عندما يستقبل قادة عرب آرييل شارون ويصافحون يده الملطخة بدماء الصغار والكبار، ويرسلون إليه الوزراء والسفراء، يجدر بهم أن يتذكروا ماضي شارون وحاضره. أكمل معه بتسلسل زمني من كتاب «شارون: قيصر إسرائيلي»، من تأليف أوزي بنزمان، وهكذا:
** عندما أصبح شارون قائد كتيبة لم يعد يحتاج إلى إذن من رؤسائه لنصب كمين، وكان أن نصب كميناً لنساء من قرية قطنة كل ذنبهن إنهن كن يأخذن ماء من بئر اعتبرها شارون في «أرض» إسرائيل. وقتلت امرأتان، ورد الأردنيون، وتدخل مراقبو الأمم المتحدة. وظل ضباط الكتيبة بعد سنوات يذكرون الحادث بمرارة، فقد خاض شارون معركة من دون سبب. ووبخ جندياً رفض قتل امرأتين.
** شن غارة على قرية النبي صموئيل بعد أن رفضها قادة آخرون، ونسف مباني خالية.
** حارب بدو العزازمة في النقب، وهم مدنيون عزّل، ليرغمهم على الرحيل إلى مصر، وسجل بعض جنوده احتجاجهم.
** وافقت القيادة أمام إلحاح شارون على مهاجمة مخيم البرج في قطاع غزة، فقتل 15 شخصاً، بينهم نساء وأطفال، وعندما احتج جنوده رد «أن النساء هن عاهرات المتسللين الذين يهاجمون المدنيين الإسرائيليين».
** رئيس الوزراء بن غوريون ووزير الدفاع بنحاس لافون ورئيس الأركان موردخاي ماكليف وقائد العمليات موشي دايان اختاروا سنة 1953 قبية لغارة رداً على قتل متسللين عرب امرأة إسرائيلية وطفليها، وقاد شارون الهجوم فقتل الإسرائيليون 69 شخصاً، معظمهم من النساء والأطفال، ودمروا 45 بيتاً.
** نظم شارون غارات على أهداف عربية من دون موافقة القيادة، وكان يواجه فينكر ويكذب ويحمل غيره المسؤولية. وفي غارة على قاعدة مصرية في شباط (فبراير) 1955 قتل 38 جندياً مصرياً، وقال جمال عبد الناصر ان الغارة أقنعته بأن السلام مع إسرائيل مستحيل، وعقد صفقة الأسلحة التشيكية.
** في كانون الأول (ديسمبر) 1955 شن هجوماً على خمسة مواقع سورية وقتل 56 جندياً سورياً وأسر 32 آخرين من دون استفزاز.
** طلب الجنود والضباط محاكمته، وترأس حاييم بارليف الجلسات، إلا أنها انتهت من دون قرار. وسألت القيادة لماذا كل عملية يشترك فيها شارون تتجاوز ما اتفق عليه.
** مخاوف القيادة ثبتت في الهجوم على قلقيلية، فقد كان دايان أمره بمهاجمة مركز شرطة، إلا انه الهجوم أسفر عن مقتل 88 أردنياً. وعلى رغم المفاجأة أوقع الأردنيون خسائر كبيرة بين الإسرائيليين فقتل 18 وجرح 50 آخرون، ووبخ دايان شارون بشدة لمغامرته بأرواح جنوده، وساءت العلاقة بينهما بعد ذلك، وانتقده دايان بحدة في مذكراته.
أتوقف هنا لأقول أن «بلاءه» في سيناء، خلال العدوان الثلاثي سنة 1956 يستحق مراجعة تضيق عنها هذه العجالة. وباختصار، فبعد أن وصل الإسرائيليون إلى الجانب الشرقي من ممر ميتلا طلب شارون وألح ان يكمل، وأخيراً سمح له بالقيام بدورية استطلاع، إلا انه أخذ قوة من دبابات وناقلات جنود وسيارات شحن وجيب محاولاً احتلال الجانب الشرقي للممر ليظهر بمظهر البطل، إلا أن الإسرائيليين سقطوا في كمين مصري، وقتل 38 منهم وجرح 120 آخرون، ترك بعضهم حيث أصيبوا. وعلى رغم تدخل الطائرات بقي الجنود المصريون مرابطين في مواقعهم ويطلقون النار على الإسرائيليين.
