئن من الخوف... ثم يعاود الحدث العقلي التسلطي الكرة مرة تلو المرة.... وهكذا.... كيف يمكن أن ينطبق ذلك الفهم التقليدي على الاستمناء ليصبح الاستمناء قهريا؟
إلا أننا حين نتأمل بعض اضطرابات نطاق الوسواس القهري مثل كل من اضطرابات العادات والنزوات Habit and Impulse Disorders (أو اضطرابات التحكم في النزوة أو الاندفاعية Impulse Control Disorders) وكذلك اضطرابات التفضيل الجنسي Disorders of Sexual Preference (أو الشذوذات الجنسية Paraphilias) نجد شكلا مختلفا للعملية القهرية يكون فيها الفعل القهري وربما ما قبله من تخيلات ممتعا إلا أنه فعلٌ من النوع الذي عادة ما يعقبه الندم الشديد.....، من هذا البعد من أبعاد نطاق الوسواس القهري يمكن أن يدخل فعلٌ من نوع الاستمناء -القهري- حيث يُفْرِطُ الشخص أو يعجز عن منع نفسه من الإفراط في الاستمناء بشكل يؤدي به إلى الندم الشديد.....
لكن بُعد الاندفاعية أو الانفلاتية في الاستجابة للنزوة أو لنقل البعد الإدماني لنطاق الوسواس القهري -رغم ثبوته لدينا كوجه آخر للوسواس من خلال الإغواء بفعل ضار يعقبه الندم- رغم هذا لا يكفي لتفسير الاستمناء القهري خاصة في صورته الحديثة..... حيث أصبح الاستمناء القهري ملازما لكثير من الاضطرابات ذات العلاقة بالتفضيل الجنسي Sexual Preference -Related Disorder (أو الاضطرابات ذات العلاقة بالشذوذات الجنسية Paraphilia-Related Disorders) خاصة الاعتمادية على الإباحية التكنولوجية Pornography dependence والاعتمادية على الجنس التليفوني Telephone sex Dependence وأيضًا الاعتمادية على الإلكتروجنس التبادلي عبر الشبكة Cyber Sex Dependence ؛
ومثلما هو واضح فإن كل هذه السلوكيات الجنسية المضطربة تعتمد بشكل أساسي على منجزات التكنولوجيا الحديثة وفيها عامل مشترك هو غياب رفيق بشري حقيقيي ولكن فقط متخيلا مع أساليب الاتصال المتاحة، وكل هذه السلوكيات لها علاقة بنطاق الوسواس القهري لكن ليس فقط من البعد الإدماني... فرغم أن الاستمناء القهري هو أكثر أشكال إدمان الجنس شيوعا على مستوى العالم إلا أنه نادرا ما تكون المشكلة جنسا ذاتيا فقط أي دون مخدرات أو إدمان جنس تليفوني أو إباحية إليكترونية أو خيالات منحرفة أو نوبات استمناء متكرر.... إلخ.
وهنالك بعض الاعتراض على اعتبار هذه السلوكيات الجنسية أصلا إدمانية، لأن الجنس كسلوك بيولوجي مثله مثل الأكل والشرب والنوم تنظمه مراكز واتصالات عصبية متخصصة في المخ مسئولة عن الجوع والعطش والتثاؤب وغيره من دوافع النوم، بمعنى آخر أن هناك شهية لمثل هذه الأنشطة الحيوية، وهذه المراكز الموجودة في الوطاء (تحت المهاد) والاتصالات التي بينها وبين القشرة المخية وغيرها من مراكز المخ هذه المراكز واتصالاتها تعمل عملها في إطار بيولوجي نفسي اجتماعي..... إلا أن الحرمان الحقيقي أو المتخيل لأي من هذه السلوكيات الحيوية في الإنسان الطبيعي يؤدي إلى بروز تصورات وتخيلات عقلية واشتهاء وربما مشاعر جسدية للتعبير عن حالة الجوع لذلك السلوك... ولا يصح أن أعتبر الجائع مدمن أكل والعطشان مدمن ماء والنعسان مدمن نوم لابد من تجنب الوقوع في هذا الخطأ... لكن المهم التذكير هنا بأن غريزة الجنس ليست مثلها مثل الجوع أو العطش أو النوم فعدم تلبية الرغبة الجنسية مهما اشتد لا يؤدي إلى الموت كما في الجوع أو العطش... إلخ.
