رفض عجوز فلسطيني ملايين الدولارات التي عرضت عليه من قبل المستوطنين اليهود في تل الرميدة بمدينة الخليل جنوب الضفة الغربية من اجل بيع منزله لهم. فالحاج جميل أبو هيكل (75 عاما) يقطن في بيت متواضع جدا بأعلى قمة تل الرميدة، هذا الموقع الاستراتيجي المطل علي البلدة القديمة في الخليل، حيث غرس الاحتلال مستوطنة "رامات يشاي".
فلا أحد يستطيع الوصول إلى تلك المنطقة إلا سكانها وبتصريح خاص من قوات الاحتلال الإسرائيلي، والهدف هو تهجير من تبقي من الفلسطينيين في تل الرميدة. وهناك يعيش الحاج أبو هيكل في بيت لا يفصله عن المستوطنة سوى أسلاكها، لا بل ربما يتبادر للذهن انه جزء من المستوطنة. ويستذكر الحاج جميل أبو هيكل بداية تهويد تل الرميدة والاستيلاء عليه قائلا: لا أستطيع أن أنسى تاريخ 4/8/1984، فقد حفر في ذاكرتي وكأنه يوم ميلادي، لأنه أول غرس استيطاني في تل الرميدة، حيث حضرت شاحنة ضخمة إلى المنطقة وكانت تحمل أربعة بيوت متنقلة ووضعتها في قطعتي ارض مختلفتي الموقع، كما تمت مصادرة ارض مجاورة وتحويلها لمعسكر خاص للجيش الإسرائيلي، بهدف حماية المستوطنين.
وأضاف منذ ذلك اليوم أصبحت حياتنا كابوسا لايطاق، ماتت السعادة وأصبحت مفردات قاموسنا خالية من الفرح والبهجة والراحة والكوابيس المزعجة لا تفارقنا ليلا أو نهارا، مشيرا إلى أن هذا الحال استمر حتى منتصف الثمانينات وبالتحديد عام 1986، حيث جاء رجل يطرق باب بيتي وكان يحمل هدية قيمتها عشرة ملايين دولار نقدا، والحصول علي منزل أفخم والحصول علي أي جنسية أجنبية، سواء أمريكية أو بريطانية أو فرنسيه أو أي دولة في العالم بالإضافة إلي تقديم كافة التسهيلات مقابل ترك المنزل و إخلائه والرحيل من تلك المنطقة، مشيرا إلى أن ذلك الرجل كان الحاخام موشيه ليفنغر، صاحب فكرة إحياء الحي اليهودي في الخليل، فكان الرد الذي لم يعجب الضيف وبلا تردد هو الرفض، مما جعلنا نري شتي أنواع المعاناة، لدرجة أننا أدمنا المعاناة والألم، ولم يكد يمر يوم إلا ويعتدي علينا سواء بالضرب أو قذف الحجارة وتحطيم الزجاج والاعتقال والشتائم من قبل المستوطنين.
وأوضح العجوز الفلسطيني أن المستوطنين لم يكفوا عن محاولاتهم لشراء المنزل حيث استغلوا سفر العجوز وذهبوا لأولاده لإغرائهم بالنقود إلا أنهم رفضوا. وعن تلك المحاولة يقول العجوز: في أثناء سفري للولايات المتحدة الأمريكية عام 97 لزيارة ابني خلدون الذي يعمل هناك، وأثناء غيابي اعتقد المستوطنون إنها فرصة ذهبية لشراء منزلي من ابني هاني وابنتي هناء، حيث حضر الملياردير اليهودي إيرفنغ ميسكوفتش الذي قام بشراء جبل أبو غنيم في بيت لحم وعدد من البيوت والأراضي في القدس، ولم يكن وحيدا، بل كان يصطحب معه مبلغ عشرين مليون دولار نقدا، طمعا بشراء البيت إذا ما باع أبنائي دينهم وضميرهم، إلا أنهم رفضوا ذلك بشدة، وقاموا بالاتصال بي في أمريكا وعلي وجه السرعة حضرت إلي الخليل خوفا من انتقام المستوطنين منهم.
ويتابع الحاج بألم قائلا: أن المستوطنين استطاعوا بكل الوسائل ترحيل جزء من السكان، مشيرا إلي أن المستوطنين ليسوا هم من يقوم بترحيل السكان و إنما الجيش الإسرائيلي، فبمجرد إفراغ المنزل من السكان يقوم الجيش بالاستيلاء عليه ومن ثم يجلب المستوطنين للسكن فيه، موضحا أن ليس جميع الناس تتساوي في الإرادة والتحمل. ومع ذلك يفخر الحاج بأنه بالرغم من كافة الإغراءات والتهديدات من قبل المستوطنين وجنود الاحتلال بقي صامدا في بيته الذي بناه بتعبه وبيده طوبة طوبة، موضحا انه حرام شرعا ترك البيت فعنده الجلوس أمام البيت وسط الأشجار والمناظر الخلابة للمدينة لا يقدر بثمن.
وأضاف منزلي شوكة في حلق الاحتلال ومستوطنيه لأنه إذا ما قدر الله وتركته فيصبح حلقة وصل ما بين مستوطنة ما يسمي رامات يشاي والمستوطنات الأخرى في البلدة القديمة. ويعتب الحاج جميل لا بل أن ما يحز في نفسه كما يقول علي أهالي مدينة الخليل والمسئولين فيها الذين لم يفكر أحد منهم بزيارته أو حتى محاولة الوصول إليه، مشيرا إلي انه لم يتلق أي دعم مادي من أي جهة، سوي بعض الطرود من الصليب الأحمر.
اقرأ أيضاً :
فلسطين..... الجهاد في متناول الجميع/ التعامل مع الضغوط التي يعيشها الفلسطينيون