سياسة افهموها
دخل حمار مزرعة رجل، وراح يأكل من زرعه الذي تعب في حرثه وبذره وسقيه... كيف يخرج الحمار؟؟
أسرع الرجل إلى البيت، جاء بعدَّةِ الشغل، السالفة ما تحتمل التأخير، أحضر عصا طويلة ومطرقة ومسامير وقطعة كبيرة من الكرتون المقوى كتب على الكرتون (يا حمار أخرج من مزرعتي)، ثبت الكرتونة بالعصا الطويلة بالمطرقة والمسمار، ذهب إلى حيث الحمار يرعى في المزرعة، رفع اللوحة عاليًا، وقف على هذه الحالة رافعًا اللوحة منذ الصباح الباكر حتى غروب الشمس، الحمار لم يخرج.
حار الرجل "ربما لم يفهم الحمار ما كتبتُ على اللوحة"، رجع إلى البيت ونام، في الصباح التالي صنع عددًا كبيرًا من اللوحات، ونادى أولاده وجيرانه، واستنفر أهل القرية، صف الناس في طوابير يحملون لوحات كثيرة (أخرج يا حمار من المزرعة)، (الموت للحمير)، (يا ويلك يا حمار من راعي الدار)، وتحلقوا حول الحقل الذي فيه الحمار، وبدءوا يهتفون، أخرج يا حمار، أخرج أحسن لك.
والحمار حمار، يأكل ولا يدري بما يحدث حوله، غربت شمس اليوم الثاني وقد تعب الناس من الصراخ والهتاف وبحت أصواتهم، فلما رأوا الحمار غير مبالي بهم، رجعوا إلى بيوتهم يفكرون في طريقة أخرى، في صباح اليوم الثالث جلس الرجل في بيته يصنع شيئاً آخر، خطة جديدة لإخراج الحمار فالزرع أوشك على النهاية، خرج الرجل باختراعه الجديد نموذج مجسم لحمار يشبه إلى حد بعيد الحمار الأصلي، ولما جاء إلى حيث الحمار يأكل في المزرعة وأمام نظر الحمار وحشود القرية المنادية بخروج الحمار، سكب البنزين على النموذج وأحرقه، فكبر الحشد، نظر الحمار إلى حيث النار، ثم رجع يأكل في المزرعة بلا مبالاة، يا له من حمار عنيد لا يفهم.
أرسلوا وفدًا ليتفاوض مع الحمار، قالوا له: صاحب المزرعة يريدك أن تخرج وهو صاحب الحق وعليك أن تخرج.
الحمار ينظر إليهم ثم يعود للأكل، أبو لباس بعد عدة محاولات أرسل الرجل وسيط آخر قال للحمار: صاحب المزرعة مستعد للتنازل لك عن بعض من مساحتها.
الحمار يأكل ولا يرد، ثلثها..... الحمار لا يرد، نصفها..... الحمار لا يرد، طيب حدد المساحة التي تريدها، ولكن لا تتجاوزها.
رفع الحمار رأسه -وقد شبع من الأكل- ومشى قليلاً إلى طرف الحقل وهو ينظر إلى الجمع ويفكر (لم أرَ في حياتي أطيب من أهل هذه القرية، يدعوني آكل من مزارعهم ولا يطردوني ولا يضربوني كما يفعل الناس في القرى الأخرى).
فرح الناس، لقد وافق الحمار أخيرًا.
أحضر صاحب المزرعة الأخشاب وسيَّج المزرعة وقسمها نصفين وترك للحمار النصف الذي هو واقف فيه، في صباح اليوم التالي كانت المفاجأة لصاحب المزرعة، لقد ترك الحمار نصيبه ودخل في نصيب صاحب المزرعة وأخذ يأكل، رجع أخونا مرة أخرى إلى اللوحات والمظاهرات، يبدوا أن لا فائدة، هذا الحمار لا يفهم، إنه ليس من حمير المنطقة لقد جاء من قرية أخرى.
بدأ الرجل يفكر في ترك المزرعة بكاملها للحمار والذهاب إلى قرية أخرى لتأسيس مزرعة أخرى، وأمام دهشة جميع الحاضرين وفي مشهد من الحشد العظيم حيث لم يبقَ أحد من القرية إلا وقد حضر ليشارك في المحاولات اليائسة لإخراج الحمار، جاء طفل صغير، خرج من بين الصفوف، دخل إلى الحقل، تقدم إلى الحمار وضرب الحمار بعصا صغيرة على قفاه، فإذا به يركض خارج الحقل.
تمنياتي للجميع بالتعامل مع الحمير بالعصا وليس بالهتاف والصياح