أرسلت meme (طالبة جامعية، 21 سنة) تقول:
استفسار
في البداية أوجه جزيل العرفان والشكر العميق وتحية معبقة برائحة الزنبق والياسمين لكل أعضاء هذا الموقع العريق الذي يهدف لإزاحة هموم الناس القابعة على قلوبهم.. فجزاكم الله عنا كل خير ورزقكم الإخلاص والأجر إن شاء الله.
أما بعد،،،
لدي سؤال يحيرني جداً بخصوص جلسات العلاج مع الطبيب النفسي.. ولكنني لم أجد إجابة تريح قلبي حتى الآن...
كيف يجلس الطبيب النفسي مع مريضته؟ أليس في ذلك خلوة؟؟ وكلنا يعرف أن ذلك لا يجوز شرعاً!!
أقول ربما تكون الممرضة معهما أو الباب مفتوحاً أو أشياء من هذا القبيل.. لكن في هذه الحال فإن خصوصية وسرية الأمور التي تخبرها المريضة للطبيب لن تتحقق.
سؤالي باختصار: كيف يمكن الجمع بين السرية والخصوصية مع المريضة وبالوقت ذاته يتم تجنب الخلوة مع الطبيب...
أرجو أن تردوا علي بإجابة شافية
وكم أتمنى أن يتكرم الدكتور وائل أبو هندي مشكوراً بالإجابة علي
أطيب تحية ..
والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
11/6/2008
الابنة العزيزة "meme" أهلا وسهلا بك وأهلا باستفسارات حضرتك التي حيرتك كثيرا.... أصلا ليس ما يحدث بين الطبيب النفساني ومريضته أو العكس الطبيبة النفسانية ومريضها خلوة بالمعنى الشرعي للخلوة.... ولا أصلا يردُ الأمر في ذهننا ونحن نعمل!... ربما لأننا لم نعد نجد الوقت للتفكير في الجنس!
هناك أحكام وآداب تحكم سلوك الإنسان وهو يمارس مهنته -هناك انحرافات لا أجادل في هذا- لكنني أرى أن مفهوم الخلوة الشرعية هو بالبلدي "واحد وواحدة يأمنان عدم دخول أحد عليهما ويشتهي كل منهما الآخر جنسيا" وهذا غير متحقق في غرفة الطبيب النفساني... بصراحة ووضوح.. ما يحدث هو علاقة مهنية إما توقيع كشف الحالة النفسية الراهنة أو جلسات العلاج النفسي وكلها علاقات تبدأ بأن يدفع المريض أو تدفع المريضة أو أحد من الأهل مبلغا معينا من المال لقاء خدمة يؤديها الطبيب تستلزم تلك الخدمة انفراد الطبيب النفساني بمريضه وليس في الأمر ممارسة جنسية أصلا ومن الأساس....
وبفرض أن أحدا (الطبيب أو الطبيبة أو المريضة أو المريض) أدخل الجنس في الموضوع فإن الطرف الآخر يفترض أنه يفهم ويدرك ويمكنه إنهاء اللقاء... (نحن لا ننفرد مثلا بالمتخلفين عقليا أو غير ذوي الأهلية العقلية، لأننا نحتاج من يعطينا المعلومات ونعرف أن الطرف الآخر يحتاج مرافقا من أهله ينفذ ما ننصح به وغالبا ما يكون هو صاحب الشكوى)... وبالتالي فإن من ينفرد به المعالج أو الطبيب النفساني هو شخص عاقل ومدرك ويعرف أنه دفع أجر خدمة معينة فإذا وجدها قلبت جنسا أو إغواءً فإنه يمكنه إنهاء اللقاء إذا أراد....
وبرغم ذلك أتساءل أين هي شروط الخلوة الشرعية المقبولة والمعقولة من حالة العلاج النفساني؟؟
يجيء ذكر الخلوة الشرعية في كتب الفقه القديمة عند الحديث عن الزواج والمهر وليس في حالة العلاج النفسي، فالفقهاء يذكرون الخلوة الشرعية بين الزوج وزوجته التي عقد عليها، ولم يدخل بها، ويذكرون لها شروطاً إن وقعت فيجب لها المهر كله، فيقولون أن شروط الخلوة أن لا يكون مانع حسي من الدخول بها، كأن لا تكون حائضاً مثلاً وأن لا يكون هنالك مانع شرعي كأن يكون أحدهما صائماً صيام فريضة، وأن يوجدا في مكان يغلقان عليهما الأبواب ويسدلان الأستار، وألا يكون بينهما مميز، فهذه شروط الخلوة بين الزوج وزوجته التي لم يدخل بها....... ويقول آخر: الخلوة الصحيحة هي: انفراد الزوج بعد العقد مع زوجته في مكان بعيدا عن أعين الناس مدة تكفي للجماع (ولو لم يحصل جماع بينهما)، فيكون خلوة صحيحة،... هنا كما ترين هناك ربط بين المسألة وبين إمكانية إقامة علاقة جنسية كاملة بين زوجين!