يقول بنزمان أن جميع الضباط العاملين والسابقين هاجموا شارون بحدة، خصوصاً أنه بقي في المؤخرة، وأرسل جنوده ليموتوا. وكان رأي مهاجميه انه بقي في المؤخرة، وهذه ليست أول مرة يختبئ فيها، وانه ذهب بعد ذلك إلى بيته، وأنه شره في الأكل وقدوة سيئة، وانه حقق شهرة على حساب المظليين، وأن هناك فارقاً بين الشجاعة والتهور، وأن شارون جبان، وأن الجنود سيبقون معه على رغم كل شيء لأنه يحظى بقبول الحكومة والقيادة العسكرية.
مضت سبع سنوات بعد هجوم ممر ميتلا من دون أن يعين شارون في أي منصب قيادي مهم، فاستقال وذهب إلى كلية أركان في كيمبرلي، في انكلترا، وعندما عاد استمر الحذر منه وعين في مناصب تدريب. وأوقف عن العمل مرة بسبب ضبطه وهو يكذب، وعاد بواسطة بن غوريون. وعندما عينه اسحق رابين، وكان رئيس الأركان، قائداً للقطاع الشمالي بدأ فوراً يصعّد مع سورية ويقول انه يريد سحقها. واشتبك في الوقت نفسه مع الضباط والجنود بسبب سلاطة لسانه وسوء أخلاقه وسرعة غضبه. واتهمه الميجر جنرال مائير زوريا، قائد القطاع الشمالي بأنه مثل نرسيس في الأسطورة، فهو نرجسي لا يحب سوى نفسه، ولا يطيق أن ينجح ضابط آخر أكثر منه.
آرييل شارون سيئ الأخلاق بالكامل، وهناك قصة شخصية عنه تشرح مدى حقارته، كأي معركة ضد النساء والأطفال. كان شارون تعرف على زوجة المستقبل مارغاليت، وعمرها 15 سنة، وهي مهاجرة من هنغاريا تزوجها بعد قصة حب. وولدت له ابنه الأكبر غور الذي توفي في حادث إطلاق نار بين أولاد، واضطهد شارون أسرة المذنب حتى رحلت عن الموشاف.
في 6/5/1962 كانت مارغاليت تقود سيارتها من القدس إلى تل أبيب عندما خرجت عن خط سيرها فجأة وصدمت سيارة شحن مقبلة من الاتجاه المضاد، فقتلت، وبكى شارون لدى سماعه النبأ، الا انه بقي صامتاً في جنازتها.
الشرطة حمّلت مارغاليت مسؤولية الحادث، وقال أصدقاء لهما أن مارغاليت كانت تحب آرييل شارون وتغار عليه، وكانت تغار من أختها الصغيرة ليلي التي هاجرت إلى إسرائيل صغيرة وأقامت في بيت شارون، وأدت خدمتها في سلاح المظليين تحت إمرة شارون.
ولاحظ معارف الأسرة أن مارغاليت بدت في الأسابيع التي سبقت الحادث وكأنها تعاني حالة عصبية، أو انهياراً، وهي أسرّت لصديقة أن حياتها بائسة بسبب شكها في وجود علاقة بين أختها وزوجها.
هل ماتت مارغاليت في حادث سير عادي، أو انتحرت؟
بعد سنة من وفاتها تزوج شارون ليلي.
اقرأ أيضاً على مجانين :
شارون.. مسيح مخلص أم دجال؟ / قراءة في انتهاكات الصهاينة مع الفلسطينيين(3) / فلسطيني يروي حقائق عن التعذيب في سجون إسرائيل