كان العيد وما يزال بالنسبة للكثيرين طلة فرح وبسمة وبهجة، يتبادل الناس فيه الزيارات واللقاءات ويتمنى كل واحد منهم للآخر ما تشتهيه نفسه وما يتطلع إليه مستقبله القريب والبعيد وما حلم به غده ،وطالما شهدنا أفراحا وأعراسا تتوج في مثل هذه الأيام السعيدة.
أما نحن في العراق فالأمر على العكس تماما كنا في السابق نرضى بكل ما يجري وهنا أقصد قبل احتلال بغداد على أمل أن الضوء في نهاية النفق كما يدعون ويزعمون وأنا شخصيا لست من مشجعي اليأس ولا أمارسه مع طلابي وأهلي وأصدقائي بل حتى الذين يشعرون باليأس، وكنت دائما وأبدا أردد مقولة أن المتفائل يسقط من عمارة شاهقة ويقول في نصف الطريق الحمد لله لازلت بخير ولم أصب بأذى مع أنه في طريقه إلى الموت، كما أعلم نفسي أولا والآخرين وأردد أن المتفائل يرى في كل صعوبة فرصة، أما المتشائم فيرى في كل فرصة صعوبة، مع أن يقيني كان كبيرا وصادقا من أن الضوء لم يكن في نهاية النفق وفوجئنا في العراق حتى بعدم وجود نفق أصلا.
مرت الأيام والسنون ونحن ننتقل من سيء إلى أسوأ حتى جاء ما يعجز اللسان عن وصفه ألا وهو احتلال بلادي، توالت الأحداث والكل يعرفها ولكن ما لم يخطر ببال أحد أبدا -وأنا أتحدى أي مراقب أو محلل سياسي أن يتنبأ بمستقبل العراق من قريب أو بعيد
- أن نستيقظ في صباح أول أيام العيد بخبر مفجع تماما يثير صدمة كبيرة وهو إعدام رئيس البلاد على أيدي جلاوزة العصر- مع أني أختلف معه تمام الاختلاف في سياسته التي انتهجها بحق العراقيين وهذا الكلام لا يتصوره أحد خارج العراق ولكن نحن عشناه بكل مرارة ويصعب أن أوصل لك أخي القارئ حقيقة المأساة التي عشناها في ظل سنوات الحرمان بكل أشكاله ويتفق معي زملائي الأخصائيين ما يشكله الحرمان من عوائق نفسية وحتى عقلية ناهيك عن الحرمان الثقافي والحسي والاجتماعي والاقتصادي.
حتى أني تملكني شعور وبدأت الذاكرة تسترجع أحداثا مؤلمة حينما توفى والدي بين يديّ فكان هذا اليوم مثل شبيهه بالأمس... قلت في نفسي ولأهلي إنا لله وإنا إليه راجعون وبدأت استجمع قواي علّي أستطيع أن أكمل المشوار وأعيّد على الناس لكن ما هو أكثر فاجعة بعد أن انتهت مراسم الإعدام بقيادة ـأعزكم اللهـ حكومة المالكي ظهر أعوانه وأحباؤه ولا تنسى أخي القارئ أنهم أحباء أمريكا وإسرائيل والكويت وإيران وهم أعداء العراق والعرب والإسلام الصفويين المجوس باحتفالات ومسيرات وشماتة متناسين كل قيم الدين والأخلاق والرجولة مع أني أشك في أنهم يملكون كل هذا، قلت هؤلاء شرذمة قليلون وجهال وهم أصلا كذلك وحللتها من جانب نفسي بحت أنه يتحكم بهم ما يسمى في علم النفس العقل الجماعي أو الجمعي.
لكن ما يثير الدهشة حقيقة هذا الصمت العربي المطبق كأن ليس لهم آذان يسمعون بها أو عيون يبصرون بها أو عقول يفقهون بها، ولأي شيء كل هذا للمناصب؟سحقا، للكراسي؟ سحقا سحقا، هذا صدام أمامكم فتعلموا منه وهذا ما أرادته أمريكا حتى أن لسان حالهم يقول وقد ترددت هنا هذه المقولة على لسان أعزكم الله حكومة المالكي هذه أضحية العيد نقدمها لأصدقائنا الأمريكان واليهود وإيران والكويت، فعلى من الأضحية القادمة فليحذر الجميع!!!!!!
وتصحيحا للمفاهيم الخاطئة التي وردت في الفضائيات وسمعتها من أناس مقربين لي في الوطن العربي والعالم أقول أن العراقي الأصيل لم ولن يرضى بذلك كله وفي هذا الوقت بالذات مهما كانت درجة خلافه مع سياسة صدام حسين أما ما شاهدتموه فهو تماما كما أرادت الكويت في بداية الاحتلال أن تشوه صورة العراقي وترسم في عقل ومخيلة كل مشاهد أنه لص أو كما يسمونه الأمريكان هنا علي بابا.
بقيت نقطة أخيرة أود توضيحها هذه الحقيقة التي تتماشى مع العنوان الذي اخترته لمقالتي هذه. أقول أخي القارئ الكريم في العراق الموت علنا وفي الشوارع وعلى أيدي الحكومة أو على الأقل تحت غطائها ولتكن الحقيقة أكثر وضوحا أن القتل يطال أهل السنة فقط وبسبب حقد أعمى وهوس بالقتل، السؤال هنا من يقدم مقبلات القتل؟
خيوط كثيرة متشابكة لعلنا نستطيع في المستقبل القريب أن نحلها واحدا تلو الآخر.
واقرأ أيضًا:
لماذا تنعي مجانين صدام حسين؟ / لماذا تنعي مجانين صدام حسين مشاركتان / لماذا تنعي مجانين صدام حسين مشاركات /المواطن البابلي يعتقد بانفراج الوضع الأمني / صدّام حسين ليس بطلا