لا أحد يستطيع الفصل بين ما تتعرض له الآن حماس من ضغوط للإفشال أو الاستسلام، وما حدث وما يزال يحدث لأهلنا في فلسطين المحتلة، وبين ما حدث في لبنان، ولسنا هنا بصدد مناقشة ازدواجية المعايير في تعامل الوعي العربي أو الكيل بمكيالين لأننا ناقشناها من قبل في مدونة لبنان لماذا؟ وفلسطين والعراق لا؟، وإنما جئت أتابع توجسي السابق في مدونة: ماذا... لو سلمت حماس؟.
كنت لفترة طويلة أرى حماس نموذجا للمقاومة كحزب الله هذا مثل الجهاد الإسلامي سني التوجه وذاك مثل الجهاد الإسلامي شيعي التوجه، وفي كليهما خير نسأل الله أن يعم المسلمين، وتفاءلت بانتصار حزب الله وتمنيت مثله لحماس! لكنني نسيت أن لحماس أخوة أشقاء يجعلونها على غير حال حزب الله، الإخوة الأشقاء هم مع الأسف أعداء حزب الله، وهم الدول (أو ممثلي الدول) العربية المعتدلة حسب التصنيف الأمريكي فهل ينتظر في مثل هؤلاء نصيرا لحماس؟ مع الأسف وضع حماس أسوأ بكثير من وضع حزب الله.
وبعيداً عن المقارنة التي تدخلنا في السياسة ولا داعي للكلام في السياسة في ليلة القدر وأنا أسمع الصلاة في المسجد القريب من عيادتي، أنا أكتب هنا لأصرخ أن حماس الآن هي الأولى بالدعم، أكتب لأقول أنني أوجعني وما يزال يوجعني ما أسمعه كل ليلة في أخبار الجزيرة...... إن من عجب أن أعرف أن الدول العربية المعتدلة لم يكن هناك قانون يأخذ صفة دولية يمنعهم من دعم حماس! -بصراحة كلهم غاضبون من نجاح حماس- لكن المذهل أنهم لم يكن هناك ما يلزمهم بمقاطعة حكومة حماس المنتخبة ديمقراطيا... لكنهم لا مشكورين ولا معذورين تخلوا عن دعم حماس خجلا وخوفا من هيبة السيد الأمريكي الذي التسابق لطاعة أحلامه قبل الآخرين هو سمة المعتدلين في الدول إياها.
من المخجل أن دولا كروسيا وإيران وتركيا وفنزويلا -وستر الله على ذاكرتي- وربما غير تلك الدول استقبلت وفودا من حماس وهنئوهم بالفوز في الانتخابات وبعضهم يحاول المساعدة، في نفس الوقت الذي ضرب المعتدلون كف العجز على كف الخوف ولم يتصرفوا بمسئولية عدا الوزير القطري الذي قام بمبادرة ما تزال ترضى بها حماس، بينما نجد رفضا مؤدبا لها من فتح بحجة أن حماس بعيدة في مواقفها عما يرضي عنها المجتمع الدولي، والمشكلة التي يعجزون عن فهمها في الحقيقة هي أن حماس تخاف الله أولا قبل المجتمع الدولي، هذا الخوف من الله من الصعب أن يفهمه المعتدلون فيا ترى كيف تكون تركيبة هؤلاء المعتدلين؟؟
فلننس المعتدلين الآن ودعونا نتساءل كيف يمكن للجهود الأهلية العربية المسلمة أن تدعم حماس؟ كيف وأغلبهم إلى الآن صامتون وقد تعرضوا لعملية إزالة تحسس منظمة بدأت منذ أمد بعيد، وحدث نوع من التنظيم لأسفل لحواسهم فلم يعودوا يشعرون بما يجب أن يشعروا به وهم يرون القتل والقصف والتدمير والاغتيال متتابعا لا يكاد يتوقف في فلسطين، كيف؟
والمرعب والذي لا أدري هل يفهمه الآخرون كما أفهمه هو أن المستهدف الآن من الحلف الأمريكي الصهيوني/العربي المعتدل ليس حكومة حماس فهي في النهاية مجموعة أفراد وإنما المستهدف هو الجهاد بكافة أشكاله عامة والجهاد بالسلاح خاصة أي المقاومة الإسلامية المسلحة سواء تمثلت في حزب الله أو تمثلت في حماس، هذا هو المستهدف فماذا نحن فاعلون؟
تجري الآن مبادرة للإصلاح بين حماس وفتح تقوم بها الشقيقة مصر نتمنى أن تسفر عن حل حقيقي للأزمة لكن الواضح أن شدة اعتدال الشقيقة مصر ستمنعها من ذلك،.... وبالفعل فإن ما أعلن أن المبادرة أسفرت عنه هو وقف أشكال الصراع بين فتح وحماس من أجل الحفاظ على تماسك البيت الفلسطيني، وأما النجاح الذي ننشده فهو تنازل أكبر من الحلف الأمريكي الصهيوني العربي المعتدل وهو ما سيحدث بالتأكيد إذا استمرت حماس على تماسكها، بقدر ما ستتماسك حماس وتصر على موقفها بقدر ما ستكون تنازلات الخائفين أعداء كانوا أو أشقاء، وأطن أن تأديب النفس وتقويمها كان أحد أهم دعائم تكوين المقاومة في حزب الله فهل تمتلك حماس مثله أسأل الله أن يحميها من شر الأشقاء المعتدلين!
أعود مرةً أخرى لأسأل كيف يمكن لنا أن ندعم حماس؟ هل يكفي الدعاء؟ هل عبر وسائل الجهاد المدني؟ وهل نحن فعلا مدركون لما تمثله الآن حماس؟ أتمنى أن نكون وأنا في انتظار أفكاركم حول الكيفية التي نستطيع دعم حماس من خلالها.
ملحوظة:
قبل نشر هذا المقال عرفنا أن المبادرة المصرية أسفرت بالفعل عن نوعٍ من الاتفاق استبشرت به حماس بينما لم تظهر نفس الاستبشار فتح، ودون تفاصيل في انتظار التفصيل، الحمد لله إنها عملت حاجة مصر، لسه فيها الروح ربنا يصلح حالنا وحال إخواننا المسلمين مجانين وغير مجانين.
اقرأ أيضاً:
«جريمة» حماس التي لن تغتفر / كيف نفهم الخلاف بين فتح وحماس