من أعظم النعم التي يمن بها الله على عبيده, الذرية الصالحة وبالأخص إن كانت من البنات؛ فهم البسمة الجميلة في المنزل؛ ومفاتيح أبواب الرزق؛ ورسل دخول الجنة فها هو نبينا الكريم محمد -صلى الله عليه وسلم- يبشر من يحسن تربيتهن بالجنة فيقول (ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فيحسن إليهن إلا كن له سترا من النار) وقد من الله علي بسرة قلبي ابنتي سارة, التي تملأ بيتي بهجة وفرحة, بل تملأ نفسي بنشوة عندما تستجيب للأذان بسرعة الظبية ذات الرشاقة الإيمانية.
ولكن منذ احتلال أمريكا للعراق, وتصاعد الإجرام الصهيوني على الأراضي المقدسة, ومع تناقل وسائل الإعلام اللقطات التي تغرق المشاهدين في بحر من الدماء, تحولت سارة بنت السنوات التسع -التي أدمنت متابعة النشرات والبرامج التي تثير قضايا المسلمين بالفضائيات المختلفة (رغم محاولاتنا المستمرة لصرفها عن ذلك)- من طفلة تسبح في براءة طفولتها إلى شيخ كبير يحمل هما يكسر ظهره فقد انصب اهتمام بنت التسع سنوات وتفكيرها على معايشة هموم المسلمين في العالم بل حاصرتني بسيل من الأسئلة التي يعجز أمامها فكرى ولساني عن الإجابة عن بعضها واسمح لي قارئي العزيز أن أضع بعض هذه الأسئلة بين يديك بعذريتها الفكرية وبراءة طفولتها ومنها:
بابا ليه المسلمين بس اللي في العالم اللي بيحصلهم كده؟
بابا أنا متأكدة إننا على حق وإن الإسلام دين عظيم وإحنا مسلمين طيب ليه مابنتجمعش ونبقى قوة واحدة؟
بابا أنا عاوزة أكبر بسرعة عشان أنا حاسة إن مفيش حد من الكبار قلبه على المسلمين اللى بيموتوا كل يوم يمكن أعمل حاجة لما أكبر؟
بابا أنا عارفة إن الكراهية شيء وحش لكن أنا بكره المجرم الشرير بوش اللي بيقتل أخواتي الصغيرين في العراق وشارون واللي بعده اللي بيقتلوا الأطفال في فلسطين يا ترى يا بابا اللي بيحكمونا بيكرهوهم زيي كده؟
بس أنا بشوفهم بيقابلوهم وبيضحكوا معاهم
هم ما بيشوفوش اللي بيعملوه في المسلمين؟
بابا هو ممكن بوش يعرف اللي أنا بقوله ده وييجى يقتلني زي ما بيقتل أطفال العراق؟ مانا بسمع حضرتك بتقول إنهم عندهم أجهزة متقدمة؟
أنا مش هخاف منه زي اللي بيقابلوه وبيضحكوا له ولما آجي أنام هحط السكينة تحت راسي صحيح يا بابا لو موِّتُّه يبقى حرام؟
بس أظن إني لو موِّتُّه أكون خدت تار أخواتي في العراق وفلسطين؟
بابا في مصيبة شفتها في التلفزيون لقيت مسلمين بيقتلوا مسلمين زيهم والمذيع بيقول إن السبب إنهم فريقين سنة وشيعة هم كلهم مش مسلمين يا بابا؟
وكمان في فلسطين بعد ما كانوا بيثأروا لينا من اليهود بقوا بيضربوا بعض هو إيه اللي بيحصل؟
بابا هو في ناس من فتح عملاء لليهود زى مابيقولو الناس ؟
أنا مش فاهمة حاجة هو إحنا هنحارب بوش واليهود ولا هنحارب بعضينا؟
بابا أنا تعبت ومش عارفة أعمل إيه؟
بابا إلحق عمو محمد اللي جنبينا عساكر كتيرة جايين ياخد,ه والضابط عمال يقل أدبه عليه وبيقول له "يلا يا بتاع الإخوان" هو بيعمل فيه كده ليه؟
دا عم محمد الناس كلها بتحبه وطيب وبيساعد كل الحي هو ده جزاته يا بابا؟
طيب هياخدوه على فين؟ وهيعملوا فيه إيه؟ يا ترى فاطمة بنته هتعيش إزاي؟ ومين اللى هيصرف عليها؟
يا بابا ده حتى خدوا عمو جمال وقالوا له "يلا يا ناصري" وعمو جرجس وقالوا له "يللا يا طائفي الناس في بلدي هياخدوهم كلهم يا بابا ولا إيه؟
هم العساكر والضباط مش بياخدوا فلوسهم عشان يحمونا ويقفوا في وش الأعداء زى بوش واليهود؟
طيب هم بياخدوا الناس الطيبة ليه ده مفروض يحموهم أنا مابقتش فاهمة حاجة خاااااااااااااااااااالص؟
كنت أتمنى إني أكون في الزمن اللي حكت لنا عليه مدرستي اللي حكم فيه المسلمين العالم وساد فيه الخير والعدل والسلام على كل الناس مش المسلمين بس إمتى يرجع ده يا بابا؟
أنا خايفة قوى من بكرة يا بابا يا ترى هيحصل لينا فيه إيه؟
وأمام هذا السيل من الأسئلة وجدتني أجيبها بكلمات مكتومة داخلي لم يسمعها أحد، معذرة يا سارة فالكل ملوث بواقع سيطر علية الأشرار بل الكل مهان، معذرة يا سرة قلبي قد مضى عهد الأحرار مضى عهد الزمن الجميل والأمة في انتظار همة الرجال.
يا سارة قد قطعت أوصالي بسهام أسئلتك القاتلة لا تخشي يا صغيرتي إنها حلكة الليل الظليم التي سيعقبها فجر ونهار وشمس للحق بازغة تمحو أثار العار.
لا تخشي يا صغيرتي على غد فالغد لنا وغدا سيندحر الأشرار فلكل جواد كبوة وكبوتنا غدا تنهار، لا تخشي يا بنيتي فبأيدينا وأيديكم تنكشف الغمة ويرفع الستار.
واقرأ أيضًا:
الموت في بلدي علنا والمقبلات مجانا / السياسة الإسرائيلية الأمريكية والموقف االمطلوب / هذه كلمات وزفرات طفلة من الاراضى الفلسطينية / هذه هي إسرائيل الطيبة يا مستر بوش..