تعريف الاستمناء القهري
يبدو تعريف الاستمناء القهري مشكلا في مجتمعنا كحالة خاصة نظرا لأنه بالنسبة لكثيرين في مجتمعاتنا يكون الاستمناء هو السبيل الوحيد المتاح لممارسة الجنس، وبالتالي ليس يسهل تطبيق التعريف بصورته الغربية والتي تشترط أن يصبح الاستمناء بإثارة الذات بالنسبة للشخص هو المخرج الجنسي الرئيسي أو الأولي حتى في وجود علاقة حميمة مع أحد من البشر يمكن أن يمثل شريكا مقبولا في الجنس فيمارس الشخص الاستمناء على الأقل مرة واحدة كل يوم، المفترض إذن في مجتمعاتنا أن يكون من يصح أن نشخص لديه مشكلة الاستمناء القهري متزوجا أو على الأقل قادرا على الزواج لكنه عازف عنه ويرى أن الاستمناء كافٍ له.
أشكال الاستمناء القهري
الاستمناء القهري هو أحد الأشكال التي يمكن أن يأخذها مسار ممارسة الاستمناء، وهو ليس شكلا واحدا:
1- الاستمناء القهري أحادي المرة "الروتيني": هناك ملايين من الناس في بلادنا وغيرها نستطيع تسميتهم: ممارسو أو مدمنو الاستمناء الروتيني وهم -الأغلبية- يمارسون الاستمناء القهري في صورة روتينية هادئة يوميا مثلا مرة يوميا قبل النوم أو مرتين يوميا صباحا مع الحمام..... ومرة مساءً ربما بمساعدة الإباحية التكنولوجية في الفيديو أو الإنترنت أو القنوات الفضائية أو حتى الهاتف المحمول Mobile Pornography عبر مواقع الإنترنت الجنسية المخصصة للدخول بالهاتف المحمول!....
2- الاستمناء القهري النوبي المتكرر: هناك أيضًا أعداد لا يستهان بها نستطيع تسميتهم: ممارسو نوبات الاستمناء المتكرر Binge Masturbators وهؤلاء هم الذين يقضون ساعات طويلة في النوبة غارقين في تخيلات جنسية معينة أو مشاهدة الإباحية التكنولوجية مع الاستمناء/الاسترجاز المتكرر، وهم مقارنة بممارسي الاستمناء الروتيني يبدون كأنما ينساقون لمثير معين لا يستطيعون مقاومته أو عصيانه ويصاحب التعرض له مشاعر آسرة بشكل لا يحتمل معه عدم الاستسلام وبالتالي فإن ممارسو نوبات الاستمناء المتكرر يقضون ساعات أو أيام وغالبا في وجود نوع من أنواع المخدرات أو الكحوليات ويحبسون أنفسهم في بياتهم الاستمنائي (على غرار البيات الشتوي) هذا مفصولين عن الدنيا، يَستمنى مريض الاستمناء القهري بشكل مزمن حتى يؤلمه قضيبه، حتى لا يبقى مني للقَذْف. وهو قَدْ يَستمنى في سيارتِه، أَو في متنزه أَو غرفة استراحة عامة وأحيانا لا يبالي بأن يراه أحد، ويمكن أن يستمر الواحد منهم في الممارسة التي تحدث ألما أو حتى جرحا أو التهابا ولا يتوقف عن التكرار وغالبا ما ينتج عن ذلك إصابات تحتاج علاجا طبيا.
عواقب الاستمناء القهري
الاستمناء القهري كذلك يَجْعلُ الشخصَ كثيراً ما يتأخر على العملَ، أَو يَتغيّبُ عن الأنشطة الأخرى. وغالبا ما يعايش مريض الاستمناءِ القهري في حياته اليومية خيالات مستمرةِ ومزعجة، قَدْ تشْغلُه عن العملِ أَو حتى اللعب، وأستطيع استنادا إلى الخبرة مع المرضى إضافة إلى القراءات المختلفة: أنه مقارنة بالممارسة الجنسية مع شريك بشري فإن الممارسة الجنسية الفردية المعتمدة على الخيال أو المواد والوسائط الإباحية تجعل الإنسان أكثر عرضة للتشوه والانحراف النفسجنسي فتحدث خيالات منحرفة أكثر بكثير لمن يمارسون الجنس فرادى، ولابد هنا من تنبيه كثيرين من الزملاء ما زالوا يردون على الأسئلة دائما بأنه "لا ضرر من العادة السرية ما دامت لا تمارس بإدمان ولا تسبب اكتئاب" إلى أن معنى إدمان العادة يفسر عند كل شخص بطريقة وكثيرون لا يرون في ممارسة الاستمناء مرة أو مرتين في اليوم سلوكا طبيعيا وليس إدمانا...
أنبه هنا إلى أن الخيالات المصاحبة للممارسة الجنسية الفردية تضع الممارس في وضع يسهل فيه الانزلاق إلى أيٍّ من أشكال الانحراف الجنسي، ومعروف في مرضى الاستمناء القهري أنه مع مرور السنوات وتقدم المرض (وهو المتوقع في مجتمعاتنا) يُصبحُ الخيال مدمرا ومريضا ويُمْكِنُ أَنْ يُؤدّي في النهاية إلى مشكلات نفسجنسية أعمق وأخطر مثل الساديةِ، الماسوشيّة، والاستعراء Exhibitionism وغيرها فضلا عن الاكتئاب والأفكار الانتحارية.
