قراءة في كتاب أحمد المسلماني بعنوان: ما بعد إسرائيل: بداية التوراة ونهاية الصهيونية
في كتابه عن الصراع العربي الإسرائيلي تحت عنوان: "ما بعد إسرائيل: بداية التوراة ونهاية الصهيونية"، يستعرض الكاتب المصري أحمد المسلماني، فصوله الثلاثة المتناثرة، من ما قبل إسرائيل إلى ما بعد الصهيونية. في الفصل الأول بعنوان "ما قبل إسرائيل"، توزعت على صفحات الفهرس 5 عناوين فرعية، كل منها يعالج مشهداً مختلفاً.
يقول الكاتب المسلماني في عنوانه "أديان متحركة.. ارتباك التاريخ": إن عالمان من فيينا هما الكسندر وأديث نشرا بحثاً علمياً مطولاً في العام 1998، ينهض على التأويل العلمي للتوراة. ويخلص الكاتب في عنوانه المذكور من خلال قراءاته، أن ما يلفت الأنظار في سيرة بني إسرائيل، هو هذا الارتباك الذي يحيط بكل شيء، ارتباك الخطى والاتجاه والمصير.. أو ارتباك التاريخ، مستطرداً "المسلماني" في أنه لا توجد دلائل علمية ولا وثائق لها قيمتها يمكن الاعتماد عليها في إثبات صحة وجود الشخصيات الكبرى في تاريخ بني إسرائيل باستثناء القرآن الكريم.
من "نصوص متحركة.. نقد التوراة"، وحتى "اسبينوزا.. الحركة خارج الدين"، يكشف الكاتب المصري عن علم جديد تأسس في القرن التاسع عشر، تحت عنوان "علم نقد التوراة"، حتى امتزج هذا الأخير في علم أوسع بعنوان "علم الاستشراق"، وذلك لارتباط التوراة بتاريخ المشرق القديم.. أو لأن التوراة جاءت من الشرق، وهي "التوراة" الكتاب المقدس الذي أنزله الله على موسى في سيناء، وقد توصلت جهود علماء فقه التوراة إلى أن النص الأصلي لها لا وجود له، وأن التوراة الحالية اعتمدت على مصادر إنسانية استفادت من نص قديم للتوراة.
المسلماني يذكر في كتابه، أن هذا الارتباك العقيدي في اليهودية، يعود إلى طول القرون التي فصلت بين توراة موسى وكتابة عزرا للتوراة الرسمية، وهي الفترة التي شهدت فترة السبي البابلي التي حملت الكثير من مشاعر النفي وآثار المنفى. أما عنوان "أجناس متحركة.. مشكلة السامية"، الذي ينحدر في بطن الفصل الأول، فيقول الكاتب إن "السامية ليست عنصراً أو جنساً من الأجناس، ولكنها لغة كبرى من بين اللغات، ثم انفرطت اللغة السامية الأم إلى لغات أخرى من بينها الكنعانية التي أفرزت اللغة العبرية التي لا تزال غير مكتملة البنيان حتى الآن"، ويكمل: "وعلى ذلك فاللغة العبرية تقع في موقع الحفيد الضعيف للغة السامية، ولا أساس للقول بأن اليهود يمثلون جنساً سامياً".
في "اسبينوزا.. الحركة خارج الدين"، يشرح الكاتب المصري في عنوانه المذكور، كيف أن أشهر فيلسوف يهودي منذ موسى بن ميمون، واسمه "اسبينوزا" وهو برتغالي الأصل، وولد عام 1632، كيف أنه انقلب على اليهود وفند التوراة، فيما عمل خارج الدين.
ويستعرض المسلماني في فصله الثاني "الصهيونية سيرة متفرقة"، تحت سياق العنوان "إجابة خاطئة لسؤال غير مطروح"، نكتةً بدت هي الأكثر دلالةً على ما جرى، في حكاية يعقوب أجمون، المسؤول عن احتفالات الذكرى الأربعين لتأسيس إسرائيل، فيقول (أجمون): "المشروع الصهيوني حدث فيه خطأ كبير.. فبدلاً من كندا كانت فلسطين.. ويرجع ذلك إلى تعثر لسان موسى.. فحينما سأله الإله،... أي بلد تريد؟.. قال: كاكاكا.. نانا.. فأعطاه الله كنعان بدلاً من كندا.. فهاج بنو إسرائيل وقالوا: أما كان بوسعك أن تختار كندا بدلاً من هذا المكان البائس الخرب المحاط بالرمال والعرب".
"عودة غامضة إلى أرض مجهولة"، عنوان فرعي أطلقه الكاتب المسلماني في الفصل الثاني، فيما تزاحمت العناوين الأخرى: "تعامل لا تاريخي مع أخطار عادية"، و"مفاوضات سلام تمضى من غير سلام"، ليشرح فيها الكاتب أزمة السيرة الصهيونية وأزمة المشهد السلامي الفلسطيني- الإسرائيلي، في الإطار التفاوضي.
أما الفصل الثالث والأخير، فعنوانه: "ما بعد الصهيونية"، يحكي فيه المسلماني كيف أن الصهيونية شيدت مرقدها في نشأتها.. وخلقت أزمة في كل قفزة.. وانكساراً في كل انتصار.. وجاء في العنوان: "المؤرخون الجدد.. معرفة تقارب الاعتذار"، الحديث عن مسألة التأريخ، وضرورة أن يكون الفكر العربي أكثر احتياجاً الآن، أكثر من أي وقت مضى، لعمل حركة فكرية موازية.. إلى وصف تيار ما بعد الصهيونية بالسطحية، ونعت رموزه بالجهل المعرفي والخيانة للمشروع الصهيوني ولدولة إسرائيل.
وعن "تجديد الصهيونية.. الشرق الأوسط الجديد"، يستفيض الكاتب في تقديم نظرية شيمون بيريز، صاحب فكرة "الشرق الأوسط الجديد". ويقول المسلماني: "إذا كان الوجه الأول لشيمون بيريز هو الإيمان بالحرب، والوجه الثاني هو الحديث عن السلام.. إن الوجه الثالث هو خلاصة الوجهين معاً". ويذكر أن فكرة ذلك الأوسط لم تمت، وإنما انطفأ نورها، لما شهدته الأحداث الدراماتيكية بين الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي، من إنتاج انتفاضة الأقصى الثانية في 28/9/2000، وتكشف وجه بيريز، حينما أمر الإعمال بمذبحة قانا، فيما قصد سب العرب والمصريين وهم شركاؤه في المستقبل.
وفي "الأصولية اليهودية.. أوهام المعبد الجديد"، يخلص المسلماني إلى أن ملف الأصولية معقد في كل الديانات السماوية والأرضية على السواء.. موضحاً أن الأصولية اليهودية.. إنما توجب اليقظة، ليس لصراع مع عدو سرق الأرض وهتك العرض واستحل أرواح الآخرين، بل يقظة شاملة لموجات من المخربين يزداد بأسهم يوماً بعد يوم، ويقتطعون في كل يوم أرضاً جديدة.
المصدر: المركز الصحافي الدولي
اقرأ أيضاً على مجانين :
الدعاية الصهيونية تتهم العرب ببث الكراهية والحقد/ المسيحية الصهيونية: "صهيو مسيحية أم صهيو أميركية"؟