تقرير بعثة تقصي الحقائق
يتعرّض الصحافيون الفلسطينيون والأجانب العاملون في الأراضي الفلسطينية للتهديد من مصدرين يتمثل أولهما بالجيش الإسرائيلي المسئول منذ العام 2000 عن عدة اعتداءات بحقهم فيما يشكل ثانيهما مختلف الفصائل الفلسطينية التي لم تعد تتردد مؤخراً عن الاعتداء على كل وسيلة إعلام تنتقدها من جهة أخرى.
فأصبح قطاع غزة في العام 2006 مسرحاً للمواجهات بين الفصائل الفلسطينية حتى أن النزاعات بين الحزب الإسلامي الحاكم حماس وحركة فتح التي ينتمي إليها محمود عباس قد تسببت بمأزق سياسي حَكَمَ على المؤسسات الفلسطينية بالشلل. ولا شك في أن الانقسام السائد في السلطة التنفيذية قد أدى إلى أعمال عنف في الشارع حرمت العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي من الأمن الذي يحتاجون إليه لتأدية مهمتهم .
مع أن ممثلي مختلف الفصائل الفلسطينية والجيش الإسرائيلي عبّروا عن نيتهم احترام حرية الصحافة وعمل الصحافيين، إلا أن الأرقام المتوفّرة في هذا الصدد تتناقض تماماً مع ما تقدّموا به جميعهم. ففي خلال العام 2006 وحده، اعتدت القوات الإسرائيلية على 16 صحافياً ودمّرت مقرّات ثلاث وسائل إعلام في حين أن بعض المحاربين الفلسطينيين ألحقوا أضراراً بالغة بمكاتب سبع وسائل إعلام بين حرق وإتلاف معدّات واعتدوا على أربعة عاملين محترفين في القطاع الإعلامي وأقدموا على خطف ستة صحافيين أجانب في قطاع غزة. فدفعت هذه الحصيلة المقلقة مراسلون بلا حدود إلى التوجّه إلى قطاع غزة وإسرائيل من 4 إلى 7 كانون الأول/ديسمبر 2006 بغية التحقيق في ظروف عمل الصحافيين ومقابلة السلطات واقتراح حلول لتحصين أمنهم.
ترى مراسلون بلا حدود أن أمن الصحافيين لن يؤخذ على محمل الجد ما لم تتخذ السلطة الفلسطينية والقوات الإسرائيلية قرار تطبيق القانون عبر ملاحقة المسئولين عن الجنح بحق العاملين المحترفين في القطاع الإعلامي ومعاقبتهم وفتح تحقيقات نظامية تنشر نتائجها.
لتعزيز حماية الصحافيين الذين يغطون المناطق الخطرة، تقترح مراسلون بلا حدود ابتكار علامة مميزة تسمح بتحديدهم بشكل أفضل مع أن المنظمة تعارض بشكل عام هذه الفكرة التي يتحوّل بفعلها الصحافيون إلى أهداف كما هي الحال في العراق وفي أفغانستان حيث ازدادت المخاطر على حياة الصحافيين منذ اللجوء إلى هذه الوسيلة. ولكن الوضع في الأراضي الفلسطينية مختلف نظراً إلى وجود جيش نظامي ومحترف. كذلك، تقترح المنظمة جمع الصحافيين الفلسطينيين والإسرائيليين، والمسئولين السياسيين من الجهتين، والجنود الإسرائيليين للتفكير سوياً في هذا الموضوع والتوصل إلى حل يساهم في الحد من المخاطر التي يتعرّض لها الصحافيون العاملون في الأراضي الفلسطينية.
ومن الضروري أن تجتمع كل الفصائل الفلسطينية وتوحّد جهودها بغية إصدار بيان مشترك تدعو فيه إلى احترام عمل الصحافيين المحليين والأجانب. ولا بدّ من أن يمرّ تحسين وضع حرية الصحافة بانفتاح وسائل الإعلام الرسمية - وكالة وفا للأنباء وهيئة الإذاعة والتلفزيون (التلفزيون والإذاعة الرسميتين) - على كل الزعماء الفلسطينيين مهما كان انتماؤهم السياسي. ومن شأن إنشاء سلطة ضبط أن يسمح بمراقبة انحرافات وسائل الإعلام التي تستخدمها بعض الفصائل الفلسطينية كجهاز للبروبجاندا. أما احتراف وسائل الإعلام، أي اكتسابها مكانة يعترف الجميع بها، فيساهم في مكافحة وسم الصحافيين الذين غالباً ما يوصفون بـ"خائني الأمة" ما إن يحاولون أخذ المسافة نفسها من الأحزاب السياسية كافة.
التقرير الكامل "غزة على فوهة بركان: الصحافيون الفلسطينيون واقعون بين نارين" متوفّر على الموقع الإلكتروني www.rsf.org