ومقارنة بكل أشكال السلوك الجنسي القهري فكثيرا ما تتسبب الطبيعة الانفرادية لسلوكِ الاستمناء القهري في تأخر الشعور أو الاعتراف بالمشكلة الجنسيِة لدى ممارسيه فضلا عن الاعتراف بالحاجة لمساعدة الطبيب النفساني. ومُدمن الاستمناءِ القهريِ أو المريض به عندما أخيرا يطلب العون من الطبيب النفساني فإنما يُريدُ غوثا مِنْ القلقِ والوساوس، والعزلة وعدم إرادة أَو العجز عن إبْقاء العِلاقاتِ العميقةِ الصحّيةِ مع بشر آخرين ليس فقط العلاقات التي تسمح له بالحصول على شريك جنسي مناسب وإنما حتى التي تسمح له بأن يتكلم عن مشكلاته الجنسية!
وأعود في النهاية لأنبه إلى أن من المهم لمن يرد طبيا بأنه لا ضرر من العادة السرية إلا إذا أدمنت أو أسرف فيها أو يرد فقهيا بجواز الاستمناء بشروط كراهةً، أو بإباحته عند الضرورة أو لتلافي معصية أكبر.... إلخ، من المهم أن يوضح المقصود بإدمان الاستمناء والإسراف فيه ومعنى كونه اختيارا أو ملجأ وحيدا من الشهوة الجنسية، وخطورة الركون لارتباطه بخيالات جنسية منحرفة... كذلك من المهم إيضاح الفرق بين الاستمناء باستدعاء الشهوة بغرض المتعة، والاستمناء لتسكين الشهوة المفرطة فالمسألة تختلط عند كثيرين من الأولاد والبنات، بكلمات أخرى علينا أن نتذكر أن ملايين من الذكور والإناث سيأخذون بفتوانا وآرائنا الطبية ويجب أن نضمن فهمهم لما نقول أنه مضر/غير مضر، جائز/محرم مكروه/منبوذ، إدمان وقهر/اختيار.... وهكذا.
وأما الإجابة على السؤال "هل ممارسة العادة السرية يوميا لمدة 18 عام يمكن أن تكون اختيارية غير مرضية؟ يمكن أن تكون اختيارية لكنها نادرا ما تبقى غير مرضية! والحالة العربية الإسلامية بخصوصها ما تزال غير معروفة علميا اللهم إلا دراسة (Abdel Mageed etal., 2007) أجريت على طالبات في جامعة الأحفاد للبنات في السودان وأظهرت ألا فرق يذكر بين معدل الاعتراف بالممارسة بين طالبات جامعات الإناث فقط 43% مقابل طالبات الجامعة المختلطة 42% وليس موضوعنا هنا أن نناقش تلك النتائج خاصة وأنني قرأت ملخصا فقط للدراسة ولم أقرأ البحث العلمي كاملا، وعلى كل لا يمكن أن تبقى هذه الجوانب من حياة أبنائنا وبناتنا مختفية وعصية حتى على الدراسة.
يمكن بكل تأكيد أن يدمن الشخص الذي يمارس الاستمناء هذه الممارسة بل إنها في شكلها القهري تعتبر أكثر شكل من أشكال إدمان الجنس، وهي أحيانا استمناء قهري بشكل وسواسي (كالذي يمارس الاستمناء على مواد إباحية فيها صور إناث عاريات ليطرد وسواس أنه لوطي) أو بشكل إدماني (كالذي لا يستطيع النوم يوميا إلا بعد أن يمارسه)... وفي النهاية تحتاج حالة الاستمناء القهري إلى دراسة مستفيضة للحالة النفسية الاجتماعية وتحديد لكل الاضطرابات النفسية المواكبة من أجل وضع خطة العلاج المناسبة والأمثلة على مجانين كثيرة.
ويتبع ......... الاستمناء القهري متعلق بالخطل الجنسي - الشذوذات الجنسية مشاركة
المراجع:
Abdel Mageed, Ahmed; Ibrahim , Sara and Omer & Shima (2007): Masturbation Practice Among Eemale University Students.The Ahfad Journal VoL 24. No 1. June 2007
واقرأ أيضًا:
العادة السرية بين الطب والدين(2) / الحوار حول الجنس... متى ستمارسون؟! / نفسجنسي: العادة السرية إناث، استرجاز Masturbation / نفسجنسي: العادة السرية ذكور، استمناء Masturbation