نيوزيلندا: حتى العام 1948، عام النكبة المشئومة، كانت نيوزيلندا مستعمرة بريطانية، تم تحررت وتحولت إلى دولة مستقلة.
قبل عدة أشهر اعتقلت السلطات المحلية عميلين للموساد الإسرائيلي بتهمة محاولة تزييف جوازات سفر. وكالعادة حاولت إسرائيل أن تحل المشكلة عبر القنوات الدبلوماسية بدون "شوشرة"، ولكن هذه الدولة الصغيرة التي يبلغ عدد سكانها نحو 4 ملايين نسمة، رفضت وقامت بمحاكمة الاثنين وزجهما في السجن، لأنها دولة تحترم نفسها وسيادتها وأراضيها وشعبها.
رئيسة الوزراء النيوزيلندية، هيلين كلارك، طالبت إسرائيل بتقديم اعتذار رسمي عن فضيحة الموساد، فرفضت الأخيرة بذرائع مختلفة، ولم يتأخر الرد فقد أعلنت رئيسة الوزراء أن بلادها ترفض استقبال رئيس الدولة العبرية، موشيه كتساب، الذي كان من المقرر أن يزور نيوزيلندا في أواخر الشهر الجاري.
دبي: إمارة دبي استقبلت قبل عدة أسابيع وفدا إسرائيليا رفيع المستوى، وتمخض الاجتماع بين الطرفين عن اتفاق لإقامة ممثليه إسرائيلية هناك. وبالمناسبة فان لإسرائيل علاقات مع دولة واحدة في الخليج العربي هي قطر، التي تتحفنا فضائيتها "الجزيرة" بمقابلات مسهبة مع مستعربين إسرائيليين في مجال الصحافة، الذين يحرضون على العرب بلكنة عبرية ويعرضون الموقف الرسمي لحكومتهم، في حين أن قناة الكنيست التلفزيونية التي أقيمت مؤخرا تستضيف النواب العرب في برامجها التي تبث باللغة العبرية فقط، ونحن نسأل لماذا لا يطالب نوابنا العرب بتخصيص برامج بالعربية، خصوصا وان مئات الآلاف من منتخبيهم لا يفهمون اللغة العبرية، ولا نعتقد أنهم يخشون المطالبة بذلك خوفا من قيام القناة بمقاطعتهم.
استراليا: كما هو معلوم فان استراليا تقيم علاقات صداقة وثيقة مع أمريكا وربيبتها إسرائيل، ولكن هذه العلاقة المتميزة لم تمنع السلطات الاسترالية من طرد القنصل الإسرائيلي من بلادها، أوري لاطي، لاتهامها إياه بالتورط في قضية عميلي الموساد اللذين اعتقلا في نيوزيلندا. والخطوة الاسترالية التي اعتبرتها إسرائيل صفعة قوية لها، جاءت أيضا من منطلق أن هذه الدولة المطبعة مع إسرائيل علانية، لا تسمح بانتهاك حرمة أراضيها والمس بسيادتها.
مصر: في مقابلة مطولة مع صحيفة معاريف تباهى وزير الخارجية الإسرائيلي "سيلفان شالوم"، بأن الرئيس المصري حسني مبارك، تحدث إلى كل مسئول إسرائيلي تحدث إليه في الفترة الأخيرة، وطلب منهم العمل على إقناع شارون بإبقاء سيلفان وزيرا للخارجية. الوزير شالوم قال أيضا أن بلاده تجري مباحثات مع عشر دول عربية لإقامة علاقات معها، أي أن اللهاث العربي للتطبيع مع إسرائيل أصبح القاعدة وليس الاستثناء في حظائر سايكس بيكو (الدول العربية). وأكثر من ذلك، زعيم حزب شاس، ايلي يشاي، زار مصر الأسبوع الماضي بناء على دعوة رسمية، حيث حاول المصريون إقناعه بقبول خطة شارون لفك الارتباط أحادي الجانب عن الفلسطينيين، بهدف فتح المجال أمام حزبه للانضمام إلى ائتلاف شارون المهزوز وتقويته. يشاي عاد إلى البلاد ولم يبلغنا حتى الآن إذا وافق على الأفكار المصرية، خصوصا وان الزعيم الروحي للحركة، الحاخام عوفاديا يوسيف، الذي قال أن العرب هم أفاع رقطاء، ما زال مصرا على موقفه الرافض للخطة.