ومن الواضح أن المسألة اختلطت بما يفهم من حديث سيد الخلق صلى الله عليه وسلم: عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال (لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم) أخرجه البخاري..... وأرى المقصود بالحديث بعيدا عن حالة الطب النفساني والعلاج النفساني لأن للخلوة شروطا وضعها الفقهاء -نابهين وغير نابهين- وليس كل انفرادٍ خلوة.. لا أدري بكل تأكيد ما هو الموقف الفقهي وأرى الفقهاء مدعوين لإعمال العقل وتدبر الموقف لتصحيح الفهم الخاطئ لدى الناس وتنبيههم إلى أن هناك أشياء أخرى في العلاقات بين الناس وليست كلها جنس في جنس يا ميمي!
ولكنني في نفس الوقت أنصح كل من لا تثق في قدرتها (أو لا يثق في قدرته) على تحاشي ممارسة الجنس إذا طلب منه أحد ذلك أو حاول إغواءه أحد، أنصحه بألا يسمح أو تسمح لأحد بأن ينفرد به ولا حتى في المصعد الكهربائي ولا سيارة الأجرة ناهيك عن العلاج النفساني!
أ.د. وائل أبو هندي
رأي الأستاذ الدكتور مصطفى السعدني:
والله كلام جميل يا دكتور وائل، ولكن دفعا للشبهات لا مانع من ترك باب غرفة العلاج مواربا والممرض أو الممرضة بالخارج سيمنعان أي شخص من الدخول أو التصنت، وخصوصا إذا طلبت المريضة أو أهلها ذلك.
أترك أنا كطبيب نفسي الباب مواربا أحيانا في جلسات العلاج النفسي لو أحسست أن المريضة بدأت تتعلق بي؛ وهذا وارد الحدوث في جلسات العلاج النفسي، من حب المريضة للمعالج ولو كان في عمر والدها، والعيب هنا ليس في حدوث تعلق المريضة بطبيبها المعالج ولكن العيب هو ألا يدرك الطبيب أن هذا الحب والتعلق قد بدأ يحدث مع جلسات العلاج النفسي، وعلاج هذا الأمر هو أن نوضح للمريضة الحقيقة، وأن العلاقة بينهما لا تزيد عن علاقة شخص مضطرب في ظروف حياتية صعبة والطبيب النفسي هو المنقذ، والشخص الذي يساعد مريضه مقابل أجر ما؛
أما إذا حدث العكس وهذا وارد، وهو أن يتورط الطبيب النفسي في حب مريضته؛ وهنا على الطبيب أن يخاف الله عز وجل ويتذكر الأمانة التي أقسم على حملها، وأنه وإن كان لا محالة فاعلا، فلتكن العلاقة بشرع الله (أقصد الزواج)، ومع توقيع عقد الزواج من مريضته عليه أن يقدم استقالته من ممارسة الطب النفسي بلا رجعة!!، سواء كان طبيبا أو أخصائيا أو ممرضا نفسيا، فانتهاء العلاقة بينه وبين مريضته بالزواج هو إعلان رسمي لفشله في ممارسة الطب النفسي، وعليه أن يبحث له عن عمل آخر يسترزق منه!!، وقد ذكرت أسباب ذلك بالتفصيل في إحدى حلقات شبهات وردود، وهذا هو نفس المفهوم الأخلاقي الذي يعتنقه أهل الغرب العاملين في مجال الطب النفسي.
أظن أنني قد أجبت على تساؤلك في هذا الموضوع يا دكتور وائل، لك مني خالص التحية والود.
واقرأ أيضًا:
حدود العلاقة بين المريض والطبيب النفسي مشاركة3 / العلاج النفسي مجرد كلام ×× / هل يصح أن يتزوج الطبيب النفسي من مريضته؟؟