إسرائيل: من المفارقات غير العجيبة واللا غريبة انه في نفس اليوم الذي عقدت فيه قمة شرم الشيخ قررت محكمة "العدل" العليا الإسرائيلية الموافقة على طلب حكومة شارون بالسماح لها بمواصلة بناء جدار العزل العنصري في المنطقة الواقعة شمال غرب القدس، وسمح قضاة المحكمة بتجديد العمل في مقاطع بطول 22كيلومترا من أصل 26كيلومترا. وبالتالي لا نفهم الكرنفال الذي سوقه لنا، الحكام العرب ورئيس السلطة الفلسطينية بان القمة كانت تاريخية وفاتحة لعهد جديد في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية، وعلى ما يبدو فإن الأربعة كيلومترات الباقية سيسمح في مواصلة بنائها عندما سيصل الرئيس مبارك أو الملك عبد الله إلى القدس تلبية لدعوة شارون.
فلسطين وإسرائيل: ترفض إسرائيل منهجيا إطلاق سراح أسرى الحرية الفلسطينيين الذين تصنفهم بأن أياديهم ملطخة بالدماء. كتلة السلام الإسرائيلية، وليست العربية، أصدرت هذا الأسبوع بيانا نقتبس منه ما يلي:"النقاش الدائر في هذه الأيام حول "دماء على الأيدي" في قضية الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين هو نفاق وديماغوغية، وكأن لدولة إسرائيل وجيشها أخلاقا عالية. عمليا، لجزء كبير من قادة دولة إسرائيل، بمن فيهم شارون نفسه، توجد دماء على الأيدي. آلاف الضباط والجنود الإسرائيليين مسئولون عن قتل مواطنين فلسطينيين عزل، بمن فيهم ألاف الأطفال، وبعضهم قام بإطلاق النار بنفسه أو ألقى القنبلة، والبعض الأخر أعطى الأوامر لهذه العمليات. ولو وقع أحدهم في الأسر، على سبيل المثال الطيار الذي ألقى قنبلة زنتها طن وأدى إلى مقتل 16شخصا من سكان غزة، تسعة منهم أطفال، فلا يوجد أي شك في أن إسرائيل كانت ستطالب بالإفراج عنه حتى لو حكم عليه عدة مؤبدات في محكمة فلسطينية".
فلسطين: محمود عباس أصدر أوامره باعتقال ثلاثة أعضاء في اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين ضمن سياسته المعلنة بأنه سيضع حدا للفلتان الأمني ويفرض سلطة القانون. ونحن إذ نوافقه الرأي على هذا التوجه نسأل بصوت عال: الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، احمد سعدات، المحتجز في سجن أريحا الفلسطيني قال لي هذا الأسبوع أن السلطة الوطنية لا تحترم القانون: أولا، لأنه لا يوجد قانون فلسطيني يحاكم المواطنين على التصدي للاحتلال الإسرائيلي، وثانيا لان محكمة العدل العليا الفلسطينية أقرت في شهر حزيران من العام 2002إطلاق سراحه. فلماذا يا سيد عباس لا يطبق القانون في قضية سعدات ورفاقه المحتجزين في سجن تابع لسلطتك؟ فالقانون، كما قلت أنت، سيطبق على الجميع.
سويسرا: بعد اجتياح الصفة الغربية من قبل الاحتلال في آذار من العام 2002أعلنت سويسرا عن قطع جميع علاقاتها الأمنية مع إسرائيل احتجاجا على الممارسات الإسرائيلية الوحشية في المناطق المحتلة. هذا الأسبوع زارت وزيرة الخارجية السويسرية القدس الغربية وشارون رفض الاجتماع إليها لأنها رعت مبادرة جنيف ولأنها اتهمت الاحتلال بمعاناة الفلسطينيين. وزير الخارجية شالوم، حاول إقناعها بإلغاء قرار المقاطعة على التعاون الأمني، وبما أن سويسرا تحترم نفسها وقراراتها، فإن طلب شالوم رفض جملة وتفصيلا. في المقابل أعلنت مصر والأردن عن إعادة سفيريهما إلى تل أبيب، اللذين أعيدا إلى بلادهما احتجاجا على اجتياح الضفة الغربية.
خلاصة الكلام: بناء على ما ذكر نتوصل إلى النتيجة المؤلمة بان الجامعة العربية هي عبارة عن جسم مشلول وهلامي يتخذ من غرفة الإنعاش المكثف السياسية مقرا له، وبالمقابل نفهم لماذا الاتحاد الأوروبي يعتبر لاعبا مركزيا في المجتمع الدولي، ونقول بان ديمقراطية العالم العربي وانتخاب برلمانات بصورة حرة سيقود حتما إلى تغيير الصورة القاتمة التي تسيطر على المشهد العربي الحاضر الغائب.
اقرأ أيضاً :
عجوز فلسطيني يرفض بيع بيته مقابل ملايين الدولارات/ نماذج مسلمة/ الحركة الصهيونية كمشروع غربي/ قطعة البطاطا الساخنة/ السياسة الإسرائيلية الأمريكية والموقف المطلوب/ يسوقون الوهـم ويزينون المغامرة